• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : باختصار ، دعوى سريانية القرآن. .
                          • الكاتب : مصطفى الهادي .

باختصار ، دعوى سريانية القرآن.

ان دعوى القرآن بأنه سرياني او كُتب بالسريانية وأن النبي كان يتكلم بالسريانية انطلقت قبل سنوات مع التخطيط لمشروع الابراهيمية ــ دين التطبيع الجديد ــ بغية دمج الديانات الثلاث في كتاب مقدس واحد ، ولعل اسوأ من كتب حول ذلك هو عالم فقه اللغة الألماني البروفيسور في اللغات السامية والعربية القديمة كريستوف لكسنبرغ حيث طرح هذا الموضوع في كتابه : فك أسرار اللغة القرآنية.ولكن كتابه اثار موجة من الجدل والسخرية خصوصا بين اقرانه الأوربيين، وكمثال على ردائة هذا الكتاب فإن البروفيسور لكسنبرغ يُفسّر لنا كلمة (حور عين) الواردة في القرآن في عدة سورة (1) يقول البروفيسور ان اصل هذه الكلمة سرياني وهي لا تعني (نساء واسعات العيون للمؤمنين في الجنة) بل ان كلمة حور عين تعني (عنب أبيض).ولدى الرجوع للكتاب المقدس لم نجد اي ذكر للعنب الأبيض، بل وجدنا أن العنب المذكور أحمر كما يقول: (غسل بالخمر لباسه، وبدم العنب ثوبه). (2) قول البروفيسور هذا اثار موجة من السخرية في اوساط الأكاديميين الأوربيين والصحافة الغربية فقالون : أن الانتحاريين ينتظرون في الجنة حوريات جميلات ، وإذا بهم يحصلون على عنب أبيض.

المراجع اللغوية تقول : أن اللغة العربية أقدم اللغات السامية، لكنها آخر اللغات السامية تدوينا ويستثنون من ذلك عربية أهل الجنوب التي دونت بخط المسند 1800 سنة قبل ميلاد المسيح ، فهذه أقدم من السريانية بألف سنة على الأقل.

وقوله تعالى (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه).يقصد القرآن به : قبلك يا محمد كل نبي نُرسله يكون بلسان قومه حيث يكون المكان الذي يُبعث فيه قاعدة لانطلاق الدعوة لأنه لا يوجد لسان موحد يجمع الناس على لغة واحدة. ولذلك بُعث نوح ولوط بالآرامية القديمة (السامانية)، وبُعث موسى بالعبرانية (العبرية) أو بلغة مصر لأنه نشأ وترعرع هناك، وبُعث عيسى في فترة كانت ثلاث لغات سائدة كما يذكر (فقرأ هذا العنوان كثيرون ، وكان مكتوبا بالعبرانية واليونانية واللاتينية).(3) والغريب ان من يزعم ان القرآن كُتب بالسريانية فاته أن التوراة والانجيل لم يذكرا اللغة السريانية ولم ترد في كل مدوناتهم التفسيرية أيضا، ولم يأت ذكرها في القرآن أيضا.

ويعتبر البعض أن السريانية اشتقت فيما بعد من الآرامية. واقول له أن التوراة كأقدم نص يذكر بأن العرب والعربية كانت موجودة قبل ظهور بني إسرائيل ، لابل ان للعرب في زمن النبي سُليمان، ملوك يحكمون وتجارة يقومون بها كما نقرأ ( الذي من عند التجار وتجارة التجار وجميع ملوك العرب والعربان أيضا أتوه بغنم).(4) وكانت هناك جهات ومناطق وبلاد معروفة بأنها للعرب حيث تنبأوا بظهور نبي منها كما نقرأ (وحيٌ من جهة بلاد العرب: في الوعر في بلاد العرب تبيتين، يا قوافل الددانيين).(5) وعندما هُزم الاسكندر في آخر حرب لهُ لم يجد مكانا آمنا سوى بلاد العرب فلجأ إليها كما نقرأ (فهرب الإسكندر إلى ديار العرب مستجيرا بهم).(6)

ولم تكن اعداد العرب قليلة آنذاك بل كانت لهم دولا وجيوشا وزعماء وملوك كما نقرأ (ثم ساروا من هناك زاحفين ،فتصدى لهم قوم من العرب يبلغون خمسة آلاف ومعهم خمس مئة فارس).(7) ولو تمعّنا في قول الكتاب المقدس (ملوك العرب ، بلاد العرب ، ديار العرب) لعرفنا أن هذه الدول أو الديار والملوك لم يكونوا طارئين بل لهم جذور تاريخية موغلة في القدم.

فإذا كانت هذه الكتب الناطقة بغير العربية تذكر تاريخ العرب وملوكهم منذ القدم ولم تذكر السريانية كلغة ، فما بالنا نرى العرب يُشككون بكتاب ذكر مُنزلهُ بأنه أنزلهُ (بلسان عربي مبين).وما بالنا نرى كل مراسلات النبي محمد (ص) إلى الروم والفرس وافريقيا واليمن كلها باللغة العربية ، والمفروض ان هؤلاء بعضهم يعرف السريانية. فهل كتب محمد للعرب القرآن بالسريانية، وكتب رسائله للسيريان بالعربية؟

المصادر:

1- حور عين ، ذُكرت في (سورة الدخان 54)(سورة الطور 20)(سورة الرحمن 72)(سورة الواقعة 22).

2- سفر التكوين 49: 11 يقول القس انتطونيوس فكري (بدم العنب) . اي بلون الدم احمر في اشارة لجرح المسيح.والخمر اشارة إلى دم الرب يسوع.فلا ذكر للعنب الأبيض كما يزعم البروفيسور.

3- إنجيل يوحنا 19: 20.

4- سفر الملوك الأول 10: 15.

5- سفر إشعياء 21: 13.

6- سفر المكابيين الأول 11: 16.

7- سفر المكابيين الثاني 12: 10

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=171737
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 08 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28