• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : دماء في شبكة.. .
                          • الكاتب : عباس البخاتي .

دماء في شبكة..

 لا يختلف اثنان على مشروعية التظاهر السلمي لجميع أفراد الشعب، للمطالبة بالحقوق وتقويم الاداء الحكومي، بل واستبدال الحكومة إن تطلب الأمر ذلك، باشتراط ضمان عدم الخروج عن الأطر الدستورية.
بعد ذلك ينبغي معرفة كيفية التظاهر وعلى من ولماذا..؟ وهل إن ما حصل في تشرين من العام الحالي بإمكانه تحقيق الأهداف التي خرج من أجلها الشباب في بغداد ومدن الجنوب..؟
مهما كانت الرؤية المطروحة قريبة من الواقع، لكنها ستعامل كنوع من الترف الفكري بنظر ذوي الضحايا من المتظاهرين والقوات الأمنية.. كذلك لن تجد التفاعل المستحق من أصحاب الحاجات الملحة وسط هذا الكم الهائل من الضجيج الإعلامي متعدد الدوافع.
إن صعوبة استشراف حل مقبول منشؤها عدم الاعتراف بالواقع السياسي من قبل الجماهير الغاضبة، والتي تنظر لرجال السياسة كخصم لدود تسبب في تلاشي الأمل بحياة هانئة ينشدها الفرد العراقي تحقق له الحصول على أبسط حقوقه كأي مواطن يعيش في بلد ديموقراطي.
القراءة المنصفة للأحداث تؤكد مسؤولية الكتل السياسية الحاكمة عن أغلب الأسباب التي اوصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن.
الإصرار على التصدي للمسؤولية رغم استمرار الفشل دون علاج لمسبباته، يحتم على المتابع الوقوف ملياً، ووضع عدة علامات استفهام حول النوايا التي تقف خلف هذا الإصرار؟
كذلك لا يمكن تبرئة الساحة الاجتماعية من مسؤولية المساهمة في صناعة هذا الواقع الفاسد، فالمجتمع شريك بشكل أو آخر بكل ما يشهده البلد من تردٍّ، وأيسر ما يتحمله هو اختياره الخاطئ لممثليه، بعيداً عن محددات النزاهة والكفاءة والإخلاص، وعدم اعتماد المشروع الوطني.
يضاف لذلك العزوف الواسع عن المشاركة في رسم المشهد السياسي الذي شهدته الانتخابات الأخيرة، والتي وجدت من خلاله أحزاب السلطة فرصتها الذهبية للقبض على مفاصل العمل التشريعي والتنفيذي وباستخدام القانون.. رغم بلوغ الشعب في معاناته حدا لا يمكن السكوت عنه..
العودة للدستور والاحتكام له باعتباره العقد الاجتماعي المتفق عليه، تعتبر حلاً لابد منه، رغم الملاحظات العديدة التي يبديها البعض عليه.. لكنه المخرج الوحيد من هذه الأزمة بعد ان وصلت إلى طرق مسدودة بالشكل الممكن.. ولا نقول عنه انه يحفظ ماء الوجه لطرفي الازمة بعد ان تحولت ساحات الاعتصام الى اللون الاحمر بدماء الشهداء من المحتجين والقوات الامنية.
التعامل مع الازمة وفق المنظور الدستوري يعتبر الملاذ الآمن للطبقة السياسية؛ كونه يضفي طابع الشرعية عليها باعتبارها حالة معترف بها دوليا رغم ما شابها من تلكؤ، لكن القول الفصل بأيدي المتظاهرين الذي يبدو انهم غير ملتفتين للعرف التوافقي والشراكة التي قامت عليها العملية السياسية بعد ٢٠٠٣، والتي حظيت بدعم اممي واقليمي.
بمعنى آخر ان شباب ساحة التحرير تعاملوا مع الازمة وفق الحالة المناطقية مما يعكس انطباعا بعدم تنسيق الجهود مع اقرانهم من شباب المنطقة الغربية، فضلاً عن اقليم كوردستان.
اذ من غير المعقول أن سكان تلك المناطق لديهم من الخدمات وفرص العمل ما يجعل خروجهم على ممثليهم في الواقع السياسي تمردا على واقعهم الجميل..! ام ان الأحداث تخفي اشياء اخرى غابت عن أذهان المراقبين؟
ما جرى يعكس استمرار التخندق خلف الحالة المذهبية والقومية، وهو ما جرى على ألسنة بعض السياسيين من حيث تعاملهم مع هذا الحراك كشأن يخص الكتل الشيعية، وهي ملزمة بتسوية الخلاف مع قواعدها الجماهيرية..!.
بناء على تلك المعطيات، نجد ان الجموع الغاضبة ستصطدم بإرادة الشركاء التي أبدت امتعاضها من بعض مطالب الجماهير: كالعودة للنظام الرئاسي وإجراء تعديلات على بعض مواد الدستور مما يعني ان الدماء التي اريقت كانت ثمناً لسقف المطالب الذي تعمدت بعض الجهات رفعه، وهي تعي ردود الأفعال مسبقا، اذ لا حل إلا بتدخل أممي، مما يعني عودة الوصاية الدولية على العراق، أو الحل الدستوري بموافقة الشركاء بداعي الحرص على المكتسبات.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=171804
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 08 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3