• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الشعائر الحسينية ـ دلالات وأهداف ونتائج .. ح 14  الشعائر جزء من مشروع الطف : .
                          • الكاتب : الشيخ محمود الحلي الخفاجي .

الشعائر الحسينية ـ دلالات وأهداف ونتائج .. ح 14  الشعائر جزء من مشروع الطف :

يوم العاشر من محرم هو ذلك المشروع الإلهي الكبير بمميزاته وعطاياه وأغراضه ونتائجه في مستقبل هذا الدين وما حصل فيه من تضحيات وقرابين ودماء سفكت في سبيل الله ،وان هذا المشروع لم ينحصر زمانا في اليوم العاشر من محرم سنة ٦٠ للهجرة ،ولم يتوقف مكانا في بقعة كربلاء ،بل أنه اتسع زمانا ومكانا ليشمل كل زمان ومكان.
فاحياء الشعائر هي ابرز ادوات هذا الإحياء العاشورائي في النفوس وتعميق هذه القضية في القلوب كما اثارها سيد الشهداء عليه السلام من خلال الجذوة التي اجج بدايتها صاحب المشروع الحسين عليه السلام وإن هذه الجذوة باقية على مر العصور والدهور وهذا ما يمكن استفادته من حديث النبي صلى الله عليه وآله عن تلك الجذوة التي اوقدت في يوم عاشوراء وبقيت إلى اليوم تنتقل في نفوس المؤمنين وتتوارثها الأجيال والتي عبر عنها النبي صلى الله عليه واله بقوله:(إن لقتل ولدي الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لاتبرد ابدا).
وهذه الحرارة هي التي تنمي الارتباط وتقويه وتعمق الولاء وحرارته لأبي عبد الله عليه السلام وللحق والدين لتظهر من خلال هذا الارتباط دفائن الفطرة التي جبل عليها الإنسان.
فهذه الحرارة التي عبرت عنها الرواية الشريفة بقيت متقدة في النفوس فهي جزء من يوم عاشوراء لان الحرارة مرتبطة بمتعلقها (قتل الحسين عليه السلام)وما يحمل هذا القربان من قيم وأهداف .
إذن المقتل زمانا هو يوم العاشر الحرارة بقيت ملازمة لذلك القربان القتيل فهنا ما يكون في العاشر من محرم سيكون في الباقي من الأيام من خصائص وأهداف.
لو رجعنا إلى الرواية الشريفة( ان لقتل ولدي الحسين حرارة لاتبرد ابدا ) نجد أنها قد ركزت على  ثلاث كلمات لها مداليل فكرية عميقة:
الاول: الحرارة والتي تتولد من الحركة التي يقوم بها الإنسان والتي تختص بجسد الإنسان.
الثاني : هذه  الحرارة في الجوانب المعنوية  ترتبط  بالقلب فهي ليست الحرارة التي تختص بالبدن والجسد بل هي حرارة مختصة بتفاعل القلب معها وانشداده إليها.
الثالث: المؤمنون وهذه  الطائفة من الناس التي اتصفت بصفة الايمان هي التي ستحمل هذه الحرارة بين جوانحها٠
إذن تكونت عندنا ثلاث علاقات (حرارة+ قلوب تتفاعل مع تلك الحرارة+ المؤمنون الذين يحملون هذه القلوب التي تحمل حرارة الانشداد والتفاعل  مع الأشياء التي تكون خارج البدن)،  وهذه العلاقات تستبطن معاني وقيم ومشاعر وأحاسيس تجاه الحق والدين والتفاعل معه.
وعليه ستكون هذه الحرارة التي منشؤها من المشاعر والعواطف والأحاسيس طريقا الى البصيرة والمعرفة.
وان حرارة الولاء التي تجذرت في قلوب المؤمنين قد أكدت على ثلاثة قيم ، تلك القيم والمعاني التي اولدها المشروع الإلهي في ملحمة الطف في العاشر من محرم من خلال ممارسة تلك الشعائر وهي:
الأول: التأكيد على منهجية الاسلام ورفض كل المنهجيات الفكرية الأخرى ٠
ثانيا: التأكيد على ممارسة تلك الشعائر التي تلازم القضية الحسينية وتحكي تفاصيلها ونقلها إلى الاجيال وهذا واضح من خلال النصوص الروائية التي وردت عن أهل البيت عليهم السلام ٠
ثالثا: هذا المنهج وتحديده للآخرين كشف عن انحراف خط المناوئين لأهل البيت عليهم السلام ومنهجهم الانحرافي المزيف ، وأنهم مهما كان عددهم  فهم في صف واحد وفي جبهة واحدة، فهم ورثة الاشقياء كما أن الامام الحسين عليه السلام  هو  وارث الأنبياء ٠

الشعائر: استفتاء على منهج عاشوراء:
تعتبر ممارسة الشعائر الحسينية  التي يمارسها شيعة أهل البيت عليهم السلام  هي بمثابة استفتاء يقوم به هولاء على صدق هذه  القضية وحقانيتها ومشروعية أهدافها أمام الرأي العام من خلال إحياء الزيارة المليونية، فهذه الزيارة بحسب النظم القانونية تعتبر استفتاء شعبي على موضوع مفصلي ومهم ، وان حقيقة هذا الأمر(الكم الهائل من الناس) يفرز في حقيقته بحسب السنن الفطرية والقواعد الاجتماعية التي فطر الناس عليها ، فهو تكييف فطري  يدفع الإنسان إلى توافق عام بين هذه الأعداد العائلة نحو قضية واحدة. فالمثول لممارسة الشعائر الحسينية هو بمثابة استفتاء لابداء رأيهم في موضوع جوهري معين ، وأنّ مايحدث  في ممارسة  الشعائر معناه ان هولاء اختاروا المنهج الذي سلكه صاحب مشروع كربلاء( الأمام الحسين عليه السلام )، وهذا الاختيار لمنهج سيد الشهداء عليه السلام  يعني العمل لهذا المنهج والسير على خطأه وأتباع للمفردات التي يتضمنها هذا المنهج من الاتباع والعمل الصالح وأداء الواجبات  التي فرضها الاسلام والانتهاء عن المحرمات التي نهى عنها ، حيث إن الامام الحسين عليه السلام  بين لنا بوصلة السير نحو الاتجاهات الصحيحة في الحياة، حيث ان الحياة محل تزاحم خط الحق والباطل والخير والشر  والهدى  والضلال ٠٠٠وإن هذا  السير على خطى المنهج الحسيني يقتضي الوقوف مع الهدى  والحق لأن من كان مع الحق لابد ان يكون ضد الباطل ، ومن كان من اهل الإيمان  لابد ان يكون ضد أهل النفاق. فقد روي عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال:
((ان حواري عيسى(عليه السلام )كانوا شيعته، وإن شيعتنا حواريونا، وما كان  حواري عيسى عليه السلام  باطوع له من حوارينا لنا..) لذا فإن ممارسة الشعائر الحسينية  تجسد هذه المنهجية التي تقتضي  العمل  باركان الاسلام و النصرة لهم في كل المواقف،  بل ان إقامة الشعائر  هي نصرة لأهل البيت عليهم السلام  واحد انواع  الولاء  لهم عليهم السَّلام  من قبل شيعتهم ٠

الشعائر الحسينية: استحضار للماضي وصناعة للحاضر:
الماضي كمرحلة زمنية لاتكون فاعلة ومشرقة في حياة الحاضرالا بوجود حضارة وقيم قد تضمنها الماضي  ، هذا إلارث المعنويّ الذي انتجه الماضي، والذي اعتمد عليه الإنسان لإكمال مسيرة حياته ، سواءٌ أكانت مظاهر معنويةاو مادية، فحينئذ يكون هذا الموروث الحضاري منتجا ومغذيا لانسان الحاضر  بالقيم عند استحضاره لها بما تحمل من قيم ومواقف ومعنويات. فالشعائر الحسينية هي استحضار لمخزون  قيمي ومبادءى ومواقف وتحياتي في سبيل الله ٠٠٠
وتضحيات في سبيل اعلى القيم التي  أرست ا سسها الشرائع الالهية وقدمت في سبيلها اقدس الدماء واطهرها من أبناء النبيين والاوصياء في يوم العاشر من المحرم ،فهذه  قيم بحد ذاتها ومنتجة لقيم أخرى ستكون في مستقبل الإنسان،  وهذا ماعبر عنه الإمام الحسين عليه السلام  بالفتح، فالشعائر تأخذ من خزين وأرث الماضي  بتصنع به حاضر الإنسان،  وعند صناعة الحاضر تبدأ  مرحلة الأعداد لتغذية المستقبل وتجهيز أدوات بنائه، واستحضار أدوات البناء وتربيته، وإن مسألة الماضي لا تكون حاجزا وعقبة من حيث كونه يشكل اساسا  من أساسيات البناء لحاضالانسان، بل ان تقادم الزمن وتصرم الايام لايغير  حقائق الأشياء،  بل انها تبقى ثابتة  وإن مرت عليها الايام والليالي الطوال، فالزمن لايغير الحق ويجعله  باطلا،  ولايجعل الباطل حقا، بل بمقتضى  معايير الحق والباطل  ، الحق يبقى حقا والباطل  يبقى باطلا، فاستعراض حوادث الطف  وبطولات اصحابها ومواقفهم وتضحياتهم وكلماتهم يوم عاشوراء  لهي اكبر خزين حضاري ومعرفة وقيمي لشيعة أهل البيت عليهم السلام،  حيث منها تتعلم  البشرية معنى الدفاع عن الحقوق ورفض الظلم واغتصاب الأموال وسلب الحريات ، والمسلمون يتعلمون معنى احقاق الحق ورفض الباطل وتحكيم شريعة الله  في الارض والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،  وتجسيد معاني التضحية في سبيل الله واسترخاص الغالي  في سبيله٠

شيخ محمود الحلي الخفاجي 20 ـ ٢١ محرم الحرام  ١٤٤٤هج٠




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=172211
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 08 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 2