• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : حوار مع السجان .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

حوار مع السجان

وقف بباب السجن فارضاً هيبته كسجان، ماسكاً بيديه الصولجان، وحوله حاشيته المسلحة، وراح يتفحص وجوهنا واحداً واحداً، وأطلق قاذفة السؤال التي تبدو إحدى مكابداته المرة: لِمَ قبِلَ امامك الرضا بولاية العهد؟ اجبته بين هؤلاء المتكدسين على الجدار: معلومة خاطئة، لم أكمل الجملة بعد وإلا وسيل من الكيبلات على ظهري ورأسي حتى أفرزوني امامه.
 نظر اليّ ثم قال: تكلم. قلت: هل عندك معلومة يا سيدي العقيد بأنه ذهب بنفسه الى مرو خراسان أم احضروه عنوة؟، اجابني: لكنه وافق على ولاية العهد، قلت: جميع المصادر التاريخية تؤكد انه رفض، لم اكمل الجملة  بعد إلا ورأيت نفسي محمولا على الاكتاف كأني كيس تمر، والكيبلات تشتغل على جسدي من كل مكان.
 ادخلوني الى غرفته ليحقق معي، طلب من الجميع الخروج، ثم سألني: هل قبل امامكم الرضا ولاية العهد أم لا؟ قلت: رفض الامام ولاية العهد، لكن إصرار المأمون كان عنيدا، فقبلها تحت التهديد المباشر والصريح، قال: المهم انه قبلها؟، شعرت ببعض الأمان؛ كونه اخرج الجميع وجعلني لوحدي معه تشجعت فعلا، فقلت له: قبلها بشروط، لكنك يا سيدي العميد هل تستطيع ان تكتشف دوافع المأمون في اختيار الرضا (عليه السلام)؟
 قال: انها سياسة، أراد ان يكسب بها جميع الجهات السياسية، ربما تعتقد انه فعلا أراد نقل الخلافة الى العلويين؟ اجابني العميد آمر السجن:ـ بالعكس كانت خطوة ذكية لترسيخ حكومة العباسيين، وابعاد المتاعب عنها لكن الذي ابحث عنه: كيف قبل ولاية العهد وهو لا يؤمن بخلافتهم؟
_ لو تسمح لي سيدي العميد هذا السؤال وجه يوما اليه من قبل الخوارج:ـ كيف دخلت لهم وهم عندك كفار؟ فأجاب (عليه السلام):ـ كدخول يوسف على فرعون وهو يعلم بكفرهم هو نبي وهم كفرة، وهؤلاء قوم المأمون موحدون، وأنا رجل من ولد الرسول اجبرني على هذا الامر واكرهني عليه.
 شعرت أن السيد العقيد بدأ يفكر في الأمر جدياً، قلت لأستثمر صمته: أعطى المأمون أمر احضار الامام بيد رجاء بن ابي الضحاك، ورسم له خارطة الطريق، ليبتعد عن مناطق تجمهر شيعته، قال العقيد آمر السجن: لكن الذي اعرفه انه وافق على ولاية العهد، قلت: انت آمر السجن وانا رجل سجين، إن كنت تريد حوار القسر فافعل، وإن كنت  تريد حوار الفكر الصادق فقد رفض الامام (عليه السلام) تنحي المأمون لصالحه كما كان يعلنها المأمون رفض الامام مسؤولية تحمله الخلافة، ثم جاءت قضية ولاية العهد بعد التنحي عن المسؤولية، فقال آمر السجن: وهل قبل بهذه الشروط، هذا يعني أن المأمون كان يريده لمنصب الخلافة؛ كي يشوّه سمعة الرضا ويحرف نظرة الناس عنه ليجعله بأعينهم وكأنه طالب خلافة، لكن المسألة تبقى لماذا قتله؟ قلت: عندما انتفض العلويون مرة أخرى، أدرك المأمون أن لا مناص من قتل الامام، صمت العقيد آمر السجن ثم نادى الحرس كي يرجعوني الى السجن، وأوصاهم بالرأفة، يا سبحان الله.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=173082
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 09 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28