في لقاء متلفز لإحدى النساء عرض على احدى القنوات الفضائية لجريمة بشعة قام به عشيق تلك الزوجة بالتخلص من زوجها الذي يكون اساسا صديقه الذي ائتمنه على نفسه بيته وعرضه فخان الصداقة وقتل صديقه بطلب منها بحجة الاهمال والضرب وتعاطيه للمشروبات الكحولية.
لو تأملنا قليلا في اسباب هذه الجريمة فهي كثيرة ولكنها جميعا متفرعة من سبب رئيسي واحد وهو الخيانة الزوجية، والخيانة عكس الامانة ومأخوذة لغةً من مادة (خون) و"تدل مادة (خون) على التنقص. يقال: خانه يخونه خَوْنًا. وذلك نقصان الوفاء"(١)،اما اصطلاحا فتعني "الخيانة تعني التفريط في الأمانة. " (٢)
وكل حياة زوجية -كمنظومة اسرية تعتبر كنواة للمجتمع- تعترضها احيانا بعض التصدعات والانكسارات لظروف طارئة وبتفاهم الزوجين ومشاركتهما حل تلك الازمات وترميم تلك التصدعات
للنجاة من هدم ذلك الكيان المقدس وهو الاسرة خاصة اذا ما كان يربط الزوجين اولاد.
الخيانة الزوجية مهما كانت اسبابها فهي ليست مبررة لها بأي حال من الاحوال، ولكن سنذكرها على نحو الاجمال لا الحصر، فمن اسباب انتشار هذه الظاهرة بشكل كبير في مجتمعنا الملتزم هو الانفتاح الكبير على الشبكة العنكبوتية وتأثير الانترنيت على مستخدميه بالشكل غير الصحيح لضعف الوازع الديني والاخلاقي لدى المستخدمين اضافة الى الاهمال الزوجي او العنف الاسري والفقر والبطالة وسوء التربية او بتأثير الاعلام الضال الذي يصدر لنا هذه الظاهرة بشكل طبيعي في الدراما او السينما لدرجة يتعاطف بها المشاهدون مع الخائن او الخائنة، او احيانا تأتي الخيانة الزوجية كردة فعل لخيانة الشريك، كما صرح العقيد عزيز ناصر في احدى لقاءاته انه خلال ١١ شهرا رفعت ٢٥٠٠ دعوة قضائية لخيانة الزوجة في محكمة الكرخ فقط -غير التي لم تسجل- ولم تثبت اي دعوة منها وهذا مؤشر خطر جدا على النسيج الاسري والاجتماعي من خلال تلفيق دعاوي الخيانة الزوجية من قبل الازواج لكسب حضانة الاولاد والانتقام من الزوجة.
فالخيانة الزوجية تعد مفتاحا لجرائم متعددة وكثيرة منها القتل والخطف والانتحار والابتزاز الالكتروني والعنف الاسري والدكات العشائرية وغيرها كثير.
وعلينا ان نعلم الفرق بين الخيانة الزوجية وزنا الزوجية في القانون العراقي حيث يختلط المفهومان على الكثيرين، فالخيانة الزوجية لا تعتبر جرما وانما ادلة وقرائن الخيانة الزوجية كالصور والتسجيلات تنفع كسبب للتفريق بين الزوجين حسب المادة (٤٠) من قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم (١٨٨) لسنة
١٩٦٩، بينما جرمت المادة (٣٧٧) من قانون العقوبات العراقي رقم (١١١) لسنة ١٩٦٩ زنا الزوجية وفرضت عليه عقوبة جزائية بالحبس اذا كانت الخيانة في منزل الزوجية.
ومعالجة هذه الآفة المنتشرة في مجتمعاتنا تكون بتقوية الايمان بالله تعالى واجتناب الآثام وتربية النفس على الهدى ومحاربة هوى النفس، اضافة الى الترابط الاسري واحتواء الزوجين لبعضهما وحفظ خصوصيات العائلة فالبيت سكن الاسرة وليس مقهى دائمي لأصدقاء الزوج الذي يترك لهم حرية الاختلاط بعائلته وزوجته، وتهيئة الوالدين للأولاد ذكورا واناثا للزواج من خلال توعيتهم وارشادهم وتهيئتهم للحياة الزوجية وطبيعتها، اضافة الى دور مؤسسات الدولة واعلامها ومراكز الارشاد الاسري في محاربة هذه الظاهرة، وبتظافر الجهود الفردية والحكومية ننظف المجتمع من هذه الافة التي تنخر بنواة المجتمع واساسه.
الهوامش
--
(١) مقاييس اللغة، ابن فارس ج٢، ص٢٣١.
(٢) المفردات، الراغب الاصفهاني، ص ٣٠٥.
|