مثلت حياة الفقيد سماحة السيد صالح الحكيم خصوصية فريدة كونها مرت بأدوار متعددةيصعب الاحاطة بها ، لتغير اماكن ولادته عن نشاته عن مسيرة شروعه وعمله وهجراته المتكررة الىاستقراره الاخير في النجف الاشرف، ربما لم يشتهر لهذه الاسباب ولظروف عدة ، ولكنه أِشتهر بينكل من بحث عن النجف والسلام والتعايش كونه اخذ على عاتقه حمل رسالة النجف يجوب بهابلدان العالم والمحافل الدولية سفيراً لرغبة المرجعية الدينية في الحوار والتعريف بدور النجفورسالتها الانسانية.
بدأ مشواره بما حمله من همٍ وأفكار تمثل بحجم المتغيرات السياسية التي رافقت بداية نشأتهوانتقاله الى العاصمة بغداد ليكثف تدريسه ولقاءاته مع النخب والشخصيات ليساهم في صناعةوعي ضمن اطار حراك النجف الاشرف لتوجيه المؤمنين وصد الانحرافات، مع ما ابتلي به منتضييق ومطاردة انتهت باعتقال افراد اسرته التي غيبت في المقابر الجماعية وهم كل من والدهووالدته واثنان من اخوته وكذلك اخته العلوية رحمهم الله تعالى ، ليعيش هذه المسؤولية الكبيرةويحتسب امره الى الله لينتقل بعد ذلك الى الجمهورية الاسلامية ليقضي فترة من الزمن متنقلامنها الى بلدان عربية لغرض التبيلغ ، ولم تدم الايام الا واتخذ قراره بالهجرة الى أوربا لتكونمحطة انفتاحه على المؤسسات والشخصيات الاجنبية ، ليؤسس لافكار حوارية تهدف للتعريفبين الثقافات ليساهم في نقل تجربة النجف وتاريخها الى المجتمعات والمؤسسات البحثيةالمختصة.
امتاز بالشخصية القوية والجراءة مع استئناسه بالسؤال وكثرة الاستشارة وعرض موضوعاتهومشروعاته على كبار اساتذة الحوزة العلمية لينطلق ناقلا لرؤى المراجع الى مكونات الشعبالعراقي في الوحدة والتلاحم والتعايش ، كثير التواضع والطيبة لطالما كانت ترد على لسانه كلمة"أستفدت منه" في اشارة لمن يأخذ منه المعلومة ، حصل على اشادات عدة من جهات دوليةلاسهاماته ودوره في تعزيز مفاهيم العدالة والسلام ودعم مشاريع التقارب والوحدة .
- تحدث به مراراً عن المرجعية الدينية : " انّها قيادة روحيّة فريدة تستحق من الباحثين الوقوفعندها و دراسة عناصر قوّتها و تأثيرها ". وكذلك قوله : " تدعو المرجعيّة في النجف الأشرف إلىالاعتدال و اعتماد رأي الشعب و إحترام القانون و تدعو إلى دولة تحترم القيم الإنسانيّة و الدينيّة".
كثرة أسفاره وطيبة نفسه وخلقه جعلت منه صديقاً لعديدين ، وما ان تجلس مع احد الا ويحدثك عنقصة وفيها من الموعظة والملاحظة والتوجيه. وكان شديد الارتباط بأئمة اهل البيت ويحرص علىالحضور في المناسبات الدينية.
تميز بحسن البيان وقوة البديهية ومن الروائع لو أستمعت لاسترساله عن موضوعة معينة ، فكيفيترابط ويسترسل بالمسألة وجزئياتها ، بين التي يسندها الى مصدر قرأهُ وبين الاشارة الى ماأستفاده من تجربة في اسفاره المتعددة ، لاسيما في مباحث التوحيد ودور الاديان والعلاقاتالاجتماعية ، فتلحظ فيه السعة وبعد الرؤية.
وفي أحدى مؤتمرات جامعة سوتردورن ستكهولم – السويد ذكر في كلمة الافتتاح : عندما كتبتكلمتي هذهِ عرضتها على المرجع الديني أية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم في النجفالاشرف فلاحظ أني تكلمت عن النجف أكثر من ما تحدثت به عن السويد فقال لي: هذا خلافالعدالة المفروض ان تتكلم عن المدرستين بشكل متساوي او تشير في كلمتك الى عدم التساوي ،وهذه الكلمة من السيد المرجع علمتني : " إن الحق لا يأتي إلا بالإنصاف".
وأخراً أتمنى ان تجمع حواراته الشخصية مع المختصين وكلماته ومداخلته في المحافل المختلفة ،لانه ثمرة افكاره وجهده في التاسيس للحوار ورؤيته لها ليكون رحمه الله تعالى سفيراً للحوار بماتعنيه الكلمة .
|