• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ديمقراطية الرعب ؟ القسم الأول .
                          • الكاتب : اياد عبد اللطيف سالم .

ديمقراطية الرعب ؟ القسم الأول

وما أنا إلا من غزيَّة إن غوت *** غويت وإن ترشد غزيَّة أرشد

ذلك ما كان قائما قبل أن تتقدم المجتمعات وتتعلق في ركب الحضارة المدنية ، فقد تغير الأساس الذي يقوم عليه مبدأ العقوبة في الفكر البشري . فبدلا من أن تكون فكرة الإنتقام الفردي هي المتحكمة في مسألة فرض العقوبة وتنفيذها ، أصبحت فكرة الإنتقام العام (الحق العام) في القوانين الوضعية ، لإعتبار أن العقوبة فرض من السلطة الرسمية لشيء سلبي أو أليم على إنسان أو حيوان أو منظمة أو كيان ، ردا على سلوك أعتبر أنه غير مقبول من قبل فرد أو مجموعة أو كيان آخر . والسلطة إما أن تكون مجموعة أو فردا واحدا ، وقد يتم تنفيذ العقوبة رسميا في ظل قانون الدولة ، أو بطريقة غير رسمية في إطار الأعراف الإجتماعية الأسرية أو العشائرية عند ضعف الدولة . بحيث لا تعد النتائج السلبية للأفعال غير المصرح بها أو التي تم تنفيذها خارج سوح دور العدالة والقضاء . إنتقاصا من أعمال وممارسات التقاليد والأعراف الصحيحة والسليمة ، وإن لم نؤمن بها ولا نؤيدها ويتوجب إنهائها في ظل حكم القانون ودولة المؤسسات ، على الرغم من ديمومة إستنادها إلى المبررات الأساسية لفرض العقوبات وهي : الجزاء والعقاب والردع وإعادة التأهيل . لأن من بين المبررات الأربعة يعد الجزاء فقط جزءا من تعريف العقوبة ، وليس لأي من المبررات الأخرى من نتيجة مضمونة . ولأن العقوبة في الشريعة الإسلامية هي جزاء يقرره الشارع في حق كل من يخالف أحكام الشريعة الإسلامية ، أو يعين آخر على مخالفة تلك الأحكام ، فإنها حافظت على التوازن الإجتماعي الذي يجب أن تقوم عليه العقوبة ، من خلال حفظها لمعايير نسبة القياس بين الجرم والجزاء ، وهذا ما لم تلتفت إليه القوانين الوضعية التي تنظر إلى العقوبة من خلال تشريعها لأجل حفظ النظام الحاكم في البلاد ، ولهذا تجد العقوبات المقررة لبعض ما ينال من النظام لا تتناسب مع ما يقترفه الإنسان من قول أو فعل نشاز . ففي العراق يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة أو بدونها أو لعدد أقل من السنين ، كل من ينال من شخص رئيس الدولة ولو بكلمة سوء أو جملة أو عبارة واحدة ، وهذا الجزاء لا يتناسب مع الجرم الذي قرر له ، فشخص ذلك الرئيس لا يرتبط بالمطلق مع الحق بحيث يكون النيل منه نيلا من الحق ، وعليه يتوجب الحفاظ على نسبة المعايير المقرر إعتمادها عند تحديد وفرض أي نوع من كل عقوبة . مع مراعاة ما يحفظ هيبة الدولة وعدم الإنتقاص من رموزها عندما يكونون أهلا لها . ومن غير أن يفلت من العقاب العلني سارق بيت المال . أو قاتل متظاهر يريد وطن ورغيف خبز وقدح ماء . أو يسمح للقضاء بتكريم سارق كتاب ؟!.

إن قانون العقوبات المتضمن مجموع التشريعات التي تحدد نظام العقوبات المفروضة على مرتكبي المخالفات أو الجنح أو الجنايات ، لا تتحقق إستقامة عدله وإنصافه ما دامت التوجهات السياسية ومعتقدات الأحزاب والحكام ، تتلاعب في أحكامه بالحذف وبالإضافة على وفق الرغبات والأمزجة والأهواء في عهد كل نظام حكم أو حاكم جائر ؟!. وما دام الرعب المعرف والموصوف لغة على أنه الفزع والهلع والخوف ، وهي من الإنفعالات التي تثير في النفس مشاعر وأحاسيس القلق وعدم الإطمئنان ، بسبب توقع حدوث المكروه أو فوات المطلوب تحقيقه بأمان ، وقد أضيف إليهما الإرهاب أخيرا ، على أنه إلحاق الأذى والضرر بالضرورات ، المحددة بموجب قواعد وأحكام الشريعة الإسلامية الحنيفية السمحاء على أنها ( الدين والنفس والعقل والعرض والمال ) ، التي أمرت بحفظها من الضياع بالتعسف والإنتهاك ، ذلك الحفظ المصون بالحق والعدل والإنصاف المكفول بتطبيق قواعد تحريم الظلم ، ووجوب رد المظالم بالتعويض ورد الإعتبار ومحاسبة الجناة ، بإجراءات هيئات قضائية وأجهزة تنفيذية مختصة ومخولة ، مستقلة ونزيهة ، وسواء كان مصدر الإرهاب دولة أو مؤسسات ، منظومات أو تشكيلات ، أفرادا أو جماعات . وحسبما عرفناه ووثقناه بتلك الكلمات التي إحتواها كتاب لنا أصدرناه ، وأودعناه في دار الكتب والوثائق ببغداد بالرقم (345) لسنة 2009 ، وفي هذه المدونة وعلى صفحة التواصل الإجتماعي كررنا نشره ، تأكيدا لنتائج المعاناة من ضريع الرعب المؤسس لمصدر كل مغبة أمر يحقق المكروه ، أو يؤدي إلى حصول ردود أفعال أكثر سوءا وبشاعة من الخوف والفزع والهلع على حد سواء .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=173939
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 10 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12