قال الله تبارك وتعالى عن العرم الذي ورد مرة واحدة في القرآن الكريم "فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ" ﴿سبإ 16﴾ العرم بلغة حمير: السد، وقيل:هي وصف للسيل بمعنى الشديد. وقيل: العرم المطر الشديد، سيل العرم اي سيل السد ذي الماء الكثير او المطر الشّديد. ورد في معاني القرآن الكريم: عرم العرامة: شراسة وصعوبة في الخلق، وتظهر بالفعل، يقال: عرم فلان فهو عارم، وعرم كما يقال: عرم الغلام يعرم: إذا اشتد وتنكر، ومنه: عرام الجيش، وقوله تعالى: "فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ" (سبأ 17)، قيل: أراد سيل الأمر العرم، وقيل: العرم المسناة، عن مجاهد قال: العرم بالحبشة، وهي المسناة التي يجتمع فيها الماء ثم ينبثق، وقيل: العرم الجرذ الذكر، ونسب إليه السيل من حيث إنه نقب المسناة.
عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن سدير قال: سأل رجل أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: "فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ" (سبأ 19) فقال: هؤلاء قوم كان لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض وأنهار جارية، وأموال ظاهرة، فكفروا بأنعم الله وغيروا ما بأنفسهم فأرسل الله عز وجل عليهم سيل العرم فغرق قراهم وأخرب ديارهم وأذهب بأموالهم وأبدلهم مكان جناتهم جنتين ذواتي اكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل ثم قال الله عز وجل: "ذَٰلِكَ جَزَيْنَٰهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَٰزِىٓ إِلَّا ٱلْكَفُورَ" (سبأ 17).
جاء في الكافي للشيخ الكليني: قوله تعالى: "فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ" (سبأ 16) العرم: الجرذ الذكر، والمطر الشديد، وواد وبكل فسر قوله تعالى: سيل العرم. وقال الرازي: الاكل: الثمرة و "أُكُلٍ خَمْطٍ" أي مر بشع وقيل: الخمط كل شجر له شوك وقيل: الأراك. والأثل: الطرفاء وقيل: السدر لأنه أكرم ما بدلوا به. والأثل والسدر معطوفان على اكل لا على خمط لان الأثل لا اكل له وكذا السدر.
حاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى: "فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ" (سبأ 16) العرم المسناة التي تحبس الماء، وقيل: المطر الشديد وقيل غير ذلك، والاكل بضمتين كل ثمرة مأكولة، والخمط على ما قيل كل نبت أخذ طعما من المرارة، والأثل الطرفاء وقيل: شجر يشبهها أعظم منها لا ثمرة له، والسدر معروف، والأثل وشئ معطوفان على أكل لا على خمط. والمعنى: فأعرضوا أي قوم سبأ عن الشكر الذي أمروا به فجازيناهم وأرسلنا عليهم سيل العرم فأغرق بلادهم وذهب بجنتيهم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي ثمرة مرة وذواتي طرفاء وشئ قليل من السدر.
قال الله تبارك وتعالى عن كلمة جاسوا التي وردت مرة واحدة في القرآن الكريم "فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا" ﴿الإسراء 5﴾ فجاسوا: الفاء حرف عطف، جاس فعل، وا ضمير، فجاسوا خلال الديار اي تملكوا بلادكم وسلكوا خلال بيوتكم لا يخافون أحداً ويقتلونكم.
جاء في تفسير الشعراوي: قوله سبحانه: "فَجَاسُواْ خِلاَلَ الديار" (الاسراء 5) جاسُوا من جاسَ أي: بحث واستقصى المكان، وطلب مَنْ فيه، وهذا المعنى هو الذي يسمى تمشيط المكان. وهو اصطلاح يعني دِقّة البحث عن المجرمين في هذا المكان، وفيه تشبيه لتمشيط الشعر، حيث يتخلل المشط جميع الشعر، وفي هذا ما يدل على دِقّة البحث، فقد يتخلل المشط تخلُّلاً سطحياً، وقد يتخلل بعمق حتى يصل إلى البشرة فيخرج ما لصق بها. إذن: جاسُوا أي: تتبعوهم تتبعاً بحيث لا يخفي عليهم أحد منهم، وهذا ما حدث مع يهود المدينة: بني قينقاع، وبني قريظة، وبني النضير، ويهود خيبر.