• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حبيب بن مظاهر الأسدي .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

حبيب بن مظاهر الأسدي


ليس اعتباطاً أن ينفرد حبيب بن مظاهر الأسدي بمرقد وضريح بقرب ضريح أبي عبدالله الحسين عليه السلام ولم يُدفن مع الأجساد الطاهرة للشهداء .. خاصة اذا عرفنا بأن هندسة قبور الطف كانت بتخطيط وتصميم الإمام السجاد عليه السلام كما تخبرنا به كتب التاريخ الواصلة إلينا ، ومنها قبر حبيب بن مظاهر الأسدي حيث أمر عليه السلام أن يُشقّ له ضريح مما يلي الرأس الشريف .. مع ماله من محبّة في قلوب المؤمنين ، وذكر خالد قد اقترن مع تاريخ الإمام الحسين عليه السلام .. كل هذا وغيره يحثّنا على التعرّف على أسرار هذه الشخصية ومزاياها ومحاسنها التي تميّزت وتحلّت بها الى القدر الذي استحقت به هذا التميّز والتفرّد من بين أبطال كربلاء .. وسنحاول التعرف عليه ضمن نقاط :

الأولى : كان رضوان الله عليه صحابياً ممّن رأى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) ، وصحب الإمام علي عليه السلام في حروبه كلّها .

الثانية : ذكر المؤرخون أنه كان من خاصّة أمير المؤمنين وحملة علومه . وما يؤيد هذه الخصيصة هو ما رواه الكشي عن فضيل بن الزبير ، قال : مرّ ميثم التمّار على فرس له فاستقبله حبيب بن مظاهر الأسدي عند مجلس بني أسد فتحادثا حتّى اختلف عنقا فرسيهما ، ثم قال حبيب : لكأني بشيخ أصلع ضخم البطن يبيع البطيخ عند دار الرزق ، قد صلب في حب أهل بيت نبيّه ، فتبقر بطنه على الخشبة . فقال ميثم : وإني لأعرف رجلاً أحمر له ظفيرتان ، يخرج لنصرة ابن بنت نبيّه فيقتل ويجال برأسه في الكوفة ...

الثالثة : كان قارئاً للقرآن وعالماً بعلوم الشريعة ومحدّثا ، إلا أن ثمّة أسباب جعلته لم يشتهر بذلك ، ومن هذه الأسباب هو الحصار الأموي على حديث وعلماء وأعيان الشيعة والدعاية الظالمة ضدهم .. قال الإمام الحسين عليه السلام في حقّه عند مقتله : لله درك يا حبيب ، لقد كنت فاضلاً تختم القرآن في ليلة واحدة .. ثم بكى وبكى الأنصار .

الرابعة : كان ممّن كاتب الإمام الحسين عليه السلام ، ونصر مسلم بن عقيل رضوان الله عليه ، قام بأخذ البيعة للحسين عليه السلام من أهل الكوفة مع مسلم بن عوسجة .. وبعد خذلان الكوفة لمسلم بن عقيل حبسهما ( حبيب ومسلم بن عوسجة ) عشائرهما وأخفياهما .. حتى لحقا بالحسين عليه السلام في كربلا .

الخامسة : بذل جهداً في دعوة قومه الى نصرة الإمام الحسين عليه السلام بعد أن استأذن من الإمام في الذهاب الى أحد أحياء بني أسد .. ونجح في دعوته وأجابه جماعة منهم ولكن عمر بن سعد أرسل الأزرق على رأس خمسمائة فارس ومنعهم من الإلتحاق فتراجعوا بعد قتال دار بينهم وعلموا أن لا طاقة لهم بهم ، ولمّا جاء حبيب إلى الإمام الحسين عليه السلام وأخبره ، قال الإمام : " وما تشاؤون الا أن يشاء الله ، ولا حول ولا قوّة الا بالله " .

السادسة : من خلال كلامه وخطبه التي ألقاها في قومه وفي الطفّ ، تظهر شخصية حبيب بن مظاهر العارفة بمقام أهل البيت والفانية في مودتهم ، فمن خطبته لقومه عندما دعاهم لنصرة الإمام عليه السلام : ( هذا الحسين بن علي بن أمير المؤمنين وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله علي وآله قد نزل بين ظهرانيكم في عصابة من المؤمنين ... فأتيتكم لتمنعوه وتحفظوا حرمة رسول الله ص فيه ، فوالله لئن تصرتموه ليعطينكم الله شرف الدنيا والآخرة .. ) ، ومما تحدث به حبيب مع جيش عمر بن سعد : ( معاشر القوم أنه والله لبئس القوم عند الله غداً قوم يقدمون على الله ، وقد قتلوا ذرية نبيّه وعترته وأهل بيته وعباد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار والذاكرين الله كثيرا ) ..

السابعة : كان له دور في بث الأمن والطمأنينة في قلوب الفاطميات عندما تناهى إليه خبر وجلهن ورعبهن وحسرتهن .. فجمع الأصحاب وتوجه الى الخيام ونادى : يا ساداتنا ويا معشر حرائر رسول الله صلى الله عليه وآله هذه صوارم فتيانكم ، آلوا أن لا يغمدوها إلا في رقاب من يبغي السوء فيكم ، وهذه أسنّة غلمانكم أقسموا أن لا يركزوها إلا في صدور من يفرق ناديكم .. الخبر

الثامنة : كان هو شيخ الأصحاب وصاحب الرأي والمشورة في ليلة العاشر عندما بدأوا يتشاورون في خيمة حبيب ويتفقون على بروزهم للقتال أولاً ويتقدمون بني هاشم بالتضحية ويقدمون أنفسهم فداءً لهم .. فكان هذا الرأي لحبيب وأقرّه الأصحاب على ذلك .. في الوقت الذي اجتمع أبي الفضل العباس عليه السلام مع بني هاشم وقرّر أن يتقدموا هم وأنهم أولى بذلك وأن الحمل الثقيل لا يقوم به إلا أهله .. هذان الاجتماعان اطلعت عليهما الحوراء زينب عليها السلام عندما وجدت الحسين ع وحيداً في خيمته ليلة العاشر وقررت الذهاب الى أبناء عمومتها للمعاتبة .. ولكنها وجدت الأمر مختلف ورجعت حتى لاقت أبي عبدالله مبتسمة وأخبرته بما يجري في الخيام ..

التاسعة : كان أحد حملة الرايات في الطف ومن أمراء الحسين عليه السلام ، فكان ابو الفضل العباس عليه السلام مع اللواء الأعظم ومركزه القلب ، والميمنة عليها زهير بن القين البجلي ، والميسرة عليها حبيب رضوان الله عليهما .. ويذكر أبو مخنف أن مقتل حبيب هدَّ الحسين عليه السلام وقال ( عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي ) . ولعل لفظ ( حماة أصحابي ) فيه إشارة الى الخمسة الذين كانوا يلازمون حراسة الإمام الحسين عليه السلام خوفاً عليه من الغيلة والغدر وكان أحدهم حبيب وهم ( ابو الفضل ع ، علي الأكبر ع ، حبيب ونافع وزهير رضوان الله عليهما ) .

العاشرة : زيارته الشريفة ، حيث تطلعنا على مقامات ودرجات هذه الشيبة المباركة : السلام عليك ايها العبد الصالح ، المطيع لله ولرسوله ولأمير المؤمنين ولفاطمة الزهراء والحسن والحسين عليهم السلام ، أشهد أنك جاهدت في سبيل الله ونصرت الحسين ابن بنت رسول الله ، وواسيت بنفسك وبذلت مهجتك ، فعليك من الله السلام التام ، السلام عليك ايها القمر الزاهر ، السلام عليك يا حبيب بن مظاهر الأسدي ورحمة الله وبركاته .

بهكذا علم وبصيرة في الدين ، وبهكذا صحبة طويلة مع الرسول الأمين وأهل بيته الطاهرين ، ومع ملازمة للقرآن العظيم ، وهكذا دفاع وفداء وبذل وعطاء ، استحقّ حبيب بن مظاهر الأسدي كل ذلك ، وما خفي أعظم ..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=176041
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 12 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29