8- هبوب الرياح: قال الله تعالى عن الرياح في القرآن الكريم "وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" (البقرة 164) وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ: تقليبها وتنويعها، وتصريف الرياح: تقليبها جنوبا وشمالا حارة وباردة، وما أنعم به عليكم من تقليب الرياح وتوجيهها، والسحاب المسيَّر بين السماء والأرض إن في كل الدلائل السابقة لآياتٍ على وحدانية الله، وجليل نعمه، لقوم يعقلون مواضع الحجج، و "يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ" (الاعراف 57) (النمل 63) والله تعالى هو الذي يرسل الرياح الطيبة اللينة مبشرات بالغيث الذي تثيره بإذن الله، فيستبشر الخلق برحمة الله، حتى إذا حملت الريح السحاب المحمل بالمطر ساقه الله بها لإحياء بلد، قد أجدبت أرضه، ويَبِست أشجاره وزرعه، فأنزل الله به المطر، و "وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ" (الحجر 22) الرِّياحَ لَواقِحَ: تلقح السحاب و الأشجار و النباتات، وأرسلنا الرياح لواقح: تلقح السحاب فيمتلئ ماء، وأرسلنا الرياح وسخرناها تُلَقِّح السحاب، وتحمل المطر والخير والنفع، فأنزلنا من السحاب ماء، و "أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ" (الفرقان 48) الرِّيَاحَ بُشْرًا: تبشر الرياح بمجيء المطر، وهو الذي أرسل الرياح التي تحمل السحاب، تبشر الناس بالمطر رحمة منه، و "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ" (الروم 46) أن يرسل الرياح مبشرات: بمعنى لتبشركم بالمطر، ومن آيات الله الدالة على أنه الإله الحق وحده لا شريك له وعلى عظيم قدرته إرسال الرياح أمام المطر مبشرات بإثارتها للسحاب، فتستبشر بذلك النفوس، وليذيقكم من رحمته بإنزاله المطر الذي تحيا به البلاد والعباد، و "يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا" (الروم 48) لله سبحانه هو الذي يرسل الرياح فتثير سحابًا مثقلا بالماء، فينشره الله في السماء كيف يشاء، ويجعله قطعًا متفرقة، فترى المطر يخرج من بين السحاب، فإذا ساقه الله إلى عباده إذا هم يستبشرون ويفرحون بأن الله صرف ذلك إليهم، و "أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَيِّتٍ " (فاطر 9) واللهُ هو الذي أرسل الرياح فتحرك سحابًا، فسقناه إلى بلد جدب، فينزل الماء فأحيينا به الأرض بعد يُبْسها فتخضر بالنبات، مثل ذلك الإحياء يحيي الله الموتى يوم القيامة، و "وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" (الجاثية 5) تَصْرِيفِ الرِّيَاحِ: تقليبها وتنويعها، وفي تصريف الرياح لكم من جميع الجهات وتصريفها لمنافعكم، أدلةٌ وحججٌ لقوم يعقلون عن الله حججه وأدلته، و "وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ" (يونس 22) وجرين بهم بريح: وجرين فيه التفات عن الخطاب بريح طيبة لينة، و "وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ" (سبأ 12) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ: سخرنا لسليمان عليه السلام الريح، وسخَّرنا لسليمان الريح تجري من أول النهار إلى انتصافه مسيرة شهر، ومن منتصف النهار إلى الليل مسيرة شهر بالسير المعتاد. جاءت الرياح في القرآن الكريم: الرِّيَاحِ، رِيحٍ، رِيحُكُمْ، بِرِيحٍ، الرِّيحُ، رِيحًا.
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول حين هبوب الرياح القوية والغبار: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَها، وأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا)، و (الريح من روح الله، تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها، واسألوا الله خيرها، واستعيذوا بالله من شرها)، و (اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً، اللهم اعطنا خيرها وخير ماجاءت به، واكفنا شرها وشر ماجاءت به)، و (اللهمَّ لقحًا لا عقيمًا). جاء في المعجم الكبير عن ابن عبّاس: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله إذا هاجَت ريحٌ استَقبَلَها بِوَجهِهِ، وجَثا عَلى رُكبَتَيهِ، ومَدَّ بِيَدَيهِ، وقالَ: (اللّهُمَّ إنّي أسأَ لُكَ خَيرَ هذِهِ الرّيحِ وخَيرَ ما اُرسِلَت بِهِ، وأعوذُ بِكَ مِن شَرِّها وشَرِّ ما اُرسِلَت بِهِ ، اللّهُمَّ اجعَلها رَحمَةً ولا تَجعَلها عَذابا، اللّهُمَّ اجعَلها رِياحا ولا تَجعَلها ريحا).
قال الإمام عليّ عليه السلام: (الرِّياحُ خَمسَةٌ، مِنهَا العَقيمُ، فَنَعوذُ بِاللّهِ مِن شَرِّها). وقال الإمام الباقر عليه السلام: (ما بَعَثَ اللّهُ عز و جل ريحا إلّا رَحمَةً أو عَذابا، فَإِذا رَأَيتُموها فَقولوا: اللّهُمَّ إنّا نَسأَ لُكَ خَيرَها وخَيرَ ما اُرسِلَت لَهُ، ونَعوذُ بِكَ مِن شَرِّها وشَرِّ ما اُرسِلَت لَهُ، وكَبِّروا، وَارفَعوا أصواتَكُم بِالتَّكبيرِ فَإِنَّهُ يَكسِرُها). عن أبي عبد الله الحسين عليه السلام: (اطلبوا الدّعاء في أربع ساعات: عند هبوب الرّياح، وزوال الأفياء، ونزول القطر، وأوّل قطرة من دم القتيل المؤمن، فإنّ أبواب السّماء تفتح عند هذه الأشياء).
قال الاِمام الصادق عليه السلام (طلبوا الدعاء في أربع ساعات: عند هبوب الرياح، وزوال الاَفياء، ونزول القطر، وأول قطرة من دم القتيل المؤمن، فإنّ أبواب السماء تفتّح عند هذه الاَشياء)، و ( اللهم إني أسئلك خير ما هاجت به الرياح وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها اللهم اجعلها علينا رحمة وعلى الكافرين عذابا)، و ( إذا هبت الرياح فأكثر من التكبير). وقال الإمام الصادق عليه السلام: (إذا هَبَّتِ الرِّياحُ فَأَكثِر مِنَ التَّكبيرِ، وقُل: اللّهُمَّ إنّي أسأَ لُكَ خَيرَ ما هاجَت بِهِ الرِّياحُ وخَيرَ ما فيها، وأعوذُ بِكَ مِن شَرِّها وشَرِّ ما فيها، اللّهُمَّ اجعَلها عَلَينا رَحمَةً وعَلَى الكافِرينَ عَذابا، وصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ). ورد ان الريح من رَوح الله أي: من رحمة الله تعالى لعباده. ومن قرأ سوره الزلزلة تؤمن قارئها من السلطان والزلازل والصواعق ولا يصاب بآفةً.
|