• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سحب الثقة أم سحب المنصب ؟ .
                          • الكاتب : خالد محمد الجنابي .

سحب الثقة أم سحب المنصب ؟

 منذ فترة ليست بالقصيرة تتردد الجملة التي تقول سحب الثقة عن حكومة المالكي ، بعد ذلك تقلصت الجملة المذكورة وتحولت الى عبارة سحب الثقة عن المالكي .
جميعنا نعلم ان الحكومة تشكلت وفقا للاتفاقات السياسية التي دارت بين جميع الكتل والاحزاب التي شاركت في الانتخابات النيابية ، كذلك فأن رئيس الوزراء والوزراء قاموا باداء اليمين الدستورية بعد موافقة مجلس النواب عليهم جميعا سواءا كانت الموافقة بالاجماع أو الاغلبية ، وهذا يعني ان مجلس النواب المتكون من الكتل السياسية كافة هو المسؤول الاول عن تشكيل الحكومة بل ان الحكومة انبثقت منه .
في النظام البرلماني المعمول به في العراق حاليا فأن الجميع يتحمل مسؤولية الاخفاق في الأداء الحكومي ، والاخفاق لا يأتي من رئيس الوزراء مباشرة ، بل انه يأتي من اخفاق هذه الوزارة أو تلك ، وعند تراكم الاخفاقات فأنه ستفشل الحكومة في اداء واجباتها بالشكل المطلوب .
نعود للصراع الدائر حاليا بين بعض الكتل السياسية من اجل سحب الثقة عن الحكومة برمتها او عن رئيس الوزراء بشخصه ، وعند العودة لهذا الصراع نجد ان الكتل السياسية التي راحت تعقد الاجتماعات وتطلق التصريحات قد جعلت من العراق أضحوكة للآخرين نتيجة لتسرعهم في كل شيء دون ان يقدموا أي شيء للمواطن ، والعراق اليوم يعيش في مهزلة سياسية لن يمر بها سابقا وكل هذا يتحمله مجلس النواب بشكل مباشر باعتباره مسؤولا عن اداء الحكومة ، الكتل السياسية المنضوية تحت قبة البرلمان هي التي تحمي وزرائها في حال استجوابهم لأي سبب من الاسباب والجميع يتذكر مشاهد التصويت في البرلمان حين تتعلق باستجواب هذا الوزير أو ذاك وكيف تمتنع كتلته من التصويت حتى لو كان هناك مليون دليل لأدانته ولازال الشارع العراقي يذكر بألم ماآلت اليه الجلسات المخصصة لأستجواب أمين بغداد وكيف مرّ ألأمر مرور الكرام على الرغم من ان بغداد تحولت الى حاوية ازبال كبيرة في عهد ألأمين الحالي ، فمن هو المسؤول عن عدم اقالته ؟ أليس ألأمر يتعلق بمجلس النواب ؟
العراق ألان يعاني من سوء الخدمات في كافة المجالات كما يعاني من مسألة التصحر الخطيرة جدا ، علاوة على تردي التعليم في كافة مراحله دون استثناء ، ناهيك عن البطالة التي تتزايد نسبتها يوما بعد يوم ، كل هذه الامور يعاني منها العراق في الوقت الذي تضم حكومته اكثر من اربعين وزيرا ، وكل الوزراء ينتمون الى كتل واحزاب سياسية ، لكن لن نسمع يوما ان هذه الكتلة قامت بمحاسبة وزيرها او ان تلك الكتلة قامت باستبدال وزيرها نتيجة اخفاقه ، بل العكس نرى ان كتلته هي اول من يهب للدفاع عنه ، وبالنتيجة فأن مجلس النواب هو المسؤول عن كل الاخفاقات الحالية علاوة على التأخير الكبير في تشريع القوانين التي من شأنها تذليل الصعاب امام المواطن العراقي ، في الوقت الذي يقوم فيه اعضاء مجلس النواب باقرار القوانين المتعلقة بمصالحهم الشخصية بسرعة فائقة وخلال جلسة واحدة دون اي اعتراض من هذه الكتلة او تلك ، وهذا ألأمر معروف للجميع ولايحتاج الى دليل لأثباته من خلال الجلسات التي يعقدها مجلس النواب ويشاهدها المواطن العراقي المغلوب على امره بكل حسرة من على شاشات التلفاز المختلفة .
العراق الان لايحتمل أي مجازفة سياسية غير مدروسة وغير محسوبة النتائج مسبقا ، لذا فأن سحب الثقة عن الحكومة بكاملها أو عن رئيس الوزراء بشخصه يعتبر مجازفة كبيرة جدا وذات عواقب وخيمة لايعلمها سوى الله سبحانه وتعالى والسبب هو ان الحكومة تشكلت بموافقة الجميع وأي انقلاب عليها فهو انقلاب على العملية الدستورية بكاملها وهذا من شأنه ان يعيد العراق الى المربع الاول وستبرز صراعات من نوع جديد تتمثل في الشد والجذب بين الجميع وستدعم تلك الصراعات القوى التي لاتريد للعراق الاستقرار ، وسيعج البلد في حالة من الفوضى العارمة وستسيل دماء بريئة وسيزداد الوضع سوءا من كافة النواحي .
على مجلس النواب ان يراجع نفسه ويحدد مدى مسؤوليته في مايتعلق باخفاق العمل الحكومي وان يسعى لتقويم عمل الحكومة بدلا من ان يقوم بسحب الثقة عنها .
على مجلس النواب أن يحدد مسألة مهمة جدا ، تلك المسألة هل ان مجلس النواب يريد سحب الثقة عن رئيس الوزراء أم أنه يريد سحب المنصب منه ؟ واذا كان الجواب هو سحب الثقة فأن رئيس الوزراء لايتحمل مسؤولية ما آل اليه الوضع في العراق لسبب بسيط ومعروف وهو التوافقات السياسية التي افرزت هذه النتائج ، واذا كان الجواب هو سحب المنصب من رئيس الوزراء فعلى مجلس النواب ان يقدم الاسباب الخاصة بذلك وان يجعل المواطن العراقي يطلع عليها ، حيث ان رئيس الوزراء هو صاحب الاصوات الاكثر في الانتخابات النيابية ، وعلى مجلس النواب اطلاع الشعب عن سبب سحب المنصب منه .
انا اجزم ان الصراع الدائر حاليا لايراد من خلاله سحب الثقة عن الحكومة او عن رئيسها بل يراد منه سحب المنصب من رئيس الوزراء شخصيا ، خصوصا اذا ماعلمنا ان السعودية وقطر قد رصدت المبالغ اللازمة لتنفيذ الاجندة الخاصة لاستبدال رئيس الوزراء العراقي وتشاطرهما تركيا في ذات الاتجاه .
عسى ان ينظر اعضاء مجلس النواب الى مستقبل العراق وماستؤول اليه الامور في حال حدوث فراغ دستوري ، والله ولي التوفيق .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=17723
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 05 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28