كتاب (حقيقة المصالحة في العراق) للمؤلف محمود المفرجي صدر عن دار نشر في بغداد ، تناول فيه الكاتب قضية غاية في الأهمية تتعلق بالمصالحة الوطنية , وقد تصدر الكتاب مقدمتان إحداهما للكاتب حيدر الموسوي تكلم فيها عن أبعاد موضوع المصالحة من حيث الجهود المبذولة من أجل إنجاحها ,ومتى تكون هذه الجهود ناجحة, وتأتي بثمارها ؟،وهو يرى إن المؤلف أجاب عن تساؤلات عدة طرحت في مناسبات مختلفة ,وعلى عدد من النقاط التي كانت محل خلاف وإنقسام ليس بين النخب السياسية العراقية فحسب ,وإنما بين أطراف أخرى خارجية أرادت التدخل بصورة مباشرة في الشأن الوطني ,وقد حاول المفرجي أن يبعدنا عن المفهوم السائد, بأن المصالحة العراقية مرتبطة بالنخب السياسية فقط , ثم كانت هناك مقدمة للمؤلف تحدث فيها عن فكرة الكتاب, وموضوعه من حيث الصعوبات التي تواجهه لإعتبارات عديدة ,ولعل أولها فكرة قبول الآخر والتي تعد الدعامة الأساسية للنجاح خاصة إذا ما صدقت النيات, ولقد قسم المؤلف الكتاب الى ثلاثة فصول ,وملحقات تكلم في الفصل الأول منها عن فكرة, أو فلسفة المصالحة في التجربة الإسلامية ,والتجارب العالمية ، على إعتبار إن الدين الإسلامي الحنيف أشاع ثقافة التسامح والتعايش السلمي حتى في تعامله مع الأديان الأخرى.
أخذ المؤلف من سيرة النبي ( ص ) نموذجا للتحرك بإتجاه المصالحة, وكيف كان يتعامل (ص) مع الأحداث, ويذكر المؤلف أهم النقاط ,أو الأسس التي أعتمدها الإسلام, ثم لينتقل الى التجارب العالمية ,ومنها تجربة جنوب أفريقيا, وتجربة شيلي ، وتجربة غواتيمالا، وتجربة بيرو، وتجربة الأرجنتين.
أما الفصل الثاني فتطرق فيه الى الأزمة في العراق والأسباب التي دعت الى المصالحة ,وقد بين في مستهل حديثه أن هناك أزمتين أساسيتين ترتبط بهما سلسلة من المشاكل الجانبية.
الأولى أزمة سياسية ,وما تتمتع به من صراع طائفي على السلطة ، ومحاصصة في كل شيء, وعدم ثقة ,وأتهامات متبادلة الثانية أزمة أمنية يرى المؤلف إنها ولدت من رحم الأزمة السياسية .
من جانب آخر يرى أن أسباب فشل المصالحة في العراق تقف وراءها عدة أسباب آتى على ذكرها بالتفصيل, وتلخصت في ستة نقاط . ناقش المؤلف مسألة البعثيين والذين كان موضوعهم الأهم في مشهد السياسة العراقية بعد 2003 ، ثم تطرق المؤلف الى قضية مهمة أخرى مسألة المقاومة والإرهاب ,وعمد المؤلف الى التفريق بين المقاومة والإرهاب معتمداً على ماورد في القرآن الكريم أولا ,ومن ثم المعاجم اللغوية ,ورأي الفقهاء وأجتهاداتهم في هذه المسألة .
أما الفصل الثالث والأخير كان موضوعه كركوك تلك المسألة التي تبدو عصية على الحل لتداعيات وأسباب كثيرة ولكن المؤلف حاول قصارى جهده أن يناقشها من جوانب عدة ,وربما غفل عنها كثير من السياسيين أثناء طرح قضية كركوك, ويرى المفرجي إن التداعيات السياسية في العراق جعلت من كركوك قنبلة موقوته قد يؤدي إنفجارها الى إنفجار الوضع العراقي برمته, وهو يرى أن القضية قد بدأت عندما أعلن الكورد عن رغبتهم في نظام فيدرالي يضمن استقلال كركوك عن العراق ,وضمها لاحقاً الى إقليم كردستان ، يقول المؤلف "أن هناك ثلاثة إحتمالات لوضع كركوك، الأول هو إلحاق كركوك بأقليم كردستان ، والثاني جعل كركوك إقليماً قائما في حد ذاته ، والثالث الحاق المدينة بالسلطة المركزية ,ولا يستبعد المؤلف, أو يكون الرأي الثالث هو الأكثر جدوى من بين الإحتمالات الأخرى وبعد أن ينهي المؤلف موضوع الكتاب يستخلص أهم النقاط التي جاءت نتيجة هذا البحث ثم ألحق الكتاب بكلمتين أحدهما لآية الله الشيخ قاسم الطائي والأخرى لدولة رئيس الوزراء نوري المالكي بقي أن نشير أن الكتاب خلا من موضوع الفهرسة نتمنى على المؤلف أن يهتم بهذه الجزئية في الطبعات القادمة .
الصديق محمود المفرجي كاتب وباحث ويرأس حاليا وكالة محلية للأخبار في العاصمة بغداد يحمل نوايا طيبة تجاه قضايا بلده لذلك يوظف أفكاره في خدمة تلك القضايا. |