• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العرب ظاهرة شعرية ونقادهم " حكواتية " .
                          • الكاتب : ماجد عبد الحميد الكعبي .

العرب ظاهرة شعرية ونقادهم " حكواتية "

قيل ان العقلية الشرقية عقلية تحليلية وليست تركيبية ، والواقع اليوم يؤكد ان العقلية العربية هي التي تنفرد عن العقليات الشرقية الاخرى بهذه السمة ، وإذا كان هذا القول يغضب المتحمسين للعنصر العربي فان الواقع – مع الاسف – يؤكد المقولة بشدة ، وسيقول الغاضبون ان العرب اصحاب حضارة وفكر ومدنية وثقافة ... يشهد التاريخ على ذلك ، ومع الاسف – ايضا- يقع هذا الرأي ودليله فخا للوهم القائل ان ذلك من انتاج العرب ، فلم يكن التاريخ والثقافة والحضارة نتاج عقلية عربية محضة بل كان العرب قادة للجيش وساسة محنكون في تدبير المخططات والنيل من الخصوم والجلوس على سدة الحكم ، والمستثنى منهم  اسهم بصنع حضارة شعرية  ( شعر، نحو ،  فقه ، فلسفة ، تفسير ، حديث ، سيرة ، خطب ..  ) هذه علوم حكي وكلام فحسب ولم تسهم في تحريك الواقع العلمي والمادي خطوة نحو الامام ، كلها عبارة عن : قال فلان وحدثنا علان .. والنتيجة لازال العربي كسلان !!     

لماذا لا ننتج نظرية نقدية ؟ لاننا لا نستطيع ان ننتج سيارة ؟ لماذا لا ننتج فلسفة عربية خاصة  لاننا مستهلكون جيدون لما ينتجه الفلاسفة الغربيون ، نستهلك السيارة والفلسفة معا والدليل اننا   انتجنا ثورات عربية  بلا مهاد فكري لان النقاد والمفكرين لم ينفكوا من النظر الى الاخر بوصفه المنتج وهم المستهلكون ، وعلاوة على ذلك يصنف العرب – اليوم – بانهم من اكثر الشعوب استعمالا للانترنت ، ولكن في اي مجال منه ؟ طبعا , في صفحات الحكي والمواقع الاجتماعية ومشاهدة افلام و مقاطع اليوتيوب ( ثقافة حكي وكلام فارغ ، وبمعنى اخر مسامرات ليلية وزيارة ديوانيات ) ، لذلك  تضطرب المواقع بكثرة المحللين والنقاد السياسيين و اصحاب الافكار العظيمة في الانتقاد والانتقاص من الاخر ،  وكأننا نعيد انتاج ثقافة الاجداد في نظريات النحو ومدارسه البصرية والكوفية و البغدادية والمصرية وغيرها ،  تنظير وتعقيد وغموض والنتيجة كل العرب يتكلمون بلهجاتهم المحلية ، واذا كان العرب في  الماضي يكتبون بلغة عربية موحدة فان الانترنت جعلهم يكتبون كما يتحدثون  ( اي بلهجاتهم المحلية )، نفاق ودجل وحكي وتنظير بلا اية وظيفة اجتماعية ( عدا التسلية واستهلاك الوقت كما فعلت شهريار: في ليلة ويوم ، اقصد :  في يوم وليلة ).
  فالرواية - مثلا- والتي تأتي  بعد الشعر مرتبة ( وهما - ايضا- عبارة عن افعال كلامية لا غير ) تحتل النصيب الاوفر في الخطاب النقدي المعاصر لانها عبارة عن سوالف وحكي ، فلم يستطع اعظم الرواة العرب والحائز على جائزة نوبل للآداب ان ينتج لونا من المعرفة العملية التي تسهم في تغيير حركة الواقع ( لا في زمن محفوظ ولا في زمان وائل غنيم ) ، الروايات اما للتسلية  او لإظهار التمكن الثقافي أو الشهرة وفي الاعم الاغلب  ( حرفة و وسيلة عيش ) ، وكذلك حال الخطاب النقدي المرافق للرواية ، عنوانات كبيرة بلا ثمر: ( السردية العربية) ، و(السردية الغربية ) ، و ( ما بعد المركزية الاوربية) و( ما بعد الاستعمار) ، سوالف و تنظيرات مبنية على اسس فكرية غربية ولا وجود لفعل او ممارسة حقيقية ، ثم يظهر ناقد مثل الغذامي بنظرية النقد الثقافي وصناعة الطاغية وهو اكبر رجعي محافظ يخضع لحكم ملكي وراثي  لم يسهم فكره في تقديم اية خطوة عملية باتجاه تغيير الواقع بل و الانكى من ذلك ان المحافظين من السلفية يهللون  لأعماله ويتفاخرون بقراءتها .          
  ان العقلية العربية تحليلية وليست تركيبية ومن يعترض على ذلك بحجة وجود بعض الافراد من العرب والمفكرين فهؤلاء  عبارة عن افراد لا يشكلون ظاهرة معرفية ، فسعيد مثلا قدم لنا جهودا استثنائية في كشف حقيقة الاستعمار لكننا لم نستفد منه في حين استطاع الاخرون الاهتمام بمشروعه  وتبني اشياء كثيرة من افكاره ، فمثلا طورت غاياتري سبيفاك فكرة التابع وقدمت دراسات في تجديد  التاريخ المحلي ، وأفاد هومي بابا من طروحات سعيد في دراسة ثقافة الاعراق المهاجرة  والتي تعيش على حدود الثقافات الاوربية ، ولم يستفد منه العرب في انتاج مفهوم جديد عن علاقتهم مع الاستعمار و الهيمنة  التي تحيط بواقعهم من كل جانب . 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=17921
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 05 / 31
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29