• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : ( تأملات في كتاب المصابيح  لسماحة السيد احمد الصافي) ج(9) ( الحرمان )  .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

( تأملات في كتاب المصابيح  لسماحة السيد احمد الصافي) ج(9) ( الحرمان ) 

  عملية  الحوار مع المضمون الدعائي لفكر السجاد "عليه السلام" في الصحيفة السجادية ،هي محاولة للولوج الى العمق الفكري من خلال تحليل فقرة من فقرات الدعاء للتعرف على معانيها  القصدية ، سماحة السيد أحمد  الصافي  في كتابه المصابيح يوضح لنا  مسألة مهمة، ان تلك الأدعية تعبر عن ذواتنا نحن ، لا نستطيع أن نجرد أنفسنا من مضامين تلك الأدعية ،  وعندما يصل الإنسان بوعيه الى أهمية المناجاة مع الله سبحانه تعالى  سيدرك حينها  معناه  ، والمعنى الحقيقي  للإنسان  حين  يمتلك القدرة الروحية  لمعنى تلك المناجاة ،و الحصانة  الروحية  تأخذ ابعاداً  أكبر من مفهومها العادي  لتصبح الحصانة  هي  اللجوء الى الله وعدم  الإبتعاد عنه ، يرى سماحة السيد الصافي إن أقسى الحرمان حين يُسلب من الإنسان هذا التوفيق للوقوف على قدرة هذه المناجاة على خلق الأمان  والاطمئنان داخل ذواتنا  ، تحليل  المضمون إدراك  لمعنى نشر الوعي الإنساني  ، وبيان  مفهوم الطاعة ، يقول الامام السجاد" عليه السلام":-  ( فان الشريف من شرفته طاعتك) يدعو  الإنسان وهو لا يحرمه من طاعته  ، فالكفرة الآن ينعمون بالدنيا أكثر من المؤمنين  بالحس والتجربة المؤمن يعاني من الالم  والأذى ، الحرمان لا يعني الحرمان من الأمور المادية ، بل هناك حرمان  ـ أكبر الامام السجاد يدعو الله ( لا تحرمني وقد رغبت اليك) الاكتفاء بالمعنى الظاهر للحرمان سيبعدنا عن الجوهر القصدي الكامن في معنى الحرمان في دعاء الامام السجاد "عليه السلام" عندما يرغب الإنسان الى أحد وهذا الأحد اذا كان كل شيء بيده ،  وأفضل شيء يوفق له هو مناجاة الله ومخاطبته والوقف بين  كل مفردة  في الدعاء تعكس لنا العمق  الفكري  ومستوى  فهم العلاقة  بين الإنسان وربه  صاحب القدرة واستخراج المعنى أو المضمون الجوهري ركنا أساسياً من أركان  الجهد النقدي  المعاصر من أجل  توصيل  القصد  الوعظي الى المتلقي  ، وهذا الفهم  لا يتقيد بمستوى المتلقي وإنما العمل في حقل البحث  المضموني داخل النص الدعائي ، فلو أخذنا مفردتي  تفتقد ـــ الطاعة ،فنجد الإنسان يحرص ان يفتقد في المعصية أي لا يذكر  اسمه ومعناه عند المعصية ، ويحرص أن يكون في أماكن الطاعة ، الحرمان أن يذكر في المعصية ويفتقد في أماكن الطاعة وهذا الحرمان الذي يوصل الإنسان الى الندامة ،  وفهم المفردة يقرب لنا الأداء المتحقق لمعنى الدعاء بما يمتلك من جمالية الأداء تظهر عند تحليل الخطاب ( ولا تجبهني  بالرد وقد انتصبت بين يديك) ، يركز سماحة  السيد الصافي على شرح لفظة تجبهني ..مأخوذة  من الجبهة ، الإنسان اذا أقبل يدفع ويضرب في جبهته يدفع ويضرب ، كناية عن المنع فيمنع من خلال الجبهة ، وبالتالي يرجع القهقري بخفي حنين ، وسعى لاستثمار وصف الجملة  لتعميق الكشف ، بعض الإعمال ليست لها قيمة  في موازيين الله تعالى ، وهذا يعني إن لله تعالى عنده شرائط  وموازيين  لقبول الإعمال  ، الدعاء خطاب روحي  يصاحب الحوار مع الذات الإلهية  في ظل أجواء روحانية للأعمال ظاهر وباطن ، ،أي لا يحقق العمق الظاهر بالإصلاح شيئا ، بسبب العقيدة الغير صحيحة ، العقيدة  كما يعرفها سماحة السيد الصافي هي المنشأ  ، الصلاة التي هي عمود الدين تبطل إذا كانت العقيدة غير سليمة وترفض ، هذه هي القيم الروحية ، والدروس التي ننهلها من الدعاء ، وأن يستثمر  المعنى الواضح لأداء العقيدة فأي عمل خارج  شرعية الله يعد غير مقبول ، العقيدة التزام بالشرعية ، وهذا الإلتزام أيضاً يتعرض أحيانا  لمجموعة  من الأمراض ، كالرياء والغرور ، وقد يتصور الإنسان أنه  صاحب فضل على الله . التأمل في عوالم الدعاء يأخذنا الى أبعاد حياتية  ناتجة من ثراء التجربة الإنسانية ،  يروي لنا سماحة السيد الصافي  قضية  عن شخص معهم في السجن ، كان مغروراً  بسطحية ثقافة ، فهو يقرأ بعض الكتب المتنوعة والتي جعلته يتصور إن له مستوى عقلي  يؤهله للإعتراض على فتاوي السيد الخوئي قدس سره  ، لكونه ليس من أهل العلم أصلاً ، يشخص سماحة السيد هذه التركيبة العقلية التي يملكها هذا الرجل ؛ نسيج الأفكار المتشابكة أثر تنوع القراءات الغير متجانسة  أصلاً وغير اختصاص  قد تكسب  بعض الثقافة النوعية التي تجعله يعرف شيئا  عن كل شيء كما يقولون  لكنه الشيء الذي يعرفه كمعلومة  لا تستطيع أن تمنحه صفة العلم المتخصص ، فتوهم درجة العلم حتى وصل الأمر به الى أن يترك الصلاة . قراءة الموروث الدعائي  بالتأمل والمتابعة تثري المتلقي وترسخ  فيه مفاهيم  الدعاء  وتفتح آفاقاً للاكتشاف  .  سماحة السيد الصافي  يرى إن الأمراض  الروحية  تبدأ من نقطة ثم تتشعب الى إن الإنسان يشكك حتى  في البدهيات  ، بعد ذلك  يترك  كل شيء ويكون  له مفهوم  خاص ،  يصل الى مرحلة  أنه  يصل بنفسه ويصل آخرين معه  ، هذه  التداعيات  تكشف  لنا مفهوم  ( التوفيق  وكيف  يسلب من الإنسان  ، ويعامل الدعاء معاملة التحليل الاسلوبي ،
يكشف مكونات المضمون الدعائي واستنطاق بعض محاور هذا الخطاب والمقاربة  بين خصائص الدعاء بين الواقع الحياتي ليروي لنا عن المرحوم ( أحمد أمين )  صاحب كتاب الكامل في الإسلام  ؛ أحد الوجهاء أوصى أولاده إذا حلت بي الوفاة وطلبت منك القرآن  فلا تأتني به ، وحين دنى الأجل وهو يحتضر طلب  المصحف وحين أعطوه  القرآن الكريم فعل فعلا مشيناً ،  وهذه الحكاية تبين لنا معنى التوفيق ، وصياغة  رؤية لمعنى ابتعاد التوفيق ، سماحة السيد الصافي  يبحث في المعنى اليقيني عندما لا يتدارك الإنسان  عملية  تأخذه العزة بالإثم ،فيمر هذا العمل الى أعمال أخرى وتكون سلسلة سرطانية  متنامية  قد تؤدي بالإنسان أن يترك  دينه  . سعى سماحة السيد الصافي باستخراج المعنى أو المضمون  الجوهري  ، ولا يضيف  الى جمالية الدعاء  شيئا  لكنه يضيف الى المتلقي بأشياء كثيرة ،قدرة إدراك المتلقي  لا تتبع قانون منطقي  وإنما  لمفهوم  قراءة النص  بما يمتلك  من رؤى  وحكم  معبرة عن الوجود الإنساني وهو يطلب  من الله طلبا  يكون بمستوى  عبوديته  الى الله سبحانه وتعالى  وبمستوى  ربوبية  الله تعالى.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=179598
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 03 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28