• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الصـوم معرفـة / ٢ .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

الصـوم معرفـة / ٢

فطرَ الله تعالى الإنسان على المعرفة ، والفطرة كما يعرّفها السيد الخميني قدس سره عبارة عن : " مجموعة من الصفات والقابليات التي تُخلَق مع المولود ، ويتّصف بها الإنسان في أصل خلقته سواء القابليات البدنية ، أو النفسية ، أو العقليّة " . ( الأربعون حديثا ص24 ) .

وما يؤيّد هذا الإستعداد الفطري للمعرفة ما ورد عن زرارة ، عن الإمام الباقر عليه السلام قال : سألته عن قول الله عز وجل ﴿حنفاء لله غير مشركين به﴾ وعن الحنيفية ، فقال : ( هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لخلق الله ) ، وقال : ( فطرهم الله على المعرفة ) التوحيد للشيخ الصدوق ص ٣٣٠.

وفي تفسير الميزان : فقوله ( فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ) إشارة منه تعالى إلى ما فطر ، أي أبدع وركز في الناس من معرفته ، وفطرة الله هي ما ركز فيه من قوّته على معرفة الإيمان وهو المشار إليه بقوله : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) ١٠ / ٢٩٩

وما هو فطري فهو ثابت وغير قابل للمسخ أو النسخ ( فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) الروم ٣٠

نعم ، يغشى هذه الفطرة ظلمات الذنوب وحجُب المعاصي فيُحرَم الإنسان من أنوارها وجمالها ( كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) المطففين ١٤

وهنا يأتي دور الصوم بعملية الجلاء والنقاء لجوارح الإنسان وجوانحهِ حيث يعمل على رفع ذلك الرين وتلك الأغشية الحاجبة للفطرة - التي هي مِلاك ومقتضي المعرفة - والمانعة من إستفادة الإنسان ، وذلك ضمن إجرائين :

الأول : إيقاف الصائم عن إكتساب المآثم وإرتكاب المحارم ، فلا يُكتفى بالإمساك عن الأكل والشرب وإنما ينبغي أن يتعدّى إلى أكثر من ذلك ، فمن صام صامت جوارحه كما في الخبر ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " إذا أصبحت صائماً فليصم سمعك وبصرك من الحرام ، وجارحتك وجميع أعضائك من القبيح ، ودع عنك الهذي وأذى الخادم ، وليكن عليك وقار الصيام ، والزم ما استطعت من الصمت والسكوت إلا عن ذكر الله ، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك .." ميزان الحكمة ج٢ص١٦٨٨

الثاني : غفران الذنوب والتكفير عن السيئات ، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ( من صام شهر رمضان إيماناً وإحتساباً غفر الله له ما تقدّم من ذنبه ) . البحار ٩٤ / ١٧

بهذين الإجرائين المهمّين للصيام إذا ما أحسن الصائم في أداء الأول على أتمّ وأكمل وجه واستحقّ الثاني على أتمّ الإستحقاق يكون عندها الصوم قد بلغ غايته والصائم قد هيّأ لنفسه مقدّمات المعرفة وموجبات نيلها والفوز بكرامتها ..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=179966
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 03 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18