يدور النقاش بين الفينة والفينة حول مسؤولية العمل المنزلي بين الرجل والمرأة: هل هو من مسؤولية المرأة أم هو من تكاليف الرجل؟ وغالبا ما يتمادى البعض في السرعة في اعطاء الاجابة وبالشكل الذي يرتأيه أو قُل الذي يتمناه! هذا ناهيك من أنه لو وصل الأمر الى السياسيين الذين يدعون الدفاع عن المرأة وعن حقوقها، فانه يتخذ شكلا آخر مختلفا. فينبري بعضهم للمناورة فيه لكسب ود بعض الجهلة من الرجال والنساء!
بيد أن الشريعة المقدسة التي تضع الحلول لكل المشاكل مهما صغرت، تعطينا الحل الأمثل لذلك.
ولكن بادئ ذي بدء، ينبغي أن نعرف أن الامور الاجتماعية تخضع لعدة مقاييس، منها ما يرد على لسان الشرع المقدس ومنها ما يخضع للقيم والأخلاق ومنها ما يخضع للذوق العام.
فالشؤون البيتية قد تكون شرطا ضمن عقد الزواج-وهو أمر قليل الحدوث- وعندها ينبغي الالتزام بذلك. أي أنه لو نص العقد على كونها-اي الشؤون البيتية- من واجب الرجل، فينبغي أن يلتزم الرجل بذلك. ولو أنه نص على أنها من واجب المرأة، فيجب أن تلتزم المرأة بذلك. بيد أن العقود غالبا ما تخلو من الاشارة الى ذلك.
أما من الجانب القيمي والأخلاقي، فقد جرت العادة أن تكون مثل هذه الأمور من واجب المرأة وبطواعية منها، ربما لأنها تساير المألوف، وتنآى بزوجها من أن يكون عرضة للنقد فيما لو تبنى مثل هذه الأمور.
أما من حيث الذوق العام، فهو لا يختلف عما ذكرناه في الجانب القيمي والأخلاقي، فالمرأة حريصة كل الحرص على أن تسير ضمن الاطار العام للمجتمع الذي تعيش فيه. فهي تتبنى مسؤولية تلك الشؤون بطيب خاطر.
بقي أن نقول أن كلا من الرجل والمرأة، وهما يديران شؤون أسرتهما يكونان حريصين أشد الحرص على الحفاظ عليها، وصد كل ما من شأنه أن يهدد أركانها.
وكما هو معروف للكثيرين منا أن السيدة فاطمة الزهراء(ع)، عندما طلبت من الرسول(ص) أن يحث عليا(ع) على استقدام خادمة تعينها في شؤون البيت، كان جواب الرسول(ص) أن تصبر الزهراء(ع) على ذلك وتستخدم ما بات يعرف من يومها ب(تسبيح الزهراء). ويروى أن الامام عليا (ع) كان يعين الزهراء(ع) في شؤون البيت. وهكذا ورد عن أئمة أهل البيت(ع).
على أن هنالك بعدا آخر في الأمر، ألا وهو أن الجانب الذي يخرج لنيل القوت وتدبير الأمر خارج البيت - سواء أكان الرجل أو المرأة- ينبغي له أن تكون واجباته البيتية في أقل صورها-. ولو تنازل أحد الطرفين للطرف الآخر، فليس في ذلك خسران، بل ربح وفائدة، أول ما يجنيه العائلة ككل والأولاد بشكل خاص. وهذا من مصداق قوله تعالى في سورة الروم | الآية 21 ( و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).
أ. د. حميد حسون بجية
|