ثنائية العلم والتقوى من المسلّمات المعرفية في الإسلام ، دلّت عليها النصوص الشرعية وبرهنت عليها تجارب العلماء وسيرة العرفاء ..
قال تعالى : ( إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً ) أي القدرة على تمييز الحق من الباطل ، وآية أخرى جعلت العلم من أسباب التقوى - على رأي - في قوله تعالى : ( وَاتّقُواْ اللّهَ وَيُعَلّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ، وجاء وعد الله صريحاً في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ ) ..
ويكفي أن يتقيّد هدى القرآن الكريم بالمتقين : ( ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ) ..
وفي وصيّة الخضر عليه السلام لموسى عليه السلام : " أشعر قلبك التقوى تنل العلم " ، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم : "ما ازداد عبد علمًا فازداد في الدنيا رغبة إلا ازداد من الله بعدًا ".
والتقوى بحسب تعريف الإمام الصادق عليه السلام : ( أن لا يفقدك الله حيث أمرك ، ولا يراك حيث نهاك ) ..
وبعد أن ثبتت الملازمة بين التقوى والعلم ، يأتي دور الصيام ليقدّم لنا هذه التحفة ويزرع بنا هذه الجوهرة ويُكرمنا بالتقوى ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة ١٨٣ . ومن أُعطيَ التقوى فقد أعطي الفرقان والعلم والنور ، وهذا غيض من فيض كرَمِ شهر رمضان ومائدته الشريفة المنيفة ..
وربما نتسائل عن سبب هذه الملازمة بين العلم والتقوى ، وقد تزدحم الأجوبة في الذهن عند الإجابة ولكن ما أريد أن أذكره دون غيره هو أن التقوى عنصر أمان تمنع من الاستغلال السيء لكل قوة أو علم أو مهارة ، مادية كانت أو روحية .. وخاصة تحصيل العلوم وتطوير تطبيقاتها وتقدّم استخداماتها ، فإنها إن لم يُحسن استخدامها فستكون وبالاً على البشرية وعنصر قتل وفساد أو ضلال بين الناس ..
|