عبارات صعبة وقاسية أطلقها سماحة مفتي الديار العراقية الشيخ رافع الرافعي من خلال كلمة وجهها الى الشعب العراقي، محذراً فيها من التجاوز على طائفة بعينها ,ومتهماً الحكومة العراقية باستهدافهم، خاصة وانهم بزعمه – الأغلبية في العراق، رغم أن أطرافاً أخرى سترد لتقول ، كيف يكونوا أغلبية وهم يقطنون أربع محافظات ولهم الأغلبية فيها وهي (الأنبار وصلاح الدين والموصل وديالى) . بينما يغلب الوجود الآخر في تسع محافظات بما فيها العاصمة بغداد التي توجد فيها غالبية شيعية عززتها هجرات من الجنوب عبر حقب زمنية من تاريخ البلاد، وقد يكون الإحصاء السكاني هو العامل الأكثر أهمية في تحديد المستقبل السياسي للأقليات، ولتوزيع الثروات.
الشيخ هاجم بعنف من أسماهم (التافهين) في الحكومة الذين يقومون باعتقال وتعذيب المواطنين وإتهامهم بقضايا إرهابية، ودافع عن نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، وعضو مجلس بغداد ليث الدليمي، وحذر من أن أبناء طائفته لن يسكتوا عن هذه الانتهاكات والتجاوزات.
في هذا الوقت ينشط زعيم التيار الصدري في عقد إجتماعات وطرح مبادرات للخروج بالبلاد من الأزمة السياسية الراهنة، وأوصل الأمور إلى حد سحب الثقة عن شريكه في التحالف الوطني نوري المالكي الذي يرأس الحكومة العراقية منذ ست سنوات، لتخرج أصوات عديدة تحذر السيد الصدر من شق الصف الشيعي في أجواء الاحتقان السياسي والطائفي.
وربما كان جديراً بالشيخ الرافعي وهو مفتي السنة والجماعة في العراق أن يقابل خطاب الصدر الداعي الى التقريب بين المكونات العراقية بخطاب لا يهدد فيه ولا يتوعد، وأن لايقول بأن السنة هم الأغلبية لكي لا يستفز الآخر الذي يستطع معرفة الفرق بين الرقم 9 والرقم 4، ولا يصف القيادات السياسية الأمنية الشيعية بوصف التفاهة، خاصة وإن الثقافة الشيعية السائدة، هي ثقافة الفئة المضطهدة عبر التاريخ والتي تنفست أخيراً ولن تسمح بقطع الاوكسجين عنها ثانية. ثم لماذا لم يعتبر مفتي الديار بسلوك ومواقف المرجع الشيعي علي السيستاني الذي حرم التجاوز على السنة تحت أي مبرر.
فخطاب سماحة الشيخ الرافعي تصعيدي وخطير بنسبة 100% وله إنعكاسات سلبية على الشارع وسوف تستخدمه بعض القوى الشيعية لحشد الشارع وربما سيتم توظيفه لأغراض سياسية في أجواء الصدام الحالية ومحاولات سحب الثقة.
المطلوب من رجال الدين وعلمائه أن يكونوا حذرين في خطاباتهم خاصة في الظروف الملتهبة لأن أي قطرة دم، أو خراب مكان، أو إيذاء إنسان ستكون بذمتهم المثقلة أصلاً.
والجميع يعترف بأن الإنتهاكات والتجاوزات وقعت على أبناء الطائفة السنية، كما وقعت على الشيعة، وما تزال محاولات تنظيم القاعدة لإيذاء الشيعة مستمرة في كل مكان وشعاره الدائم (نصرة أهل السنة).
لابد والحال هذه أن يتغير الخطاب ، فالأصل في وجودنا على هذه الأرض هو (المواطنة) فلا الإنتماء المذهبي ولا القومي هو المعيار أو الطريق إلى المستقبل بل هو الشعور بالإنسان وكرامته وحضوره، هذا هو المهم وهو الأهم على الدوام.
|