الحديث عن إعادة بناء قبور ائمة البقيع في الوقت الحالي حيث استقلالية وسيادة السعودية كدولة والخصوصية الدينية للشعب السعودي والذي باتت فيه فتاوى وعقائد الوهابية وطبيعة تفكيرهم هي العقلية الحاكمة والمنظار الذي ينظرون به إلى الأشياء .. علاوة على قرب البقيع من مسجد ومرقد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله الذي يؤمّه ملايين الزوار سنوياً من كافة مذاهب ومدارس الإسلام .. كل هذا يحدو بنا الى التفكير بواقعية بأصل مطلب إعادة البناء وطبيعة البناء المطلوب ..
فليس من الممكن أن نطلب مرقداً ضخماً على غرار مراقد المعصومين ؏ في العراق وإيران ، فوفق المعطيات الموجودة يعتبر هذا الشيء غير واقعي بالمرّة وأقرب للعاطفة منه للعمل الجادّ ..
الحلّ الأقرب هو الاتفاق مع الجانب السعودي على نوع بناء يرفع شيئاً من هتك الحرمة وبنفس الوقت يكون مقبولاً لديهم ، مع وضع ضوابط للزيارة وإدارة المرقد .. هذا المقترح على بساطته من قبلنا يعتبر مطلباً صعب المنال من قبلهم .
ثم أن هذه الأمور لو جرت من قبل شيعة السعودية ، فهم الأعرف بمزاج الحكومة والشعب من جهة والأحق بالمطالبة بها من جهة أخرى وفق السياقات الدولية المعاصرة ، وهم الأعرف بالتعامل بهذه الأمور ذات الحساسية المذهبية وبما لا يعرّضهم الى أذى أو حيف معين ..
وما يقلل من صعوبة الأمر شيئاً ما هو توجه المملكة في الوقت الحاضر الى التخفيف من التشدد السلفي الذي حصل في السنوات المتأخرة والذي عاش العالم تحت سطوته ايام عصيبة من الإرهاب وعدم الأمن والاستقرار .. حيث ولّد هذا التشدد حركات ومنظمات في أعلى درجات الخطر ، كالقاعدة وداعش وما شاكلها .. فشعرت السعودية أنها الحاضنة والمنطلق لكل هذا ، فقامت بإجراءات تعتبرها مهمة في مكافحة ذلك ، وبعض الإجراءات مخالفات صريحة لأحكام الإسلام ، كالحفلات والمهرجانات الغنائية الكبيرة .. فيكون الحديث عن بناء قبور البقيع مقبولاً في هذا السياق .. يتبع
|