• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لا خوف على العراق ، طالما لم يخل من الحكماء : (طالباني و الكبيسي ) مثالين .
                          • الكاتب : د . مقدم محمد علي .

لا خوف على العراق ، طالما لم يخل من الحكماء : (طالباني و الكبيسي ) مثالين

  ينبغي على مثقفينا وكتابنا ان يتخلوا عن حماستهم المفرطة في التنظير للقضايا السياسية والتدخل بالمهاترات التي لا تجدي نفعا غير توسيع فجوة الخلافات بين العراقيين ، فالذي ينشر اليوم في الاعلام العراقي كله ينصب في مصلحة وخدمة اعداء الشعب العراقي ، فمعظم الكتاب يندفعون بحماستهم تلك ليصوروا ويركزوا على الجوانب السلبية فقط ، متناسيين كثيرا من الحالات والممارسات و الافعال الانسانية التي تثلج الصدر وتبعث المسرة في النفوس.
 
ان صفحات الاعلام العراقي تعج بعشرات المقالات التي استهلك فيها الكتاب اوقاتا ثمينة دون ان يكون لتلك المقالات اثر ايجابي مباشر في حياة الناس ، لان موضوعاتها كلها قدح ونقد وتجريح وتهويل ، في وقت يحتاج الشعب العراقي الى بارقة امل وبصيص من نور لبث روح التفاؤل بين الناس ، فمثلا تغيب عن اعلامنا لغة المدح و الاشادة بالمظاهر الايجابية التي يتمتع بها رجال العراق وشخصياته ، فلم نسمع إلا لغة القدح والتشهير ، وكأن الكاتب يطلب ثأرا  شخصيا من الذين يكتب عنهم ، وخاصة ان كثيرا من هؤلاء الرجال يتصفون بغلبة حسناتهم على سيئاتهم فهم ليسوا ملائكة ولكنهم في الوقت ذاته يتمتعون بقدرات وصفات ايجابية كثيرة تجعلهم يحتلون المرتبة الاولى اذا ما قورنوا مع اخوانهم من العرب ، وليس هناك من سبب إلا ان  (مغنية الحي لا تطرب).
 
كتبت بالأمس  مقالا عن المالكي ومشعان الجبوري لانهما  قد وقفا موقفا مشرفا من بعض القضايا التي تصب في مصلحة العراق وشعبه ، واليوم اكتب عن السيد الرئيس طالباني والدكتور العلامة احمد الكبيسي ، لان الاول قد انتصر على رغبة الاندفاع والحماس واثبت انه حكيم  وقادرعلى ان يمارس دورا  حياديا بوصفه رئيسا للعراقيين لا يميل بشهوته الى بني جلدته على حساب الاخرين ، فهو الحكم الذي ينبغي ان لا ينحاز الى جانب دون الاخر ، فموقفه هذا يقلل من حدة الصراع والاحتراب الذي عانى منه العراقيون على مدى التاريخ ، ذلك الموقف يعطي فرصة للحوار والنقاش والابتعاد عن المواقف الانفعالية التي تدفعها قضايا عاطفية وشخصية.
 
 العراق اليوم بحاجة الى شخصيات حليمة وحكيمة وهادئة تتعامل مع الامور بروية ودراية وسعة صدر ، ولا يحتاج الى اناس انفعاليين ومندفعين ، لان كل الامور الخلافية يمكن حلها بالحوار ، فقد ملّ الشعب من سماع الزعيق والنعيق والتهديد والوعيد ، وكذلك سأم من رؤية الوجوه المكفهرة والغاضبة وهي تطالعنا ، صباح - مساء ، لقد شبعنا لا بل وصلنا الى حد التخمة من العنف والتجهم ، لذلك عندما يبتسم الرئيس طالباني (وخاصة عندما يميل الى الدعابة ) يبعث في نفوس العراقيين النشوة والفرح متناسين اصله وعرقه وحزبه وطائفته ، لا يتذكرون إلا انه رئيس لا يمكن ان يغدر او يفجر ، فهو انسان ظريف ولطيف ، وله حضور مشرف في قلوب كافة العراقيين .
 
أما الشيخ الدكتور احمد الكبيسي فيمثل شخصية عراقية متميزة ، يقول الحق ولا يخشى في الله لومة لائم ، فبالأمس اثيرت حوله ضجة كبيرة اثر تصريحه حول معاوية و افعاله الخارجة عن الاسلام ، حتى ظن كثير من الناس انه سيحارب وسيطرد من الامارات عقوبة على ذلك الرأي ، لكن الشيخ لم يبال بكل تلك الجعجعة ولم يتنازل عن رأيه بل لم يجامل احدا في ما يراه حقا ، ثم لم تلبث ان تنقضي تلك الزوبعة حتى عاد شيخنا ومن نفس القناة ليصدر رأيا اخر في الوهابية والسلفية المتطرفة الذين اشاعوا القتل والدمار بالبلاد والعباد ، ليصفهم بالقتلة والمارقين الذين يتآمرون على الاسلام وخاصة على ابناء الطائفة السنية الكريمة في العراق .
 
هذا الموقف الشجاع من لدن الشيخ الكبيسي بحاجة الى دعم ومساندة وتأييد ، ليظهر لدينا اناس اخرون مثله ، يتبنون مواقف مشرفة وحكيمة ، فينبغي على الاعلام ان يسلط الضوء على الجوانب الايجابية لتشتهر بين الناس فتكون مثالا يحتذى وقدوة تتبع ، فما احوجنا اليوم للحكماء في العراق ..    



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=18259
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 06 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29