• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : اسس اصطفاء الافراد والجماعات  في القرآن الكريم (ح 16) : التفضيل في المجتمعات - المجتمع العربي1 .
                          • الكاتب : السيد عبد الستار الجابري .

اسس اصطفاء الافراد والجماعات  في القرآن الكريم (ح 16) : التفضيل في المجتمعات - المجتمع العربي1

المجتمع الثاني الذي انتخب ليكون القاعدة البشرية لنشر الدين الاسلامي هو المجتمع العربي، والبحث يقتضي الوقوف عند خصائص هذا المجتمع التي جعلته مؤهلاً ليكون الارضية التي ينشر فيها بذرة الاسلام.
المجتمع العربي ساحة انتشاره عند البعثة النبوية المباركة - على صاحبها وآله الصلاة والسلام - كانت العراق والشام وجزيرة العرب واليمن، ففي العراق كانت الحيرة عاصمة حكم المناذرة، وهم من قبائل اليمن التي نزحت قبل عدة قرون من مناطق سكناها نتيجة الجفاف واستقرت في العراق، والمكتشفات الآثارية تدل على ان منطقة نفوذها كانت تمتد من منطقة الفرات الاوسط وحتى جنوب العراق اذ وجد في مقابرها نفس طريقة الدفن اذ عثر الاهالي بعد انهيار نظام الطاغية صدام في 2003م في بعض المقابر الموجودة في منطقة الحيرة على توابيت خزفية فيها بقايا هياكل عظمية، وسمعت من احد الاهالي في منطقة ام الشويج من قضاء المدينة في محافظة البصرة في تسعينات القرن العشرين انه عثر في ايشان ابي شذر – وهو منطقة مرتفعة تحيط بها المياه من كل جانب في اهوار قضاء المدينة – على تابوت خزفي يحمل نفس المواصفات التي وجد اهالي الحيرة التوابيت الخزفية في مقابرها.
بينما انتشر الغساسنة وهم ايضاً من قبائل اليمن في الشام، وكانت المناطق الصحراوية القريبة من تلك المدن تتبع لملوك تلك المنطقة وامراؤها، ودان كل من الغساسنة والمناذرة بالنصرانية وارتبطوا إدارياً وسياسياً بالدول العظمى القريبة عليهم، فكانت الحيرة تتبع الفرس، وكان الغساسنة يخضعون للرومان.
واما اليمن فهي بلد الحضارة والتحضر بالنسبة لباقي مناطق سكن العرب وهي من البلدان العريقة وكانت قبل بزوغ نور الاسلام تخضع لحكم الاحباش الذي كانوا بنحو ما يتبعون البلاط الفارسي ثم حكمها الحميريون، واما بقية العرب فكانوا في شبه الجزيرة العربية وكانوا يعيشون حياة بدوية محضة واستقلالية تامة عن انظمة الحكم المحيطة بهم، تحكمهم عادات وتقاليد موروثة، واوثق العرى عندهم رابطة الدم والانتماء القبلي، وكانت كل قبيلة عبارة عن كيان اداري مستقل لا يخضع لأي كيان آخر.
وقد جعلت منهم حياة الصحراء القاسية ذوي بنية قوية قادرة على تحمل صعوبات الحياة وجشب العيش، وكان اهم اموالهم الابل والخيل والاغنام، كما ان بعدهم عن الحضارات الكبرى جعل معتقداتهم ما توارثوه عن الآباء، ولم يؤثر فيهم وجود قرى يهودية سكنت بالقرب منهم، كما اتسمت شخصياتهم بالاستقلالية، اذ كان البدوي بحكم طبيعة الحياة وصعوبتها يعتمد بالدرجة الاساس على قدراته الشخصية في الدفاع عن مكتسباته وعلى قدرات القبيلة في دفع الاخطار الكبرى التي يتعرض لها.
طبيعة الحياة الخشنة والصراعات الدموية وشيوع حالة الاغارة والغزو لسلب اموال القبائل الاخرى لضمها الى اموالهم وزيادة ثرواتهم، كان يتقضي في حال تكافؤ القوى وعدم امكانية القضاء على الآخر ظهور شخصيات كانت تقوم بدور الحكم في حال حصول المنازعات بين القبائل.
كان من اهم صفات القبائل البدوية الكرم وحماية المستجير والشجاعة واحترام الاعراف والتقاليد، وبرعوا في الشعر والخطابة، فكانوا افصح اهل الارض وابلغهم في البيان.
واما اديان العرب، ففي عهد النبي ابراهيم (عليه السلام) دانوا بالحنيفية، وكانت مكة المكرمة البلد المقدس الذي يحجون ويعتمرون اليه وكانت اهم مواسم العمرة عندهم عمرة رجب واما اشهر الحج فهي شوال وذي القعدة وذي الحجة، وقد حرم القتال في الاشهر الحرم وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم، فكان الناس يأمنون فيها على انفسهم حتى ان الرجل في الجاهلية يرى قاتل ابيه فلا يهيجه.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=183595
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 06 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 5