تحدثنا في الحلقة الأولى عن رحلة العيد والموت وآثار ذلك في بناء الذات من خلال خطبة أمير المؤمنين عليه السلام"، وفي رحلتنا اليوم سنكون في إحدى جوانب الإنسان في الدنيا ..
*-١-*
إنَّ مما أكدت عليه خطبته في هذه الأيام التي يفرح بها الناس عامة، هو التحذير من الدنيا، وبيان جزء من حقيقتها التي جُبِلت عليها، فالمؤمن في مثل هذه المناسبات قد ينسى تلك الحقيقة، أو قد يكون غافلًا عنها، فضلًا عن كونه جاهلًا بها، فهذا يؤدي به إلى التعاطي معها على أساس أنها لذة باقية يتنعَّم بها، ويثق بما تقدِّمه إليها من صور لا دوام لها!! وهذه إحدى إغراءاتها لمن يحاول أنْ يتشبَّث بصوَرِها ووعودها الخلَّابة ..
*-٢-*
إنَّ هذه الحقيقة التي يغفل عنها بعضٌ يحاول الإمام "عليه السلام" أنْ يذكر ما هي عليه، ويذكِّر المؤمنين بذلك؛ لأنهم أهلٌ للتذكرة كما خصَّهم الله تعالى بمنفعتها، فبالعيد يجب علينا أنْ نعود إلى محاسبة الذات، والوقوف عندها لأجل تنميتها وتهذيبها من كُلِّ غرور يتمثَّل لها، فالدنيا بكُلِّ ما فيها من لذات وشهوات فهي فانية!! وعلينا أنْ نستثمرها للآخرة لا أنْ نكون أسرى لها، نعم علينا أنْ نجعل لذاتها في طاعة الله ورضوانه، وليس في الابتعاد عنه ونسيانه، وهذه من أهم محطات بناء الذات بناءً حقيقيًّا عندما يتعرَّف المؤمنون على الحقيقة من أربابها ..
*-٣-*
لقد حذَّر الإمام منها ورغَّب في ضرَّتها؛ لما في ذلك من درس بليغ نحتاج معرفته والعمل على أساسه، فما أروع هذه الحكمة العظيمة (ولا تغتروا بالمنى وخدع الشيطان وتسويفه) فكم من أمنية قتلت صاحبها فأهلكته؟!! وكم من خديعة للشيطان أوقعت العبد فأقبرته ..
فالابتعاد عن غرور الدنيا ومُنَاها لا يعني الابتعاد عن الدنيا التي لا بُدَّ منها!! وإنما الحذر في العيش فيها، والتعامل معها، والإفادة من لذاتها وكُلُّ ذلك هو أساس بناء الذات بين يدي الله تعالى ..
*فهذا صوت علي الخالد لبناء الذات .. والداعي إليه .. سلامٌ وتحيةٌ*
وإلى لقاء قادم مع رحلة العيد
|