• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : خطاب السيدة الزهراء (عليها السلام)) (1) .
                          • الكاتب : د . زينب الموسوي .

خطاب السيدة الزهراء (عليها السلام)) (1)

  كان لنشأت السيدة الزهراء (عليها السلام) في بيت الرسالة الأثر الجلي في تجسّد الأبعاد المعرفية والعلميّة والقيميَّة والفكرية والأخلاقية التربويَّة في شخصيتها، فتألقت في أدوارها الرساليَّة وتصدياتها التربويَّة والاجتماعية والسياسية والفكرية والعلمية، واستطاعت أن تكون القدوة للنساء والرجال وليس النساء وحدهن، وهذا ما يُفسر الاهتمام القرآني والإسلامي بشخصها ( عليها السلام ) الذي لم يأتِ لاستحقاقها الاهتمام فحسب، وإنَّما جاء ليُعبر عن رؤية إسلامية في الاهتمام بالمرأة وفي إعطائها الدور المناسب في تصدياتها الاجتماعيَّة والتربويَّة والعلميَّة والفكريَّة فضلاً عن السياسيَّة، من هنا نجد أنَّ الإسلام والقرآن الكريم يقف قبال  الرؤية السلبية تجاه المرأة 
      وانسجاماً مع الرؤيَّة الايجابيَّة في تقديم النموذج لمرأة العصر ركزت على الدروس التربويَّة والقيم التي ينبغي استلهامها وتعلّمها من سيدة نساء العالمين، ووجدت السيدة الزهراء (عليها السلام) مبلغة رساليَّة، لا تسير إلاّ في طريق الحق ولا يصدعها إلاّ الباطل، وإصلاح المجتمع أكبر همها ومبلغ غايتها، علمها للرسالة وظفته، وغضبها غضب للحق تعالى، وكلّ تحركاتها تتماشى في خط الرِّسالة الإلهيَّة، فعندما خرجت لا لتحصل على الإرث لعلمها أنَّ الذين يغتصبون الخلافة ليس كثيراً عليهم أن يغتصبوا قطعة أرض ، وكانت (عليها السلام) في خروجها للمطالبة بالحق مثالاً للجرأة الأدبيَّة  والشجاعة الرِّساليَّة، وكان لخطابها أثر كبير في محاولتها لإصلاح الفرد والمجتمع، إذ بيّنت وأفصحت بصلابة الموقف وحاججت بقوّة المنطق  وحذّرت وقرّعت، وهي بذلك كلّه تهدف إلى إعادة المجتمع إلى جادة الطريق المستقيم، ففدك تعبير ثانٍ عن الخلافة الإلهيَّة والسيدة الزهراء (عليها السلام) جعلت منها مُقدّمة للوصول إلى الخلافة، فجاهدت لاستردادها عن طريق فدك، والدليل على ذلك تصريحاتها (عليها السلام) ، فمنها يتّضح أنّها (عليها السلام) اتّخذت من فدك ذريعة للوصول إلى استرداد خلافة الإمام علي (عليه السلام)، إذ بينت أحقّيته فيها وأججت الأنصار، وما ذلك إلا لتنقذ المجتمع من التيه والضلال، فهي (عليها السلام) بوعيها الرّسالي وإدراكها المعرفي تعلم أنَّه لا إنقاذ من الضلال إلا بقيادة الإمام علي (عليه السلام)، وهذا ما يُدركه العقل من إيحاءات خطابها فالعقل يحكم بأنّ توجه نفسها إلى المعنويات والدُّرجات الأخروية لا تدفعانها للمطالبة بمجرد قطعة أرض، وإنّما إلى مسألة أهم،
       ووظفت بلاغتها وأدبها الرفيع بعد أن وشحتهما بالقرآن وعلومه فضلاً عن أحاديث وكلام أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم)، لتنشر عن طريق خطبها أروع القيم الإنسانيّة التي تحتضن كل ما في الحياة من تجليات وصفاء، ولو لم يكن للسيدة الزهراء (عليها السلام) إلا هاتين الخطبتين لكفى، ولما عدونا القول بأنّنا منها يمكن أَن نستمد المُثل العُليا للإنسانيّة الكاملة في واقعنا المعاصر.

علي الخباز, [08/07/2023 03:57 ص]
خروج السيدة الزهراء (عليها السلام) بحدِّ ذاته نهضة قيمية كشفت حقائق وبينت تعاليم تُسهم في بناء شخصيَّة الفرد وتربيَّة المجتمع، وماهيَّة خطابها توعيَّة إنسانيَّة إذا ما قُرنت بهمجية الوضع الذي كان عليه القوم بعد رحيل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وضيق الآيديولوجيات الاعتقاديَّة في فكرهم، ونهضة الزهراء (عليها السلام) انبثقت من هذا الواقع الجاهل لتُعيد إليهم مفاهيم تناسوها، ولتُعيد منهجيَّة تربيتهم الإنسانيَّة؛ ولذلك فنهضتها الخطابية تتميز بأنها مستمرة ومُتجددة؛ وهذا بدهي لإقرارها قيماً إنسانية تضع الفرد في نصاب السمو في المجتمع، ومن ثمّ تجعله في مرتبة تُميزه عن بقيّة الكائنات، وقد سلكت(عليها السلام) الطريق نفسه الذي سلكه الأنبياء، لكنها بالطبع واجهت ظروفاً غير تلك التي واجهت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ والسبب في سيرها على خطه (صلوات الله عليه وآله) الذي دعا إليه الله سبحانه وتعالى ونبيه الكريم محمّد(صلّى الله عليه وآله) وخرجت لمواجهة الأمة هو الانحراف الذي حدث في ذلك الوقت على يد من اغتصبوا الخلافة وعزفوا عن إتباع الحق والأقوال الواردة في غدير خم خير دليل على ذلك إذ قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يخاطب الجموع من حوله ناصحاً لهم باتباع الحق وعدم الرجوع عن الباطل ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) وامثالها الكثير والتي تدعو إلى ضرورة التمسك بالقيم الإسلامية والعمل بها؛ لأنَّ لا شخص بعد رسول السماء يتقن تهذيب الناس وتغذيتهم بالتعاليم الرّسالية والمبادئ السامية غير الإمام علي (عليه السلام) المنصب من قبل الإله، وقد أرادت الزهراء (عليها السلام) أن تسجل اعتراضها، وعدم رضاها ومطالبتها بالعدالة والحق ونشر رسالة الإسلام بكلّ ما تحمله من قيم ومبادئ، والتاريخ يثبت لنا أنّ خطبها لا يمكن أن تمحى من الوجود أبداً، ذلك إنَّها تعكس مفاهيم تربوية وأخلاقية وتهذيبيَّة ناتجة عن فكر تطبيقي يتسم برساليَّة توعويَّة. 
    ونحن في مجتمعنا اليوم بكلّ فئاته بحاجة إلى فكر واعٍ ورشيد كفكر السيدة الزهراء(عليها السلام)، وكذلك بحاجة إلى الانفتاح على شخصياتنا؛ لنُفيد من مكنون القيم الإنسانيَّة والمبادئ الأخلاقيّة والمناحي الثقافيَّة ونستثمرها في معالجة مشكلاتنا وما يعترينا من مسائل وإشكالات؛ بسبب الغزو الثقافي والإنفتاحات اللاإنسانيَّة التي أثرت على مجتمعنا اليوم، وخير معين ننهل منه للمواجهة هو فكر سيدة نساء العالمين فشخصيتها المتحركة ليست مجرد خروج ومواجهة وخطاب، وإِنَّما فكر وتوعيَّة وتبليغ وإرشاد في كافة المجالات التي يحتاجها من يريد سلوك الإنسانيَّة الحقة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=184056
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 07 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3