حواريوا علي عليه السلام كانت تعليماتهم تصدر من الامام علي عليه السلام كما كان حواريوا النبي عيسى عليه السلام يأخذونها منه فجاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: والذي يفيده ظاهر قوله تعالى "إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً" (المائدة 112) أنهم اقترحوا على المسيح عليه السلام أن يريهم آية خاصة وهم حواريوه المختصون به وقد رأوا تلك الآيات الباهرة والكرامات الظاهرة فإنه عليه السلام لم يرسل إلى قومه إلا بالآيات المعجزة كما يعطيه قوله تعالى "وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ" (ال عمران 49). ثم ذكر عليه السلام عنوانا لهذه المائدة النازلة هو الغرض له ولأصحابه من سؤال نزولها وهو أن تنزل فتكون عيدا له ولجميع أمته، ولم يكن الحواريون ذكروا فيما اقترحوه أنهم يريدون عيدا يخصون به لكنه عليه السلام عنون ما سأله بعنوان عام وقلبه في قالب حسن ليخرج عن كونه سؤالا للآية مع وجود آيات كبري إلهية بين أيديهم وتحت مشاهدتهم، ويكون سؤالا مرضيا عند الله غير مصادم لمقام العزة والكبرياء فإن العيد من شأنه أن يجمع الكلمة، ويجدد حياة الملة، وينشط نفوس العائدين، ويعلن كلما عاد عظمة الدين.
كان الشهيد ميثم التمار أحد مصاديق اللعن والتبري الذي يغذي المؤمن بعنفوان رفض الباطل ونبذ الظلم والطغيان فعن مركز الابحاث العقائدية: إن مبدأ اللعن منهج أسسه القرآن الكريم وأكدته النصوص الشريفة فمن الآيات المباركة قوله تعالى: "وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلفٌ بَل لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفرِهِم فَقَلِيلاً مَا يُؤمِنُونَ" (البقرة 88) وقوله تعالى: "وَلَمَّا جَاءَهُم كِتَابٌ مِن عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُم وَكَانُوا مِن قَبلُ يَستَفتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعنَةُ اللَّهِ عَلَى الكَافِرِينَ" (البقرة 89) وقوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَكتُمُونَ مَا أَنزَلنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِن بَعدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلعَنُهُمُ اللاعِنُونَ" (البقرة 159) وقوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُم كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيهِم لَعنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ" (البقرة 161) وقوله تعالى: "فَمَن حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُل تَعَالَوا نَدعُ أَبنَاءَنَا وَأَبنَاءَكُم وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُم وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُم ثُمَّ نَبتَهِل فَنَجعَل لَعنَتَ اللَّهِ عَلَى الكَاذِبِينَ" (آل عمران 61) وقوله تعالى: "أُولَئِكَ جَزَاؤُهُم أَنَّ عَلَيهِم لَعنَةَ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ" (آل عمران 87) وقوله تعالى:"مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعنَا وَعَصَينَا وَاسمَع غَيرَ مُسمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلسِنَتِهِم وَطَعناً فِي الدِّينِ وَلَو أَنَّهُم قَالُوا سَمِعنَا وَأَطَعنَا وَاسمَع وَانظُرنَا لَكَانَ خَيراً لَهُم وَأَقوَمَ وَلَكِن لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفرِهِم فَلا يُؤمِنُونَ إِلا قَلِيلاً" (النساء 46) وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُم مِن قَبلِ أَن نَطمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدبَارِهَا أَو نَلعَنَهُم كَمَا لَعَنَّا أَصحَابَ السَّبتِ وَكَانَ أَمرُ اللَّهِ مَفعُولاً" (النساء 47) وقوله تعالى: "أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَن يَلعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرا" (النساء 52) وقوله تعالى: "وَمَن يَقتُل مُؤمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيما" (النساء 93) وقوله تعالى: "لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِن عِبَادِكَ نَصِيباً مَفرُوضاً" (النساء 118) وقوله تعالى: "فَبِمَا نَقضِهِم مِيثَاقَهُم لَعَنَّاهُم وَجَعَلنَا قُلُوبَهُم قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنهُم إِلَّا قَلِيلاً مِنهُم فَاعفُ عَنهُم وَاصفَح إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحسِنِينَ" (المائدة 13) وقوله تعالى: "قُل هَل أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيهِ وَجَعَلَ مِنهُمُ القِرَدَةَ وَالخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ" (المائدة 60) وقوله تعالى: "لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابنِ مَريَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَكَانُوا يَعتَدُونَ" (المائدة 78) وإنما أسـس القرآن الكريم هذا المنهج لا من أجل تربية الإنسان على البذاءة وسوء القول ولا من أجل زرع الحقد والتحامل بين أبناء المجتمع، وإنما الهدف منه تربية الإنسان على صلابة الإيمان والثبات على الحق، ومن أجلى مصاديق الصلابة والثبات مبدأ اللعن والتبري الذي يغذي المؤمن بعنفوان رفض الباطل ونبذ الظلم والطغيان قولاً وفعلاً. ومن رموز هذا المنهج رشيد الهجري، وحجر بن عدي، وميثم التمار، وكميل بن زياد، وأبو ذر الغفاري و الذين رفضوا الباطل و ضحوا بأنفسهم في سبيل مبدأ الرفض والبراءة. وخلاصة القول أن اللعن عبارة عن تربية روحية للمؤمن على قبول الخير ورفض الباطل.
عدّ الشيخ المفيد قدس سره الشهيد ميثم التمار رضوان الله عليه من الأركان التابعين. كان من شرطة الخميس، ومن أمرائهم في الكوفة. كان رضي الله عنه من خطباء الشيعة بالكوفة ومتكلّميها، ومن المتبحّرين في علم التفسير لقوله لابن عباس: (سلني ما شئت من تفسير القرآن، فإنّي قرأت تنزيله على أمير المؤمنين(عليه السلام)، وعلّمني تأويله. في تفسير القمي عن صالح بن ميثم التمار رحمه الله: وجدت في كتاب ميثم رضي الله عنه يقول: تمسينا ليلة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال لنا: ليس من عبد امتحن الله قلبه بالإيمان إلا أصبح يجد مودتنا على قلبه، ولا أصبح عبد ممن سخط الله عليه إلا يجد بغضنا على قلبه، فأصبحنا نفرح بحب المؤمن لنا، ونعرف بغض المبغض لنا، وأصبح محبنا مغتبطا بحبنا برحمة من الله ينتظرها كل يوم، وأصبح مبغضنا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار، فكأن ذلك الشفا قد أنهار به في نار جهنم، وكأن أبواب الرحمة قد فتحت لأصحاب الرحمة، فهنيئا لأصحاب الرحمة رحمتهم، وتعسا لأهل النار مثواهم. إن عبدا لن يقصر في حبنا لخير جعله الله في قلبه، ولن يحبنا من يحب مبغضنا، إن ذلك لا يجتمع في قلب واحد و "مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ" (الأحزاب 4) يحب بهذا قوما ويحب بالآخر عدوهم، والذي يحبنا فهو يخلص حبنا كما يخلص الذهب لا غش فيه. نحن النجباء وأفراطنا أفراط الأنبياء، وأنا وصي الأوصياء، وأنا حزب الله ورسوله، والفئة الباغية حزب الشيطان، فمن أحب أن يعلم حاله في حبنا فليمتحن قلبه، فإن وجد فيه حب من ألب علينا فليعلم أن الله عدوه وجبرئيل وميكائيل، والله عدو للكافرين.
زيارة ميثم التمار رضوان الله عليه: السلام عليكَ أيّها العبدُ الصالح، يا ميثمَ بنَ يحيى التّمار، المطيعُ لله ولرسولهِ ولأميرِ المؤمنين ولفاطمةَ والحسنِ والحسين. اشهدُ أنّكَ قد أقمتَ الصلاة، وآتيتَ الزكاة، وأمرتَ بالمعروف، ونهيتَ عن المنكر، وجاهدتَ في الله حقَّ جهادِهِ، وعملتَ بكتابهِ، مقتدياً بالصالحين، ومتَّبعاً للنبيين. وأشهدُ أنّكَ قُتِلتَ مظلوماً شهيداً. فلعنَ اللهُ مَنْ ظلمكَ، ومَنْ إفترى عليكَ، ولعنَ اللهُ مَنْ نَصَبَ لكَ العداوةَ والبغضاءَ إلى يومِ القيامةِ، وحشا اللهُ قبورَهم ناراً وأعدَّ لهم عذاباً أليماً. جئتُك أيّها العبدُ الصالحُ زائراً قبرَكَ، مقرّاً بحقّكَ، معترفاً بفضلكَ، أسألُ اللهَ بالشأنِ الذي لكَ عندهُ أنْ يصلّيَ على محمّدٍ وآل محمّدٍ، وأنْ يقضيَ حوائجَنا في الدنيا والآخرةِ، ويجمعَنا وإيّاكُم في زمرةِ الفائزين معَ محمّدٍ وآلهِ الطاهرين، والسلامُ عليكَ أيّها الشهيدُ ورحمةُ الله وبركاتُه.
|