تنشر كل مجموعة حلقات من هذه السلسة في موقع.
جاء في کتاب مسند الإمام المجتبى أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام للمؤلف عزيز الله عطاردي: عن الحاكم، حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن أخي طاهر العقيقي الحسني، حدثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، حدّثني عمّي عليّ بن جعفر بن محمد حدثني الحسين بن زيد عن عمر بن علي عن أبيه عليّ بن الحسين، قال خطب الحسن بن علي الناس حين قتل عليّ، فحمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال لقد قبض في هذه الليلة رجل لا يسبقه الأوّلون بعمل و لا يدركه الآخرون، و قد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يعطيه رايته، فيقاتل و جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره، فما يرجع حتّى يفتح اللّه عليه و ما ترك على أهل الأرض صفراء و لا بيضاء إلّا سبعمائة درهم فضلت من عطاياه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله. ثم قال أيها الناس من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني، فأنا الحسن بن عليّ، و أنا ابن النبي، و أنا ابن الوصيّ، و أنا ابن البشير، و أنا ابن النذير، و أنا ابن الدّاعي إلى اللّه باذنه، و أنا ابن السراج المنير، و أنا من أهل البيت الذي كان جبرئيل ينزل إلينا و يصعد من عندنا، و أنا من أهل البيت الّذي أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا و أنا من أهل البيت الذي افترض اللّه مودّتهم على كلّ مسلم، فقال تبارك و تعالى لنبيه صلى اللّه عليه و آله: "قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا" (الشورى 23) فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت.
وجاء في باب ما جرى بينه عليه السلام و بين معاوية: عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان، عن أبي الصباح ابن عبد الحميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: و اللّه للذي صنعه الحسن عليه السلام كان خير لهذه الامّة مما طلعت عليه الشمس، و اللّه لقد نزلت هذه الآية "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ" (النساء 77) إنما هي طاعة الإمام و طلبوا القتال، فلمّا كتب عليهم القتال مع الحسين عليه السلام قالوا: "رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ" (النساء 77) "نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ" (ابراهيم 44) أرادوا تأخير ذلك الى القائم عليه السلام. إنّ اللّه عزّ و جلّ سمّى الباغي مؤمنا فقال عزّ و جلّ "وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا" (الحجرات 9) فجعلهم مؤمنين، قلنا لا بدّ من أن المأمور بالإصلاح بين الطائفتين المقتتلتين كان قبل اقتتالهما عالما بالباغية منها أو لم يكن عالما بالباغية منهما، فان كان عالما بالباغية منهما كان مأمورا بقتالها مع المبغي عليها حتى تفيء إلى أمر اللّه و هو الرجوع الى ما خرج منه بالبغي و إن كان المأمور بالاصلاح جاهلا بالباغية و المبغيّ عليها فانه كان جاهلا بالمؤمن غير الباغي و المؤمن الباغي و كان المؤمن غير الباغي عرف بعد التبيين. و الفرق بينه و بين الباغي مجمعا من أهل الصلاة على إيمانه لا اختلاف بينهم في اسمه و المؤمن الباغي بزعمك مختلف فيه، فلا يسمى مؤمنا حتى يجمع على أنه مؤمن كما أجمع على أنه باغ، فلا يسمى الباغي مؤمنا إلّا باجماع أهل الصلاة على تسميته مؤمنا كما أجمعوا عليه و على تسميته باغيا. فان قال، فإنّ اللّه عزّ و جلّ سمّى الباغي للمؤمنين أخا و لا يكون أخ المؤمنين إلّا مؤمنا قيل أحلت و باعدت، فانّ اللّه عزّ و جلّ سمّى هودا و هو نبي أخا عاد و هم كفار فقال "وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً" (الاعراف 65) و قد يقال للشامي يا أخا الشام و لليماني يا أخا اليمن، و يقال للمسايف اللازم له المقاتل به فلان أخ السيف، فليس في يد المتأوّل أخ المؤمن لا يكون الا مؤمنا مع شهادة القرآن بخلافه و شهادة اللغة بانه يكون المؤمن أخا الجماد الذي هو الشام و اليمن و السيف و الرمح، و باللّه استعين على امورنا في أدياننا و دنيانا و آخرتنا و اياه نسأل التوفيق لما قرب منه و أزلف لديه بمنّه و كرمه.
ن الطوسي، أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل قال: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة و سألته قال: حدّثنا محمد بن المفضل بن ابراهيم بن قيس الأشعري قال: حدّثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه علي بن الحسين عليهما السلام قال: لما أجمع الحسن بن علي عليهما السلام على صلح معاوية خرج حتى لقيه. فلمّا اجتمعا قام معاوية خطيبا فصعد المنبر و أمر الحسن عليه السلام أن يقوم أسفل منه بدرجة، ثم تكلّم معاوية، فقال: أيّها الناس هذا الحسن بن علي و ابن فاطمة رآنا للخلافة أهلا و لم ير نفسه لها أهلا، و قد أتانا ليبايع طوعا، ثم قال: قم يا حسن، فقام الحسن عليه السلام فخطب فقال: الحمد للّه اللّه المستحمد بالآلاء و تتابع النعماء و صارف الشدائد و البلاء عند الفهماء و غير الفهماء المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله و كبريائه، و علوّه عن لحوق الأوهام ببقائه المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين من أن تحيط بمكنون غيبه روايات عقول الرائين. و أشهد أن لا إله الا اللّه وحده في ربوبية وجوده و وحدانيته، صمدا لا شريك له، فردا لا ظهير له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله اصطفاه و انتجبه و ارتضاه و بعثه داعيا الى الحقّ و سراجا منيرا و للعباد ممّا يخافون نذيرا و لما يأملون بشيرا، فنصح للامّة و صدع بالرسالة و أبان لهم درجات العمالة، شهادة عليها أمات و أحشر و بها في الآجلة أقرب و أخبر. و أقول معشر الخلائق فاسمعوا و لكم افئدة و أسماع فعوا: إنا أهل بيت أكرمنا اللّه بالاسلام، و اختارنا و اصطفانا و اجتبانا، فأذهب عنا الرجس و طهرنا تطهيرا، و الرجس هو الشك فلا نشك في اللّه الحقّ و دينه أبدا و طهّرنا من كلّ أفن و عيبة مخلصين الى آدم نعمة منه، لم يفترق الناس قط فرقتين إلّا جعلنا اللّه في خيرهما، فأدّت الامور و أفضت الدّهور الى أن بعث اللّه محمدا صلى اللّه عليه و آله للنبوة و اختاره للرسالة و أنزل عليه كتابه. ثم أمره بالدعاء الى اللّه عزّ و جلّ فكان أبي عليه السلام أول من استجاب للّه تعالى و لرسوله صلى اللّه عليه و آله و أوّل من آمن و صدّق اللّه و رسوله، و قد قال اللّه تعالى في كتابه المنزل على نبيه المرسل: "أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ" (هود 17) فرسول اللّه الذي على بينة من ربه و أبي الذي يتلوه و هو شاهد منه، و قد قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله حين أمره أن يسير الى مكة و المواسم ببراءة (سر بها يا عليّ فاني أمرت أن لا يسير بها الا أنا أو رجل مني، و أنت هو يا علي). فعليّ من رسول اللّه و رسول اللّه منه، و قال له نبي اللّه صلى اللّه عليه و آله حين قضى بينه و بين أخيه جعفر بن أبي طالب عليهما السلام و مولاه زيد بن حارثة في ابنة حمزة (أما أنت يا علي فمني و أنا منك و أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي). فصدق ابي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله سابقا و وقاه بنفسه، ثم لم يزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في كلّ موطن يقدمه و لكلّ شديدة يرسله ثقة منه و طمأنينة إليه. لعلمه بنصيحته للّه و رسوله و أنه أقرب المقربين من اللّه و رسوله، و قد قال اللّه عز و جلّ: "وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ" (الواقعة 10) و كان أبي سابق السابقين إلى اللّه عز و جلّ و الى رسوله صلى اللّه عليه و آله و أقرب الأقربين، فقد قال اللّه تعالى "لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً" (الحديد 10). فأبي كان أولهم اسلاما و ايمانا و أولهم الى اللّه و رسوله هجرة و لحوقا و أوّلهم على وجده و وسعه نفقة، قال سبحانه: "وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ" (الحشر 10). فالناس من جميع الامم يستغفرون له بسبقه اياهم الايمان بنبيّه صلى اللّه عليه و آله، و ذلك يسبقه الى الايمان أحد. و قد قال اللّه تعالى: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ" (التوبة 100) فهو سابق جميع السابقين، فكما أن اللّه عزّ و جل فضل السابقين على المتخلّفين و المتأخرين، فكذلك فضل سابق السابقين على السابقين، و قد قال اللّه عز و جل: "أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ" (التوبة 19). المجاهد في سبيل اللّه حقا، و فيه نزلت هذه الآية، و كان ممّن استجاب لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله عمّه حمزة و جعفر ابن عمّه فقتلا شهيدين رضي الله عنهما في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فجعل اللّه تعالى حمزة سيد الشهداء من بينهم فجعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم، و ذلك لمكانهما من رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله. و صلّى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه.
|