• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مكبرات الصوت .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

مكبرات الصوت

 

بعد يوم شاق , امضيته في مغامرات البحث عن انابيب غاز الطبخ , ووقود مولد الكهرباء ( بنزين ) , ملئت خزان المولد , وسحبت حبل توليد الكهرباء , فصدرت اصواتا من المولد , تبشر بخير , لقد انار المنزل , طاردا الظلام الى الخارج , تركت المولد على هذا الحال , وتوجهت لتشغيل زر جهاز التكييف المائي ( مبردة ) , فصدرت منها اصواتا تدل على عدم وجود الماء في خزانه , توجهت الى الحنفية , لم يكن فيها ماء , ادرت مضخة الماء , فلم تجري ولا قطرة واحدة , قررت ان احفر الارض , حتى اصل الى انابيب نقل المياه الرئيسية , لكني لم اجد ما احفر به , سوى فأس قديم , شرعت بالحفر , لمسافة متر او مترين , وقفت على الانبوب الرئيسي , خرقته في احد جوانبه , و اوصلت به انبوب نقل الماء المنزلي ( صونده ) , ثم ادرت مضخة الماء , بدأ الماء بالتدفق , ملئت خزان جهاز التكييف المائي , وبدأ العمل كما ينبغي , ذهبت الى الفراش , وقبل ان استلقي , تذكرت الحفرة , لابد لي ان اصلح ما افسدت  .
دفنت الحفرة جيدا , شعرت بالارهاق , وتسرب النعاس الى عيوني , فتمددت على الفراش , لكني لم استطع النوم , وذلك بسبب مكبرات الصوت , حيث لدى الجيران حفلة عرس , وبالرغم من تأخر الوقت , لا تزال مكبرات الصوت تملئ الافاق بتلك الاغاني القبيحة , نهضت من الفراش , وقررت ان اذهب اليهم , واطلب من تخفيض مستوى الصوت , كي يعم الهدوء والسلام في المنطقة , وجدت مجموعة من الشباب , البعض يدخن السيكار , والاخر تجمعوا حول الاركيلة , يتبادلون بذيء الكلام , القيت عليهم التحية , فرحبوا بيّ اشد ترحاب , وطلبوا مني ان اشاركهم في ما لديهم , اعتذرت لهم , وطلبت منهم ان يخفضوا الصوت , بمستوى هم وحدهم من يسمعه , ولا يزعجون غيرهم , رحبوا بالفكرة , وسارعوا الى ذلك , لقد كانوا طيبين جدا ! . 
عدت الى البيت , اثناء ذلك , لاحظت مجرى تصريف المياه الخارج من بيتي قد غمرته بعض النفايات , مما منع وصول المياه الى المجرى الرئيسي , اذا لابد لي ان اجلب شيئا ازيل به النفايات , وعند وصولي الى باب المنزل , عاد صوت المكبرات يشق عنان السماء , وكأن القوم استغفلوني  , ما اصعب ان يستغفلك قومك ! . 
دخلت البيت , لم اجد سوى عصا كبيرة , يمكنني فيها من ازالة النفايات من المجرى , فتحت الباب , وتوجهت نحو المكان المطلوب , بينما لاحظت اولئك الشباب قد تركوا مكانهم وهربوا جميعا , لقد ظنوا اني جلبت العصا كي انال منهم , فقديما كان يقول معلمي ( العصا لمن عصى ) , بهرني الموقف , التفت يمينا ويسارا , لم يكن هناك احد في الشارع سواي , فلوحت بالعصا هكذا وهكذا , تغمرني نشوة النصر , وتطربني تلك الاغاني من مكبرات الصوت , فتصورت اني فارسا من فرسان التاريخ القديم , كالقعقاع او عنترة بن شداد وغيرهم , فرفعت العصا الى الاعلى , وشرعت بمبارزة الهواء , وصرخت ( هل من مبارز ؟ ) , فنسج خيالي صورة فارس , قد ارتدى زي القتال , يتقدم نحوي , فصرعته بضربة واحدة , ثم جاء اخر , ممتطيا جواده , فقطعت قوائم الفرس , فوقع على الارض , ثم اجهزت عليه بلا رحمة , وهكذا توالت عليّ الفرسان , واحدا بعد الاخر , فقضيت عليهم جميعا .
 بينما كنت ابارز الفارس الثامن , لاحظت ان أولئك الشباب قد عادوا , وفي يد كل واحد منهم عصا غليظة , تتزلزل لها قلوب الشجعان , يتقدمون نحوي , التفت نحو الفارس الثامن , فلم يكن موجودا , ربما هرب , ونجا بحياته , فرمقت الشباب بنظرة , حسبت المسافة بيني وبينهم , ثم نظرت الى باب منزلي , وحسبت المسافة جيدا , فرميت العصا نحوهم , وهربت عائدا الى البيت !! . 
 
 
 
حيدر الحدراوي    
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=18769
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 06 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20