كل مجموعة مقالات من هذه السلسلة تنشر في أحد المواقع.
تفسير التبيان للشيخ الطوسي: قال الله سبحانه لنبيه صلي اللّه عليه و آله "و ما كنت" (القصص 86) يا محمّد "تَرجُوا أَن يُلقي إِلَيكَ الكِتابُ إِلّا رَحمَةً مِن رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلكافِرِينَ" (القصص 86) قال الفراء: تقديره إلا أن ربك رحمك، فأنزله عليك، فهو استثناء منقطع. و معناه و ما كنت ترجو أن تعلم كتب الأولين و قصصهم تتلوها علي أهل مكة، و لم تشهدها و لم تحضرها بدلالة قوله "وَ ما كُنتَ ثاوِياً فِي أَهلِ مَديَنَ تَتلُوا" (القصص 45) أي انك تتلو علي أهل مكة قصص مدين و موسي و لم تكن هناك ثاوياً مقيماً فتراه فتسمعه و كذلك قوله وَ ما كُنتَ بِجانِبِ الغَربِيِّ" (القصص 45) فها أنت تتلو قصصهم و أمرهم، فهذه رحمة من ربك. قوله تعالى "فَلَبِثتَ سِنِينَ فِي أَهلِ مَديَنَ" (طه 40) يعني أقمت سنين عند شعيب، يعني أحوالا اجيراً له ترعي غنمه، فمننا عليك و جعلناك نبياً حتي "جِئتَ عَلي قَدَرٍ" (طه 40) أي في الوقت ألذي قدر لإرسالك. و قال الجبائي معني "وَ فَتَنّاكَ فُتُوناً" (طه 40) أي شددنا عليك التعب في أمر المعاش حتي رعيت لشعيب عشر سنين، و يؤكده قوله "فَلَبِثتَ سِنِينَ فِي أَهلِ مَديَنَ" (طه 40) و هي مدينة شعيب "ثُمَّ جِئتَ عَلي قَدَرٍ يا مُوسي" (طه 40).
جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى "أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ ۚ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" ﴿التوبة 70﴾ الآية رجوع إلى السياق الأول وهو سياق مخاطبة النبي صلى الله عليه وآله مع افتراض الغيبة في المنافقين، وتذكير لهم بما قص عليهم القرآن من قصص الأمم الماضين. فذاك قوم نوح عمهم الله سبحانه بالغرق، وعاد وهم قوم هود أهلكهم بريح صرصر عاتية، وثمود وهم قوم صالح عذبهم بالرجفة، وقوم إبراهيم أهلك ملكهم نمرود وسلب عنهم النعمة، والمؤتفكات وهي القرى المنقلبات على وجهها من ائتفكت الأرض إذا انقلبت قرى قوم لوط جعل عاليها سافلها. وقوله "أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ" (التوبة 70) أي بالواضحات من الآيات والحجج والبراهين وهو بيان إجمالي لنبئهم أي كان نبؤهم أن أتتهم رسلهم بالآيات البينة فكذبوها فانتهى أمرهم إلى الهلاك، ولم يكن من شأن السنة الإلهية أن يظلمهم لأنه بين لهم الحق والباطل، وميز الرشد من الغي، والهدى من الضلال، ولكن كان أولئك الأقوام والأمم أنفسهم يظلمون بالاستمتاع من نصيب الدنيا والخوض في آيات الله وتكذيب رسله. قوله تعالى "كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ" (هود 95) غني في المكان إذا أقام فيه. وقوله "أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ" (هود 95) إلخ. فيه لعنهم كما لعنت ثمود، وقد تقدم بعض الكلام فيه في القصص السابقة. في تفسير القمي، قال: قال: بعث الله شعيبا إلى مدين وهي قرية على طريق الشام فلم يؤمنوا به.
جاء في تفسير الكاشف للشيخ محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات: "وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ" (هود 84). و "ولا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ والْمِيزانَ" (هود 84) هذا نهي عن التطفيف، ومثله الآية الأولى من المطففين: "وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ" (المطففين 1) أي ينقصون "إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ" (هود 84) المراد بالخير السعة في الرزق "وإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ" (هود 84) هذا إنذار لهم بالعذاب ان أصروا على العصيان. "ويا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ والْمِيزانَ بِالْقِسْطِ" (هود 85) بعد أن نهاهم عن النقصان أمرهم بالوفاء والتمام، والمعنيان واحد، ولا نفهم الغرض من ذلك إلا التأكيد "ولا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ" (هود 85). والأشياء تشمل كل شيء، ومنه الحق المادي والمعنوي وعليه يكون التحريم عاما للبخس في الكيل والميزان، ولبخس الإنسان وانتقاصه في علمه أو خلقه. "ولا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ" (هود 85). ظاهر اللفظ يدل على أن المعنى ولا تفسدوا في الأرض مفسدين، لأن العثو والفساد بمعنى واحد، فوجب إما تأويل كلمة العثو بالسعي،ويكون المعنى ولا تسعوا في الأرض مفسدين، وإما تأويل كلمة مفسدين بمتعمدين، ويكون المعنى ولا تفسدوا في الأرض متعمدين أو معتدين،وذلك بأن تثيروا الحرب وتسفكوا الدماء بلا سبب موجب، اما إذا كانت الحرب للقضاء على الفساد والحرب فيكون تركها، والحال هذه، هو الفساد،ومن هنا كان الجهاد من أفضل الطاعات. وهذا التأويل أرجح من غيره. الفرق بين العثي والإفساد نهى الله سبحانه بني إسرائيل عن الفساد بفعل لا تعثوا، من العثي وهو شدة الفساد، وتشبه في معناها العيث، إلا أن العيث أكثر ما يقال في الفساد الذي يدرك حسا، والعثي فيما يدرك حكما. وبهذا يكون معنى لا تعثوا هو معنى المفسدين ولكنه مع تأكيد أشد. وقد تشير عبارة النهي بأجمعها إلى حقيقة بدء الفساد من نقطة صغيرة، واتساعها واشتدادها بعد ذلك. أي تبدأ بالفساد وتنتهي بالعثي الأرض، وهو شدة الفساد واتساعه.
جاء عن مركز الأبحاث العقائدية: السؤال: هل العربية التي تكلم بها الانبياء العرب كاسماعيل وشعيب وهود وصالح عليهم السلام هي نفسها العربية التي تكلم بها سيد الرسل محمد صلى الله عليه واله؟ الجواب: الأنبياء المشار إليهم كانوا يتكلمون باللغة العربية القديمة وهي تختلف عن العربية التي نزل بها القرآن الكريم ونطق بها الرسول الأمين محمد صلى الله عليه وآله في كثير من مفرداتها، وهؤلاء الأنبياء ينتمون إلى صنف من العرب يسمون بالعرب البائدة (وهي قبائل: جرهم وجديس وثمود وعاد وإرم وعمليق وطسم ووبار) ، فالعرب على ثلاثة أصناف: بائدة وعاربة ومستعربة. فالبائدة: هي القبائل التي بادت وانقرضت، والعاربة هي بعض القبائل التي بادت وانقرضت. والعاربة: هي بعض القبائل القحطانية في اليمن وحضرموت سموا بالعاربة نسبة إلى يعرب بن قحطان ومن قبائلهم سبأ وحمير. أما المستعربة: فهم العدنانيون وترجع أنسابهم إلى النبي إسماعيل عليه السلام، فاسماعيل عليه السلام كان يتحدث بلغة جدهم وهي من البائدة وأحفاده العدنانيون كانوا يتحدثون بلغة معد بن عدنان وهي العربية التي تنتمي إليها لغة قريش وتميم. وأما هود فهو من قبيلة عاد من البائدة، وصالح من ثمود وهي من البائدة أيضاً وكذلك شعيب فإنه ينتمي إلى قبيلة مدين وهي من القبائل البائدة ومحلها في أرض الجزيرة في طريق الشام، غير أنه ليس كل الأنبياء العرب قبل الإسلام هم من العرب البائدة بل إن بعضهم من المستعربة العدنانيين كخالد بن سنان العبسي من أنبياء الفترة بين عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وآله وكان معاصراً لقيس بن زهير العبسي وممن شهد حرب (داحس والغبراء) بين عبس وذبيان وهو صاحب نار الحرتين أو نار الحدثان وخبره مع بني عبس مشهور وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله: نبي ضيعه قومه، وكانت ابنته محياة ممن وقد على النبي صلى الله عليه وآله فاستقبلها بأحسن استقبال وقال: ابنة نبي ضيعه قومه.