• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كلمات لها علاقة بولادة مريم عليها السلام في القرآن الكريم (انتبذت) (ح 2) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

كلمات لها علاقة بولادة مريم عليها السلام في القرآن الكريم (انتبذت) (ح 2)

نزل جبرائيل على مريم على صورة بشر "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً * فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً" (مريم 16-21). وعندما بدأ الحمل يظهر على مريم خرجت من بيت المقدس حتى لا تلفت الانظار"فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا" (مريم 22). وعندما بدأ الحمل يظهر على مريم خرجت من بيت المقدس حتى لا تلفت الانظار. ورد في روايات ان السيدة مريم عليها السلام تركت فلسطين الى مكان بعيد قصي"فَحَمَلَتهُ فَانتَبَذَت بِهِ مَكانًا قَصِيًّا" (مريم 22) شرقا"وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا" (مريم 16). وكانت فزعة لانها ستذهب الى مكان بعيد جدا حتى طلبت الموت"يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا" (مريم 23).
سورة مريم تحوي آيات تتحدث عن مريم وابنها المسيح عليهما السلام فقد خشيت مريم من قومها ان يتهمها بالفاحشة فذهبت إلى مكان قصي او بعيد"فَحَمَلَتهُ فَانتَبَذَت بِهِ مَكانًا قَصِيًّا" (مريم 22) كونها لم تتزوج فكيف تلد وهي التقية الصالحة المحصنة "وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ" (التحريم 12). كان من بين المهاجرين جعفر بن ابي طالب الذي خاطب النجاشي وابلغه بسماحة دين الاسلام الجديد مع الاديان الاخرى مستشهدا بآيات من سورة مريم منها"وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا" (مريم 16) و"ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ" (مريم 34). وعن الخلق الاعجازي في ولادة مريم عليها السلام يقول الدكتور محمد حسين الصغير: وهنا الإرهاص التوقعي أن مريم عليها‌ السلام ستلد غلاماً زكياً، بعد أن إنتبذت من أهلها مكاناً شرقياً، وأتخذت لها من دونهم ستراً وحجاباً، فأرسل الله الروح الأمين جبرئيل عليه‌ السلام متمثلاً بشراً سوياً متكاملاً، فأستعاذت به من الله تعالىٰ إن كان تقياً، فأخبرها بأنه رسول الله ليهب لها هذا الغلام ، فأنكرت ذلك لأنها لم يمسسها بشر ولم تك بغيّاً ، وهنا يتجلىٰ البعد الاعجازي الجديد، في بيان هوان الأمر على الله، وفي جعله آية للعالمين"قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22)" (مريم 21-22).
جاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قال الله تعالى "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا" (مريم 16) "واذكر في الكتاب" القرآن "مريم" أي: خبرها "إذ" حين "انتبذت من أهلها مكانا شرقيا" أي: اعتزلت في مكان نحو الشرق من الدار. انتبذت فعل، انتبذت: اعتزلت و انفردت بناحية. و النُّبذَة و النَّبذَة: الناحية. انْتَبَذَتْ: اعتزلت وتنحت. قوله سبحانه "فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا" (مريم 22) "فحملته فانتبذت" تنحَّت "به مكانا قصيا" بعيدا من أهلها.
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا" (مريم 16) عطف سبحانه قصة مريم وعيسى عليهما السلام على قصة زكريا ويحيى عليهما السلام فقال "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ" أي: في كتابك هذا وهو القرآن "مريم" أي: حديث مريم وولادتها عيسى وصلاحها ليقتدي الناس بها ولتكون معجزة لك "ِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا" (مريم 16) أي: انفردت من أهلها إلى مكان في جهة المشرق وقعدت ناحية منهم قال ابن عباس : إنما اتخذت النصارى المشرق قبلة لأنها انتبذت مكانا شرقيا وقيل اتخذت مكانا تنفرد فيه للعبادة لئلا تشتغل بكلام الناس عن الجبائي وقيل تباعدت عن قومها حتى لا يرونها عن الأصم وأبي مسلم وقيل إنها تمنت أن تجد خلوة فتفلي رأسها فخرجت من يوم شديد البرد فجلست في مشرقة للشمس. وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا" (مريم 16) المراد بالكتاب القرآن أوالسورة فهي جزء من الكتاب وجزء الكتاب كتاب والاحتمالان من حيث المال واحد فلا كثير جدوى في إصرار بعضهم على تقديم الاحتمال الثاني وتعيينه. والنبذ على ما ذكره الراغب طرح الشيء الحقير الذي لا يعبأ به يقال نبذه إذا طرحه مستحقرا له غير معتن به، والانتباذ الاعتزال من الناس والانفراد. ومريم هي ابنة عمران أم المسيح عليه السلام، والمراد بمريم نبأ مريم وقوله: "إذ" ظرف له، وقوله: "انتبذت" إلى آخر القصة تفصيل المظروف الذي هو نبأ مريم، والمعنى واذكر يا محمد في هذا الكتاب نبأ مريم حين اعتزلت من أهلها في مكان شرقي، وكأنه شرقي المسجد. جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: هناك بحث بين المفسّرين في مدّة حمل مريم، بالرغم من أنّه ذكر في القرآن بصورة مخفية و مبهمة، فبعضهم حسبه ساعة واحدة، و آخر تسع ساعات، و ثالث ستة أشهر، و رابع سبعة، و آخر ثمانية، و آخر تسعة أشهر كسائر النساء، إلّا أن هذا الموضوع ليس له ذلك التأثير في هدف هذه القصّة. و الرّوايات الواردة في هذا المجال مختلفة أيضا. و قد اعتقد الكثيرون أنّ المكان (القصي) هو مدينة (الناصرة) و ربّما بقيت‌ في تلك المدينة بصورة دائما و قلّما خرجت منها. و مهما كان فقد انتهت مدّة الحمل، و بدأت لحظات تلاطم أمواج حياة مريم، و قد دفعها ألم الولادة الشديد الذي هاج فيها إلى ترك الأماكن المعمورة و التوجه إلى الصحاري الخالية من البشر، و القاحلة التي لا عشب فيها و لا ماء و لا مأوى.
تكملة للحلقة السابقة جاء عن موقع العتبة العباسية المقدسة عن ماذا تعرف عن مقام (نخل مريم) في كربلاء: وعلى العموم فإن المقام المذكور الذي كان موجودا في كربلاء كرمز للولادة المباركة فيه، هو عبارة عن محراب مرصع بأحجار من الرخام الناصع؛ يخال الناظر أليها أنها قطع من المرايا، وفي وسط هذا المحراب حجر أسود على شكل دائرة يبلغ قطرها (40) سم تقريبا، أما المحراب فقد صُمم على شكل نخلتين منحوتتين من نفس الحجر، وقيل نخلة وسط عمودين من المرمر وفي الوسط موقع الحجر المذكور(تأريخ مرقد الحسين والعباس، سلمان آل طعمه: ص 83ـ84 ). والحجر مصنوع بشكل حديث نسبيا؛ محاكاة للصخرة الأصلية التي ذكرناها في رواية الولادة أو تشبيها للحدث المبارك بشكل نحتي مجسم، إذ لا يتجاوز عمر الصخرة قرنين من الزمان؛ فكان المقام مكانًا مباركًا يُذّكر بموضع الولادة الميمونة المذكور سابقًا، يفد إليه الزوار قبل اندراسه. وقد ذُكر أن المقام يقع على بعد مترين من الضريح الحسيني المقدس من جهة الرأس الشريف، حيث كان على شكل صخرة رخامية ملتصقة بالحائط، تُعرف بـ "مقام جذع النخلة" وهو من الآثار المقدسة في الحرم، وقد جاء وصف هذا المقام في كتاب (سفر نامة عضد الملك) الذي زار كربلاء المقدسة سنة 1284 هـ / 1867م، وتُرجم إلى العربية كما يلي: وإنّ نخلة مريم هي عمود بين الصفة ومقابل الوجه المبارك فوق الرأس المطهر، حيث يكتنفها عمودان رفيعان بطول ذراع واحد، وضعت النخلة بين العمودين المذكورين، وبين النخلتين (هكذا في الأصل، وقبل قليل قال: إنّها نخلة مما يوحي بانها نخلة واحدة) نُصب حجر أسود، وقد ورد وصف موجز لهذا المقال ننقله حرفيًّا: وفوق رأس الحسين عليه السلام كانت أسطوانتان قصيرتان من المرمر ملتصقتان بالجدار الذي كانوا يسمونه (مقام جذع النخلة) الخاص بمريم العذراء عليها السلام والذي تولّدَ فيه عيسى بن مريم عليهما السلام ووضع فوق ذلك المقام صخرة سوداء مشوبة بالحمراء؛ فسألت عن هذه الصخرة فقالوا إنّ هذه الصخرة انتقلت مع الزوار من خراسان الى كربلاء ونُصبت قبل خمس عشرة سنة في هذا المكان (أي من تاريخ زيارته المذكور في الهامش). وعن تاريخ المقام ورد ما ترجمته: أنّ تاريخ صخرة المرمر المكتوب تحت نخلة مريم هو "وهزي إليك بجذع النخلة" (مريم 25) (1255)هـ




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=189544
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 12 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3