من خلال الاطلاع اكثر على اقوال واراء الدكتور سروش حقيقة تفاجأت لتواضع افكاره وكأن الغاية من حديثه هو نقد الخطاب الاسلامي عموما والشيعي خصوصا وقراءة سطحية وليست متأنية لطروحاته اجد نفسي مستغربا من كيفية التفكير هكذا ولا حجة لنا على من يهول ويروج لهذه الاراء لانها تتفق وغاياتهم اما ان امنح مساحة اعلامية واهتمام كبير لطروحاته هذا ما لا يستحقه
ومن بين ارائه المتواضعة قوله
(إن الأديان والأيديولوجيات خزانات إجابات جاهزة، قطعية، وأبدية، ولهذا قلما تسمح بالأسئلة. المجتمع الليبرالي متعدد الطرق، والمجتمع الديني أُحادي الطريق. فعلى سبيل المثال الآية القرآنية: {إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا}(الإنسان 3)، لم تعنِ للمفسرين يوماً إشارة إلى حق الإنسان في الاختيار، بل على العكس، كانت تفيد التكليف دوماً، فما من مفسّر قال إن من حق الإنسان أن يختار الشكر أو الكفر، إنما أجمع الكل على عدم تساوي هذين، فإذا اختار إنسان الكفر حوسب ونال جزاءه.) انتهى --- المصدر مباني النظرية الليبرالية - عبدالكريم سروش
المغالطات التي يقع فيها الدكتور سروش واضحة للعيان فمسالة المقارنة بين المجتمع الليبرالي والمجتمع الديني مقارنة مغلوطة ولتقريب المعنى مثلا هل يجوز المقارنة بين محل متخصص ببيع بضاعة معينة واحدة ومجمع يبيع كل الانواع ؟ المجتمع الديني هو محدود الطريق حسب هوية الدين فالمجتمع الاسلامي ديانته اسلامية والمسيحي كذلك واليهودي والبوذي والكونفوشيوسي كل على ديانته .
فمن المؤكد ان المجتمع الليبرالي لا هوية له لانه خليط والمجتمع الديني هويته ديانته ، ومن هذا المنطلق جاء الخلط والغلط واللغط في تفسير الاية انا هديناه ....حيث انه نظر اليها من باب الاختيار على عكس ما ينظر اليها الفقيه ونظرته خاطئة ونظرة الفقيه صحيحة كيف ذلك ؟ ان كلمة شاكر او كافر تعني ماهو عليه الفرد عندما تمنحه نعمة معينة فعندما يقول لك الله عز وجل اذا تمسكت بما منحتك اياه فانت شاكر واذا فرطت بما منحتك اياه فانت كافر وهذا بعينه عندما يقول الفقيه الصلاة واجبة على المسلم لانها طريق الجنة ومن لا يصل فان طريقه الى النار وترك لك الخيار ، مثال اخر للتقريب امنحك كذا مبلغ لتشتري احد الدارين الاول بنائه متين وضمن الضوابط القانونية وصاحب الدار رجل مؤمن والدار الثانية مخالف للقانون وفيها تجاوز وصاحب الدار امواله مغصوبة اي الدارين تشتري ؟ فمجرد ذكر الصفات للدارين تم تحديد الاسلم للمشتري ، والتكليف الذي يقول به الفقيه يكون مصدره الكتاب والسنة والاجماع والعقل ، اما امكانية تطوير الخطاب الاسلامي فهذا مطلب كل اسلامي يشتغل في الفقه الاسلامية ويبقى كيفية معرفة الطريق الاسلم للتطور الذي يجنب المجتمع الاسلامي الخطأ ؟ وعندها يكون النقد والراي موجه الى الاساليب والاصول التي يستخدمها الفقيه في استنباط الحكم الشرعي لا الى الحكم الشرعي نفسه ، وخير دليل على تطور الخطاب الاسلامي هو ما جاء به الاصوليون من طرق حديثة في استنباط الحكم الشرعي على عكس ما كان عليه الاخباريون فطريقة الاستنباط هي التي تطورت ومنحت الفقيه مساحة اوسع للتفكير والاستنباط ومثل هكذا تطور في الخطاب الاسلامي هو المطلوب والصحيح .
|