من سـيعترض على السفياني؟
صرّحتِ الرواياتُ الشريفةُ بأنّ السفياني يُعدُّ من علاماتِ الظهور، وأنّه سيكونُ من البلاءاتِ الصعبةِ التي ستكابدها الأمةُ المؤمنةُ إبّان الظهور، وأنّه سيعملُ على القضاءِ على الشيعة ما أوتيَ إلى ذلك سبيلًا، وهُنا سؤال:
هل سيعترضُ على تحرُّكاتِه أحدٌ؟
أم أنّ الجميعَ سيقفُ بينَ مُتفرِّجٍ عليه وبينَ مُستسلمٍ له؟
ولن يقفَ بوجهِه سوى الإمامِ المهدي؟!
والجواب:
لا شكّ أنّ آخرَ معاركِ السفياني ونهايتَه ستكونُ على يدي الإمامِ المهدي كما صرّحتْ بذلك بعضُ الروايات.
فقد رويَ عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر، قال: «إذا بلغَ السُفياني أنَّ القائمَ قد توجَّه إليه من ناحيةِ الكوفة، يتجرَّدُ بخيله حتَّىٰ يلقىٰ القائم... فيستقبله فيقاتله، ثمّ يمسون تلك الليلة، ثمّ يصبحون للقائم بالحرب، فيقتتلون يومهم ذلك. ثمّ إنَّ الله (تعالىٰ) يمنحُ القائمَ وأصحابَه أكتافهم، فيقتلونهم حتَّىٰ يفنوهم...» .
ولكن قبلَ ذلك تذكرُ الرواياتُ أنّ السفياني سيخوضُ عدّةَ معارك، وهي باختصارٍ:
أولًا: سيُواجهُ السفياني شخصيتين سمّتهما الرواياتُ بالأصهب والأبقع، وسيكونُ الانتصارُ من حليفِ السفياني.
ثانيًا: سيخوضُ السفياني معركةً عند توجهه نحو العراق سمّتها الروايات بمعركة قرقيسياء.
ثالثًا: ذكرتِ الرواياتُ أنّ الخُراساني سيُسابقُ السُفياني نحو الكوفة، وتسابقُه معه نحوها يقتضي أنْ يكونَ للخُراساني من القوةِ ما يسمحُ له بالتسابُقِ مع السفياني، وهذا قد يستلزمُ مواجهةً بينهما، وقد أشارتْ إلى ذلك بعضُ الروايات، حيث وردَ فيما رويَ عن رسول الله: ...ثم تخرجُ راياتٌ سودٌ صغار، تُقاتلُ رجلًا من ولدِ أبي سفيان وأصحابه من قبل المشرق، ويؤدّون الطاعة للمهدي.
رابعاً: وسيثورُ بعضُ الشيعةِ ضدَّ السفياني في الكوفة، فيقتلُهم جيشُ السفياني.
وإلى هذه الحروب أشارتْ روايةُ الإمامِ الباقر التي رواها عنه جابر حيث ورد فيها:
«...، فَأَوَّلُ أَرْضٍ تَخْرَبُ أَرْضُ الشَّامِ، ثُمَّ يَخْتَلِفُونَ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَىٰ ثَلَاثِ رَايَاتٍ: رَايَةِ الْأَصْهَبِ، وَرَايَةِ الْأَبْقَعِ، وَرَايَةِ السُّفْيَانِيِّ، فَيَلْتَقِي السُّفْيَانِيُّ بِالْأَبْقَعِ، فَيَقْتَتِلُونَ فَيَقْتُلُهُ السُّفْيَانِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ، ثُمَّ يَقْتُلُ الْأَصْهَبَ، ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهُ هِمَّةٌ إِلَّا الْإِقْبَالَ نَحْوَ الْعِرَاقِ، وَيَمُرُّ جَيْشُهُ بِقِرْقِيسِيَاءَ ، فَيَقْتَتِلُونَ بِهَا، فَيُقْتَلُ بِهَا مِنَ الْجَبَّارِينَ مِائَةُ أَلْفٍ، وَيَبْعَثُ السُّفْيَانِيُّ جَيْشاً إِلَىٰ الْكُوفَةِ، وَعِدَّتُهُمْ سَبْعُونَ أَلْفاً، فَيُصِيبُونَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَتْلاً وَصُلْباً وَسَبْياً، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَتْ رَايَاتٌ مِنْ قِبَلِ خُرَاسَانَ، وَتَطْوِي المَنَازِلَ طَيًّا حَثِيثاً، وَمَعَهُمْ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ الْقَائِمِ، ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ مَوَالِي أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي ضُعَفَاءَ، فَيَقْتُلُهُ أَمِيرُ جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْكُوفَةِ...» .
خامسًا: وسيخوضُ المنصورُ اليماني ضدّه حربًا، وإن ذكرتِ الروايةُ أنّه سيخسرُ معركته أمامَ السفياني، لكنّه -من ثَمّ- سيحدُّ من تحرُّكاته، وسيعملُ على تقويضِ حركتِه قدر الإمكان. ففي كتابِ الفِتَنِ عن جابر، عن أبي جعفر، قال: «إذ ظهرَ السفياني على الأبقع وعلى المنصور اليماني والكندي والترك والروم خرج وصار إلى العراق...»
فإنَّ التعبيرَ بـ (ظهر على) يدلُّ على غلبةِ السفياني على المنصور.
ويبدو أنه هو اليماني نفسه، كما هكذا أسمته بعض الروايات، فقد روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: وفد على رسول الله أهل اليمن، فقال النبيُّ: «... قوم رقيقة قلوبهم راسخ إيمانهم، ومنهم المنصور، يخرج في سبعين ألفًا ينصر خلَفي وخَلَف وصيّي...» .
سادسًا: تذكرُ المروياتُ أنّ هناك مجموعةً من الشيعةِ سيتتبعون جيشَ السفياني الذي يأسرُ ويسبي بعضَ النساء من شيعةِ الكوفة ويستخلصونهن منه.
فقد جاء في رواية عامية عن أرطأة: «...ويخرجُ قومٌ من سوادِ الكوفة يُقالُ لهم: العصب، ليس معهم سلاحٌ إلا قليل، وفيهم نفرٌ من أهلِ البصرة، فيُدركون أصحابَ السفياني فيستنقذون ما في أيديهم من سبي الكوفة...» .
سابعًا: وتذكرُ بعضُ المرويات أنّ العربَ سيجتمعون لقتالِ السفياني وتحدثُ بينهم معركةً عظيمة، فقد جاء في رواية المروزي عن الوليد بن مسلم: ...ثم يولّون عليهم رجلًا من أهلِ بيته فهو الذي يفعل بالناس الأفاعيل، ويظهرُ أمرُه، وهو السفياني، ثم يجتمعُ العربُ عليه بأرض الشام فيكونُ بينهم قتالٌ، حتى يتحوّل القتالُ إلى المدينة، فتكونُ الملحمةُ ببقيع الغرقد.
ملحوظة:
قد يُقال: إنَّ العديدَ من هذه الرواياتِ ضعيفةُ السند!
والجوابُ: هذا صحيحٌ، ولكنّها بمجموعِها تُعطينا انطباعًا عن أنَّ السفياني لن يعدمَ المُعارضةَ من العديدِ من الجبهات، سواء كانتْ تلك الجبهات على حقٍّ (مثل اليماني والخراساني...)، أو كانتْ على باطلٍ (مثل الأصهب والأبقع)، ومن ثمَّ لا يُمكِنُ القولُ: إنّ السفياني لنْ يجدَ أيَّ معارضٍ من الناسِ يقفُ ضدّ توسعاتِه وأطماعه.
|