إن تأسيس دولة العدل الإلهي مهمة عظيمة وشاقة، ويقيناً لن تتأتى بين ليلة وضحاها، بل بجهود مضنية وعمل مستمر لتحقيق ذلك الهدف السامي الذي سعى الأنبياء والصالحين لتحقيقه وسيكتمل بناءها على يدي الإمام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) لذا يجب العمل على وضع ركائز أركان تلك الدولة، ركن بعد آخر، وبما أن الدولة تتكون من مجموعة مؤسسات، لذا أصبح لزاماً تأسيس مؤسسات تحمل صبغة وأهداف دولة العدل الإلهي.
العمل المؤسساتي هو قاعدة للإستمرار والتقدم، ولا يتوقف عند رحيل المؤسس أو الشخص الذي يديره، بل يبقى في عطائه مستمراً ومتواصلاً، إن الكثير من الأنشطة والمبادرات انتهت بعد رحيل أصحابها، مهما يصل مدى عطاء تلك الأنشطة، فهو سريع الانكماش والاضمحلال وسرعان ما سيختفي عن الساحة، لأن تلك المشاريع أو تلك المبادرات لم تُبنى بشكل صحيح كي تستمر بعملها وعطائها، وتعطي ثمارها بشكل متواصل.
إن العمل المؤسساتي لا يُجيرُ لأحد، بل وجد لفائدة ومصلحة المجتمع بصورة عامة، مما يشعر الجميع أن هذا الصرح هو ملكهم جميعاً، فتتحد الأيادي والجهود والهمم للمساهمة فيه، والحفاظ عليه، فنراه يكبر ويتوسع مع مرور الزمن ليشمل بظله كافة المشمولين برعايته.
نحتاج إلى تأسيس الكثير من المؤسسات، التي تسد متطلبات المجتمع، وتحافظ عليه من الانزلاق عن خط الإنتظار، وترفع من قدراته، ليتحمل مسؤولية العبء الذي يقع عليه، فعلى سبيل المثال تأسيس قناة تلفزيونية للأطفال، تعمل على تنمية وترسيخ القيم والمبادئ التي يحتاجها الأطفال لبناء شخصياتهم وهم بتلك الأعمار، والغاية هي تحصينهم مما هو موجود اليوم من الاعلام الاصفر والمؤدلج وبالتالي قطع الطريق على القنوات الأخرى ومحتواها الذي يسرق أطفالنا ويؤثر عليهم.
كثيرة هي الاشياء التي تحتاج منا إنشاء مؤسسات تُقوُم الوضع الحالي والغير طبيعي، فعلى سبيل المثال، لدينا مشكلة تزايد المرضى بشكل كبير، في قبالة قلة المستشفيات والعيادات الطبية التي تستطيع استقبال واستيعاب هكذا أعداد كبيرة من المرضى، كذلك الحال مع المريض الذي يطوف على العديد من الأطباء حتى يصل بالنهاية لمعرفة مشكلته الصحية، وعليه يجب إيجاد مؤسسات صحية كبيرة وبمختلف الاختصاصات لحل تلك المشاكل.
ويقيناً أن أكثر ما يتطلب الرعاية والاهتمام هم شريحة الأيتام، لأنهم يمثلون جزءاً كبيراً من المجتمع، وذلك بسبب ما مرت وتمر به بلداننا الإسلامية من حالة عدم الإستقرار الأمني والحروب التي خلفت الكثير من جيوشاً كبيرة من الأيتام والأرامل، وبالطبع من يفقد أبيه، لا يمكن سد أحتياجاته بسهولة، ولهذا فقد بُذرت بذرة مؤسسة العين للرعاية الاجتماعية الدولية عام 2006، فنمت وكبرت وحصلت على مأذونية المرجع الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف) في أخذ الحقوق الشرعية، لتسلمها إلى مستحقيها من الأيتام، إن مشوار مؤسسة العين يبدأ مع اليتيم منذ إن يفقد والده، حيث تتكفل المؤسسة بكافة متطلباته الحياتية، من البيت وتأثيثه، حتى إكمال دراسته على نفقاتها، كل الخدمات تصل إليه بشكل يسير، مع صون كرامتهم وحفظ خصوصية عوائلهم، حتى رواتبهم الشهرية يستلمونها عن طريق بطاقات مصرفية، حيث يتسنى لهم استلامها من أي منفذ يرغبون به.
تسعى مؤسسة العين أن تكون كفالتهم على أفضل مستوى ممكن، في جميع الجوانب، الصحية والبدنية والنفسية والتعليمية، وكذلك التدريب المهني والاكتفاء الذاتي والدعم القانوني للأيتام، فقد أنشأت مشاريع لتلبية تلك الاحتياجات، كمشروع الانجم الزاهرة ومشروع حكايتي، اللذان يقومان على إعادة تأهيل اليتيم نفسياً، وإدخاله ورش عمل مهني، حتى يصل لمرحلة البلوغ بأمان.
إن عدد الأيتام الذين ترعاهم هذه المؤسسة تخطى المائة والخمسين الف يتيم، وقد امتدت خدماتها من العراق الى أفغانستان وغانا، ولها فروع منتشرة في الكثير من بلدان العالم، كذلك تعد مؤسسة العين مشمولة في التنزيل الضريبي، فأي شخص يتبرع لها، يمكن أن ينزل المبلغ من الضريبة المفروضة عليه.
هذه المؤسسة المعطاء التي تعد مؤسسة ممهدة، قد طبقت وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) "فلا يضيع بحضرتكم الأيتام" لقد رفعت معاناة آلاف المحتاجين، ولم تتركهم ابداً، حتى يشتد ساعدهم، وتبحر سفينتهم بسلام.
منذ قرون وأيتام المسلمين يصارعون العوز والحرمان، أما الآن كل ما يحتاجونه يصل إليهم، حيث تقوم هذه المؤسسة بتفقدهم بين الفينة والاخرى لتطّلع على أحوالهم وتلبي إحتياجاتهم، تُرى كم أسروا قلب الإمام المهدي بعملهم هذا ؟ وكم قد أنقذوا عوائل وأيتام من التشرد والضياع ؟ حقيقة نحن نبارك لهذه المؤسسة الخيّرة عملها، كما ونبارك جهاد وجهود كل العاملين فيها ، وفي مقدمتهم فضيلة الشيخ أمجد رياض والاستاذ أحمد السوداني إلى أخر متبرع للمؤسسة، شكراً بحجم فرحة الأيتام وستر الأرامل إلى سيدنا المفدى الإمام السيستاني(دام ظله)
وأخيراً نقول، إن التمهيد المؤسساتي هو الإنتظار العملي، الذي يرفع مظلومية الناس، بالمقدار الذي تصل إليه أيدي الممهدين، إن تعدد المؤسسات التي تعمل بهذا الاتجاه، سيشكل نواة وقلب دولة العدل الإلهي، التي ستعمل بإشراف ومباركة الإمام المهدي المنتظر روحي له الفداء.
|