من الأيام التي يفخر بها المسلمون ما لها علاقة بولادة أحد قادتها؛ لاتخاذهم انطلاقة نحو تجدد العهد معهم، والسير على منهجهم، والتعلُّم منهم ما كتبوه على صفحات التاريخ بأحرف من نور.
وفي رابع شعبان يسطع كوكب جديد في مدار فلك الإنسانية، إنه حفيد سيد الوصيين أبو الفضل العباس "عليهما السلام"، هذا المولود الذي أنجبته امرأة غدت عنوان (الوفاء)، وما أعظمه من عنوان تحتاجه البشرية، وهي فاقدة لمعناه!! بل لذكره على الألسن؛ خوف تكذيبه للواقع الذي هي عليه؟!!
لقد ولد العباس "عليه السلام" ومعه وُلِد (الوفاء) في مهده؛ لأنه ورثه بقوة وأخذه بقوة (يا يحيى خذ الكتاب بقوة)، ورثه من ذلك الوفي الأكبر لخاتم المرسلين، والذي نذر نفسه للدين، إنه علي الولاء واليقين، ومن تلك المرأة الوفية النجيبة فاطمة بنت حزام، فصار يرضع ذلك المعنى، ويملؤ سمعه، وينير بصره، حتى ملأ قلبه، فكان سيد الوفاء يوم عاشوراء في فداء أخيه سيد شباب أهل الجنة الحسين الشهيد "عليه السلام" في مواقف لا نظير لها في تاريخ الإنسانية ..
وقف ساعةً ليعلِّم الأمة ماذا أسس في هذه الساحة!!
وقف ساعةً ليملأ الدنيا وفاءً من هذه الساحة!!
وقف ساعةً ليقول للعالم تعلموا الإخوة من هذه الساحة!!
فرأت ببصرها وبصيرتها ذرات تلك الساحة، وهي مملوءة بالأشلاء والدماء ما معنى الوفاء، بين أحبة وغرباء، حين تربط بينهما السماء، بتعاليم شريعة غرَّاء ..
فلا يقف أحد في ساحة الطف إلا ويقول لعباس الوفاء:
- أشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والنصيحة..
- أشهد أنك قد بالغت في النصيحة وأعطيت غاية المجهود..
- أشهد لقد نصحت لله ولرسوله ولأخيك، فنعم الأخ المواسي لأخيه.. وغيرها
أخيرًا
- فهل هناك أعظم من هذه الكلمات (الأخ، النصيحة، الوفاء، التصديق، التسليم) وما فيها من معانٍ عظيمة!!
- وهل سنتعلَّم من هذا المولود ولادة تلك المعاني العظيمة لتكون معنا وفينا وبيننا !!
أم فقط تمرُّ علينا مثل الذكريات ..
والسلام
|