جاء في کتاب الغدير في الكتاب العزيز للعلامة الأميني: عن العذاب الواقع: ومن الآيات النازلة بعد نص الغدير قوله تعالى من سورة المعارج: "سأل سائل بعذاب واقع (1) للكافرين ليس له دافع (2) من الله ذي المعارج (3)" (المعارج 1-3) وقد أذعنت به الشيعة وجاء مثبتا في كتب التفسير والحديث لمن لا يستهان بهم من علماء أهل السنة ودونك نصوصها. قوله جل وعلا للمكذبين "وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين" (العنكبوت 18). إن سورة المعارج مكية باتفاق أهل العلم فيكون نزولها قبل واقعه الغدير بعشر سنين أو أكثر من ذلك. الجواب: إن المتيقن من معقد الإجماع المذكور هو نزول مجموع السورة مكيا لا جميع آياتها فيمكن أن يكون خصوص هذه الآية مدنيا كما في كثير من السور، ولا يرد عليه أن المتيقن من كون السورة مكية أو مدنية هو كون مفاتيحها كذلك، أو الآية التي انتزع منها اسم السورة، لما قدمناه من أن هذا الترتيب هو ما اقتضاه التوقيف لا ترتيب النزول، فمن الممكن نزول هذه الآية أخيرا وتقدمها على النازلات قبلها بالتوقيف، وإن كنا جهلنا الحكمة في ذلك كما جهلناها في أكثر موارد الترتيب في الذكر الحكيم، وكم لها من نظير ومن ذلك: 1- سور العنكبوت فإنها مكية إلا من أولها عشرة آيات كما رواه الطبري في تفسيره في الجزء العشرين ص 86، والقرطبي في تفسيره 13 ص 323، والشربيني في السراج المنير 3 ص 116. 2 - سور الكهف فإنها مكية إلا من أولها سبع آيات فهي مدنية وقوله. واصبر نفسك" (الكهف 28). الآية. كما في تفسير القرطبي 10 ص 346، وإتقان السيوطي 1 ص 16. 3 - سورة هود مكية إلا قوله: "وأقم الصلاة طرفي النهار" (هود 114). كما في تفسير القرطبي 9 ص 1 وقوله: فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك كما في السراج المنير 2 ص 40. 4 - سورة مريم مكية إلا آية السجدة وقوله: "وإن منكم إلا واردها" (مريم 71). كما في إتقان السيوطي 1 ص 16. 5 - سورة الرعد فإنها مكية إلا قوله: "ولا يزال الذين كفروا" (الرعد 31). وبعض آيها الأخر أو بالعكس كما نص به القرطبي في تفسيره 9 ص 278، والرازي في تفسيره ج 6 ص 258، والشربيني في تفسيره 2 ص 137. 6 - سورة إبراهيم مكية إلا قوله: "ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله" (ابراهيم 28). الآيتين نص به القرطبي في تفسيره 9 ص 338، والشربيني في السراج المنير 2 ص 159. 7 - سورة الاسراء مكية إلا قوله: "وإن كادوا ليستفزونك من الأرض" (الاسراء 76) إلى قوله: "واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا" (الاسراء 80). كما في تفسير القرطبي 10 ص 203، والرازي 5 ص 540، والسراج المنير 2 ص 261.
ويستطرد العلامة الشيخ عبد الحسين الأميني قائل عن موارد الترتيب في الذكر الحكيم: 8 - سورة الحج مكية إلا قوله: ومن الناس من يعبد الله على حرف. كما في تفسيري القرطبي 12 ص 1، والرازي 6 ص 206، والسراج المنير 2 ص 511. 9 - سورة الفرقان مكية إلا قوله: "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر" (الفرقان 68). كما في تفسير القرطبي 13 ص 1، والسراج المنير 2 ص 617. 10 - سورة النحل مكية إلا قوله: "وإن عاقبتم فعاقبوا" (النحل 126). الآية. إلى آخر السورة، نص بذلك القرطبي في تفسيره 15 ص 65، والشربيني في تفسيره 2 ص 205. 11 - سورة القصص مكية إلا قوله: "الذين آتيناهم الكتاب من قبله" (القصص 52) وقيل: إلا آية: "إن الذي فرض عليك القرآن" (القصص 85). الآية. كما في تفسيري القرطبي 13 ص 247، والرازي 6 ص 585. 12 - سورة المدثر مكية غير آية من آخرها على ما قيل كما في تفسير الخازن 4 ص 343. 13 - سورة القمر مكية إلا قوله: "سيهزم الجمع ويولون الدبر" (القمر 45)، قاله الشربيني في السراج المنير 4 ص 136. 14 - سورة الواقعة مكية إلا أربع آيات كما في السراج المنير 4 ص 171. 15 - سورة المطففين مكية إلا الآية الأولى ومنها انتزع إسم السورة كما أخرجه الطبري في الجزء الثلاثين من تفسيره ص 58. 16 - سورة الليل مكية إلا أولها ومنها إسم السورة كما في الاتقان 1 ص 17. 17 - سورة يونس مكية إلا قوله: "وإن كنت في شك" (يونس 94). الآيتين أو الثلاث أو قوله: "ومنهم من يؤمن به" (يونس 40). كما في تفسير الرازي 4 ص 774، وإتقان السيوطي 1 ص 15، وتفسير الشربيني 2 ص 2.
وعن نزول السور يقول العلامة الأميني في كتابه الغدير في الكتاب العزيز: كما أن غير واحد من السور المدنية فيها آيات مكية منها: سورة المجادلة فإنها مدنية إلا العشر الأول ومنها تسمية السورة كما في تفسير أبي السعود في هامش الجزء الثامن من تفسير الرازي ص 148، والسراج المنير 4 ص 210. ومنها: سورة البلد مدنية إلا الآية الأولى (وبها تسميتها بالبلد) إلى غاية الآية الرابعة كما قيل في الاتقان 1 ص 17. وسور أخرى لا نطيل بذكرها المجال. على أن من الجائز نزول الآية مرتين كآيات كثير نص العلماء على نزولها مرة بعد أخرى عظة وتذكيرا، أو اهتماما بشأنها، أو اقتضاء موردين لنزولها غير مرة نظير البسملة، وأول سورة الروم، وآية الروح، وقوله: "ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين" (التوبة 113). وقوله: "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به" (النحل 126). إلى آخر النحل. وقوله: "من كان عدوا لله" (البقرة 98). الآية. وقوله: "أقم الصلاة طرفي النهار" (هود 114). وقوله "أليس الله بكاف عبده" (الزمر 36). وسورة الفاتحة فإنها نزلت مرة بمكة حين فرضت الصلاة ومرة بالمدينة حين حولت القبلة. ولتثنية نزولها سميت بالمثاني
جاء في کتاب الغدير في الكتاب العزيز للعلامة الأميني: إن قوله تعالى: "وإذ قالوا أللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجار من السماء" (الأنفال 32). نزلت عقيب بدر بالاتفاق قبل يوم الغدير بسنين. الجواب: كأن هذا الرجل يحسب أن من يروي تلك الأحاديث المتعاضدة يرى نزول ما لهج به الحارث بن النعمان الكافر من الآية الكريمة السابق نزولها و أفرغها في قالب الدعاء، في اليوم المذكور، والقارئ لهاتيك الأخبار جد عليم بمينه في هذا الحسبان، أو أنه يرى حجرا على الآيات السابق نزولها أن ينطق بها أحد، فهل في هذه الرواية غير أن الرجل المرتد (الحارث أو جابر) تفوه بهذه الكلمات؟ وأين هو من وقت نزولها؟ فدعها يكن نزولها في بدر أو أحد. فالرجل أبدى كفره بها كما أبدى الكفار قبله إلحادهم بها. لكن ابن تيمية يريد تكثير الوجوه في إبطال الحق الثابت. الوجه الآخر إنها نزلت بسبب ما قاله المشركون بمكة ولم ينزل عليهم العذاب هناك لوجود النبي صلى الله عليه وسلم بينهم لقوله تعالى: "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون" (الأنفال 33) الجواب: لا ملازمة بين عدم نزول العذاب في مكة على المشركين، وبين عدم نزوله ههنا على الرجل فإن أفعال المولى سبحانه تختلف باختلاف وجوه الحكمة، فكان في سابق علمه إسلام جماعة من أولئك بعد حين، أو وجود مسلمين في أصلابهم، فلو أبادهم بالعذاب النازل لأهملت الغاية المتوخاة من بعث الرسول صلى الله عليه وآله. أن الحضور في حجة الوداع مع رسول الله كانوا مائة ألف أو يزيدون. إذا فأين لهذه الكتب استيفاء ذلك العدد الجم؟ وليس في مجاري الطبيعة الخبرة بجميع هاتيك التراجم بحذافيرها، فإن أكثر القوم كانوا مبثوثين في البراري والفلوات تقلهم مهابط الأودية وقلل الجبال، ويقطنون المفاوز والحزوم ولا يختلفون إلى الأوساط والحواضر إلا لغايات وقتية تقع عندها الصحبة والرواية في أيام وليالي تبطأ بهم الحاجات فيها، وليس هناك ديوان تسجل فيه الأسماء ويتعرف أحوال الوارد والصادر. إذا فلا يسع أي باحث الإحاطة بأحوال أمة هذه شؤونها، وإنما قيد المصنفون أسماءا كثر تداولها في الرواية، أو لأربابها أهمية في الحوادث، وبعد هذا كله فالنافي لشخص لم يجد إسمه في كتب هذا شأنها خارج عن ميزان النصفة، ومتحايد عن نواميس البحث، على أن من المحتمل قريبا: أن مؤلفي معاجم الصحابة أهملوا ذكره لردته الأخيرة. قال الله عز وعلا "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير" (لقمان 20).