اعتاد الشيعة الإمامية على قول عبارة: (يا علي)، في الكثير من شؤون حياتهم.
إنّ قول: (يا علي) في الحقيقة هو مناداة الإمام (عليه السلام) باسمه وطلب الاستعانة منه، وهذا يدلّ على الإيمان والحبّ للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكن البعض يتهموننا بأنّ هذا القول شرك؛ لأنه استعانة بغير الله تعالى!! وكأن الذي يُشكل علينا لم يقرأ القرآن كاملاً، ويتدبر قول الله تعالى في (الفاتحة:5): ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾.. أو قوله في (سورة البقرة الآية 153): ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.
وكأنّ هذا المشكِل لم يفرق بين الآيتين.. ففي الآية الأولى تعني أن العبادة لله تعالى فقط وكذلك الاستعانة، ولا يوجد أي شيعي يقول: (إياك نعبدُ يا علي)!!.. ولكننا نتخذ الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) واسطة لله تعالى؛ لأنه وجيه عند الله تعالى، وهذه عقيدتنا الحقّة.
أمّا الآية الثانية فإنها تعني أنّ الواسطة لله تعالى الصبر والصلاة.. فإذا كانت الصلاة هي واسطة لله تعالى، وبها نتقرّب له، وهي فرع من فروع الدين، فإنّ الإمام علي (عليه السلام) والإقرار بإمامته أصل من أصول الدين، وبه نستعين ونتوجه إلى الله تعالى، وهذا ليس بشرك.
إنّ قول: (يا علي) أو (يا أبا عبد الله) أو (يا فاطمة الزهراء أغيثيني) أو (يا صاحب الزمان أدركني)، أو غيرهم من أهل البيت (عليهم السلام).. فهو مناداة لهم وليس عبادة، كما أنّ أحدكم ينادي: يا أحمد أو يا زيد.. فهذه هي المناداة لا غير، فأين الشرك فيها؟!.. فإذا كانت المناداةُ شركاً لَوجدنا آية أو حديثاً ينهى عنه؛ لأنه من غير الممكن ألا يتصدى القرآن الكريم بآياته والنبي (صلى الله عليه وآله) بأحاديثه إلى منع هذا الأمر إذا عُدّ شركاً!!
وحتى تعاريف العبادة عند علماء غير الشيعة، فهي لا تنطبق على هذه المناداة التي يتهموننا بها بالشرك، ونذكر لكم بعض تعاريف علمائهم للعبادة:
«إنّ العبادة هي التوحيد» (مجموع الفتاوى 9/36)، أي: أنّ العبادة هي التوحيد لله تعالى، ونحن شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) موحدين لله تعالى ولا نشرك به شيئاً، فنحن نصلي لله تعالى ولا نصلي للإمام، ونحن نصوم لله تعالى ولا نصوم للإمام.. وهذه هي عقيدة الشيعة الحقة، وأن قول (يا علي) لا ينطبق على تعريف العبادة.
وعرف العبادة آخر، بأنّها: العمل الذي خُلق العبادُ له، أيْ: العمل الذي يُحصِّل كمالهم وصلاحهم، والذي به يكونون مرضيِّين محبوبين... (مجموعة الفتاوى: 8/116، طبعة أخرى: 8/190)، وهذا أيضاً لا ينطبق على قول: (يا علي).
وأمّا بالنسبة إلى الروايات فنذكر منها ما يلي:
في كتب غير الشيعة توجد رواية حول هذا الموضوع ونذكرها نصاً: رواه علي بن الجعد في (المسند: ص369)، وإبراهيم الحربي في (غريب الحديث: 2/674)، وابن سعد في (الطبقات: 4/154)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق: 31/177)، عن زهير بلفظ: (جئت ابن عمر فخدرت رجله فقلت: ما لرجلك؟ قال: اجتمع عصبها. قلت: ادعُ أحبّ الناس إليك. قال: يا محمد، فبسطها).
فعلى الذي يتهمنا بالشرك أن يشرح لنا هذه الرواية، وماذا يعني قول: (يا محمد)، هل هو شرك أيضاً؟!
وأمّا من كتب الشيعة فتوجد الكثير من الروايات، ولا داعي لذكرها، فمن شاء فليراجع كتبنا.
|