من الأمور التي لا يختلف في أمرها العقلاء، هي أنّ عدم قناعة الفرد بشيء لا تنفي عدم مشروعيته ولا عدم أحقيّته، فالفرد أحياناً تلتبس عليه الأمور وتنطلي عليه الشبهة، وربما شبهات متعدّدة، لا سيما إذا كان من ضعفاء المطالعة والمتابعة والاهتمام بالجانب الذي لم تكن له قناعة بشيء منه، وما نراه من بعضهم أنّه يصرح بلا تثبّت ولا تبصّر بالشيء الذي لم تكن له قناعة به، وهذا يوقعه بالأخطاء الفادحة، وربما يبلغ مرتبة يلزم منها تكذيب من لا ينطق عن الهوى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهذا من أخطر أنواع البلاء فهو يقضي على الإيمان في القلب.
ولا ينقضي العجب من المتسرّعين في إطلاق الكلمات والمطالب و الرؤى بلا تثبّت.
حيث أن عدم العناية بما يصرّح به الفرد، وقوله بلا علم في مختلف المجالات التي لا باع له بها، ولا اضطلاع في شؤونها، قد نهى القران الكريم عنه حيث قال تعالى: (وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) سورة الحج آية ٣.
وقوله تعالى: ( بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّـهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) سورة الروم - الآية ٢٩.
وكذلك ورد النهي في الروايات الشريفة عن مثل هذه الصفات اي القول بغير علم حيث ورد في مصادر عديدة روايات عديدة في النهي عن القول بغير علم منها ما رواه الشيخ الصدوق في التوحيد والامالي: أَبِي رَحِمَهُ اَللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ اَلْمُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْبَصْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مَا حُجَّةُ اَللَّهِ عَلَى اَلْعِبَادِ قَالَ أَنْ يَقُولُوا مَا يَعْلَمُونَ وَ يَقِفُوا عِنْدَ مَا لاَ يَعْلَمُونَ".
فالقول بغير علم من المنهي عنه كتاباً وسنةً، وهذا ما يحكم به العقل كذلك، فهو من الصفات السيئة التي تجرّ الويلات على صاحبها.
|