• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ركائز المجتمع الشيعي  .
                          • الكاتب : الشيخ احمد صالح ال حيدر .

ركائز المجتمع الشيعي 

 

لكل مجتمع بشري أركان وركائز أو أساسات يتكأ عليها لاستدامته بين الأمم ، وتُعد هذه الاساسات نقاط قوة تعطي حماية كبيرة لقيم ومفاهيم هذه المجتمعات ، والمجتمع الشيعي يحتوي على هذه الأركان التي ادامت زخمه وحفظته عبر المحطات المختلفة التي مر بها حيث أصبحت فيما بعد عوامل نجاح باهرة ، انتشر التشيع من خلالها وعرف الجميع قيم هذه الجماعة التي عانت ماعانت من خلفاء الجور ورؤوس الضلالة في كل زمان ومكان عاشوا فيه ،لا لشيء سوى لأن هذا الخط هو الذي يمثل الإسلام الحقيقي الذي لاليل فيه ولابدعة معه ، وكذلك يدفع ضريبة الإلتزام ببيعة الغدير ووصية النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) في الثقلين كتاب الله وعترته  أهل البيت (عليهم السلام) ، فلم تبايع ولم تهادن المرتزقة الذين تسلقوا على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ظُلما وعدوانا ونهبوا تراثه وحرفوا دينه ، فأخذت جماعة الحق المتمثلة بالامامية الجعفرية الإثني عشرية (اعزهم الله) منهجا خطه لهم الأئمة المعصومين الاثنا عشر (صلوات الله عليهم) من أحكام وأصول اعتقادية واخلاق وسلوك وشعائر دينية ومعارفا ثرية بالحقائق العلمية ، ومع الابتعاد عن زمن النص -مع وفرة الأخبار في الأصول الحديثية والروائية -وغيبة الإمام (عجل الله فرجه الشريف) وُضع لهذا المجتمع ركيزتين رئيسيتين متصلة بهم (صلوات الله عليهم) ومعنى هذا الاتصال أنهم من أشار إليها وشرعها  وهي :

الركن الأول المرجعية الدينية: وهي مقام عظيم تمثل النيابة العامة للإمام (عليه السلام) في غيبته الكبرى يكون الفقيه المتصدي له نائباً عاماً عن الإمام (عليه السلام) وهو مجتهد جامع للشرائط ، عُقدت عليه الخناصر في ميادين العلم والفضيلة الدينية يقلده الشيعة ويُرجع اليه في الحلال والحرام وأخذ ارشاداته ومن صفاته أنه عالم بأحوال زمانه صائنا لنفسه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه ، وهذا المقام الشريف من الركائز التي كانت ولازالت حافظه لهذا المجتمع وأمينة بمعنى حريصة على دين المؤمنين والاهتمام بشؤونهم ، وأيضا ترد شبهات المبطلين وتدفع عنه أوهام الضالين والغالين بالبراهين النفيسة والأدلة المحكمة 

ومستند ذلك ماورد في كتاب الله المجيد حيث يستفاد منه هذا الرجوع كآية النفر {وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِیَنفِرُوا۟ كَاۤفَّةࣰۚ فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةࣲ مِّنۡهُمۡ طَاۤىِٕفَةࣱ لِّیَتَفَقَّهُوا۟ فِی ٱلدِّینِ وَلِیُنذِرُوا۟ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوۤا۟ إِلَیۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ یَحۡذَرُونَ }(١)

وكذلك آية الذكر { وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالࣰا نُّوحِیۤ إِلَیۡهِمۡۖ فَسۡـَٔلُوۤا۟ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ }(٢) وهي عمومات تشير إلى ذلك 

أيد هذه العمومات العقل الذي منشأة المرتكز الوجداني  وقضاياه تكون على قمة الأدلة المحكمة وذلك في وجوب رجوع الجاهل إلى العالم فهي من المسائل التي حررها العقل واسسها وشيد برهانها وايدتها النصوص الكثيرة الواردة في الأخبار الشريفة 

وأيضا ماجاء في بعض الأخبار فقد ورد عن الإمام علي بن محمد الهادي (عليهما السلام) إنه قال : لولا من يبقى بعد غيبة قائمنا عليه السلام من العلماء الداعين إليه، والدالين عليه والذابين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة، كما يمسك صاحب السفينة سكانها أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل(٣)

الركن الثاني الشعائر الحسينية: وهي شعائر تُربي أفراد هذا المجتمع على قيم النهضة الحسينية المقدسة وتستصرخ البعيد لتدعوه إلى أن يقرأ عاشوراء وما حدث فيها! ولماذا حدث ؟، فلو عرف الناس الغاية الأسمى التي أُريقت بسببها هذه الدماء الزكية ، لاعادوا النظر بالكثير من مرتكزاتهم ، وأيضا قامت هذه الشعائر بتنشأة أجيال ممن حمل هذا الوعي وأدام هذا الزخم ولاننسى المنعطفات الخطيرة التي مرت على هذا المجتمع فكان الحصن المنيع والحامي الأمين والمضحي هم أبناء هذا الشعائر ورواد مجالسها النافعة فهي الضامن لتماسك النسيج المجتمعي ،وهذه الشعائر المباركة تستند إلى بيانات المعصومين (عليهم السلام) وأفعالهم وامضائهم  وما ورد أنّ البكاء يوجب غفران كلّ ذنب

كصحيح الريّان بن شبيب، عن الإمام الرضا(عليه السلام)، في حديث: (يا بن شبيب! إن كنت باكياً لشيء فابكِ للحسين بن عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، فإنّه ذبح كما يذبح الكبش، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً، ما لهم في الأرض شبيه، ولقد بكت السموات السبع والأرضون لقتله.
- إلى أن قال: - يا بن شبيب! إن بكيت على الحسين(عليه السلام) حتـّى تصير دموعك على خدّيك، غفر الله لك كلّ ذنب أذنبته، صغيراً كان أو كبيراً، قليلاً كان أو كثيراً)(٤)

وخبر الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله(عليه السلام): (من ذُكرنا عنده ففاضت عيناه، ولو مثل جناح الذباب، غفر الله له ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر)(٥)

فهذا الكيان بناء الأئمة (عليهم السلام) فلا نغفل عن هذه الحقيقة أبدا ، واستعداء أي من الركنين هو معاداة لآل محمد (عليهم السلام) و رد عليهم والراد عليهم راد على رسول الله والراد على رسول الله راد على الله وهو على حد الشرك بالله ، فلا نتهاون في الدفاع عن نقاط قوتنا فهذان الركنان كالجناحين اللذين يسيران بنا نحو الحق والبصيرة ولابد من التبصر في شأنهما ورد كل الأكاذيب التي ينسجها الأعداء ضدها 

اللهم أجعلنا من أهل البصائر في ديننا وخدما لآل محمد (عليهم السلام) وارثهم العلمي ونوابهم الإعلام أدام الله نعمة وجودهم المبارك 
_________
(١)سورة التوبة 
(٢)سورة النحل 
(٣) الاحتجاج 
بيان بعض مفردات الحديث: الذب: الدفع. والشباك بالكسر: جمع الشبكة التي يصاد بها.
والمردة: المتمردون العاصون. والفخ: المصيدة. وسكان السفينة: ذنبها.
(٤)إمالي الصدوق 
(٥)المحاسن 
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=195229
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 07 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3