إن أي موالي لأهل البيت عليهم السلام قد سمع بخبر الإفراج عن الرادود محمد بو جبارة كانت فرحته كبيرة.. فالتهمة كانت ( الحسين ) لا غير!
أكثر من ستة أشهر في السجن والخشية من حكم الإعدام والإحساس بالمظلومية الكبيرة ولم تكن تهمته إلا قراءته للمأتم الحسيني بين جموع من الموالين في شوارع الإحساء - السعودية في زمن الحرية الشخصية!!
مع فرحتنا اليوم بخلاص خادم الحسين عليه السلام لا ننسى ذلك السجين المظلوم بسبب ذنوبنا وهو القائل ( فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه ولا نؤثره منهم)
ركزوا معي على كلمة ( يحبسنا)
وقبل هذا كان عجل الله فرجه الشريف قد وصف لقائنا به ومشاهدتنا له بالسعادة حين قال ( ولو أن اشياعنا على إجتماع من القلوب لما تأخر عليهم اليمن بلقاءنا ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا ...)
📚 بحار الأنوار
ولا ننسى الكثير من السجناء المظلومين والتائبين بالدعاء لهم بأن يخلصهم الله من سجنهم ويعيدهم إلى أهلهم وذويهم بعد شقاء الفراق والوحدة.
وصلني خبر قبل فترة بأن مؤلفاتي صارت بين متداول السجناء في أحد سجون كربلاء عندما أخذت زوجة أحد المؤمنين تلك الكتب لزوجها حتى يقضي بها على وقت فراغه داخل السجن الذي أجبره القدر على دخوله .
فلما عادت في المرة القادمة أخبرها بأن أصحابه في السجن تأثروا بالقصص تلك وطلبوا منه أن يجلب لهم المزيد منها.
حينها دمعت عيني وتذكرت أني في الفصول الأخيرة لبعضها مثل ( طبيب القلوب، وداعًا أيها الماضي) أتعرض لذكر حال السجناء وما يعانوه داخل السجن ( معناها إن تلك القصص وقعت على جراحهم لذلك أحبوها ) تساءلت مع نفسي بعد سماعي الخبر : إنني في وقتها عندما كنت أكتب عن وحشة السجن وكيف يمكن أن نقلل منها.. هل جاء في بالي بأن هذه الكتابات ستصل لأيادي السجناء وستؤثر فيهم؟!
لا والله لم يكن ذلك في بالي مطلقًا، ولم أكن قد خططت مسبقًا أن أكتب عما يدور في السجون من ألم الوحدة والغربة والتفكير في ذنوب الماضي!
اعتقد بأني كتبتها لأن الله أراد أن يُواسي بها أولئك السجناء ويعلمهم طريق الخلاص من سجن النفس أولا!!
عندما تناقشت مع بعض أخوتي في هذا الموضوع قال لي أصغرهم بأن السجن في بعض الدول صار يسمى (مركز إصلاح) أما أختي فذكرت حينها بأنها شاهدت تقارير عن سجون بعض الدول فيها مكتبات تجعل الكثير من السجناء ينشغلون بالقراءة وتنمية الذات البشرية لديهم.
أقول : فماذا يحدث لو حصل نفس الشيء في سجوننا؟
ماذا حصل لو جعلنا في كل سجن #مكتبة وحددنا وقت معين للقراءة، وملأنا تلك المكتبات بقصص جميلة تبدد عن السجناء الوحشة والغربة وتزيد من قربهم لله في الوقت نفسه؟ وكتب أخرى تزيد من ثقتهم بأنفسهم وتساعدهم على تخطي أيام المحنة تلك .
ألم يستغل نبي الله يوسف عليه السلام وحدة السجناء وغربتهم بتعريفهم بخالقهم وجعلهم من المؤمنين الموحدين؟!
ألم يخفف عنهم الآمهم بذكر الله ومجالس الدعاء، قال تعالى في محكم كتابه ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
ورغم إن يوسف كان نبيًا صديقًا لا يشعر بالوحشة مع وجود الله في كل مكان ولا فرق لديه بين داخل السجن وخارجه لكنه عندما خرج من السجن كتب على جدرانه ( هذا قبر الأحياء، وبيت الأحزان، وتجربة الأصدقاء، وشماتة الأعداء ) وعن الإمام علي عليه السلام :
( السجن أحد القبرين).
مصدر الأحاديث : كتاب ميزان الحكمة
وفي الختام لا يسعني إلا أن أدعو الله لكل السجناء المظلومين وكذلك للسجناء التائبين بأن يُفرج الله عنهم قريبًا بحق سجين الغيبة الكبرى وأن يعجل لنا في ظهوره ليملأها قسطًا وعدلا بعد أن مُلئت ظلمًا وجورا.
|