جاء في رسالة منهاج الصالحين، الجزء الاول، مسألة 6: يجوز تقليد من اجتمعت فيه أُمور: البلوغ، والعقل، والإيمان، والذكورة، والاجتهاد، والعدالة، وطهارة المولد، والضبط بالمقدار المتعارف، والحياة على التفصيل الآتي.
هذه الشرائط التي لا بدّ من توفرها في من يجوز لك كمكلّف أن تقلّده وتأخذ عنه معالم دينك، وكلّ شرط من هذه الشرائط عليه حجّة، ولست معذوراً أمام الله سبحانه وتعالى إن قصّرت في الحرص على معرفة هذه الشرائط في مقلّدك، وليس للمكلّف أن يزيد او ينقص ولو بشرط من هذه الشرائط فهي مطلوبة بمجموعها ولا يجزئ بعضها عن بعض.
فمدعي الاجتهاد لم يتوفر فيه شرط الاجتهاد، فهو غير قادر على استنباط الحكم الشرعيّ من أدلّته، فلا يصحّ أن تأخذ منه حكمك الشرعيّ، ومن يدعي الاجتهاد، فهو سارق لمقام ليس له، ضالّ مضلّ؛ لأنّه يوهم المكلّفين بأنّه جامع للشرائط وهو ليس كذلك، وهذا كذب واضح، مع أن الاجتهاد لا يثبت بإدعاء مدعيه إنّما يشخّصه غيره ممّن له القدرة على ذلك.
وبهذا الإدعاء والتدليس تسقط عدالته بلا شكّ ولا ريب فلا يقلّده مقلّد ولا يصلّى خلفه أحد؛ لأنّه مصرّ على ذنب كبير، ومرتكب لإثم عظيم، وهو ممّن لا يؤتمن على حبّة خردل.
ولو تلوت القرآن الكريم تجد قوله تعالى : (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّـهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) الروم الآية ٢٩، وغيرها من الآيات التي تنهى عن الظلم والكذب واتباع الهوى.
وكذلك تجد روايات المعصومين (عليهم السّلام أجمعين) صريحة في بيان من أفتى بغير علم كقول الإمام الباقر (عليه السلام): "من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله، لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه" وروايات أخرى وهي كثيرة، فهو ملعون مبغوض.
ولو راجعت كلمات الفقهاء الكبار للطائفة (قدّس الله أسرارهم) لوجدت كلماتهم الشديدة وتصريحاتهم القاطعة بحقّ من يدّعي ذلك كذباً وزوراً وأنّه شر من شارب الخمر وغيرها من الكلمات.
وقد جرت سيرة المتشرعة على ترك امثال هؤلاء، وتحذير بعضُهم البعض من اتباعهم أو الركون إليهم، وعدم الاعتماد على أي شيء يصدر عنهم فهم أهل بدعة وريب خصوصاً ما مع ما يصدر من بعضهم من كلمات واضح أنّها بلا دليل ولا حجة أو برهان.
فلا يحق للمكلّف أن يضيف شرطاً آخر على هذه الشرائط أو ينقص منها، وليس له أن يقبل من يتهاون بشرط من هذه الشرائط، ومسؤوليتنا جميعاً حفظها ونبذ المخادعين السارقين المقامات التي ليست لهم.
وحب الملكّف لشخص ما لا يبرّر له تقليده، وسرعة القطع والاقدام وحسن نبرته بالكلام أو دوام الظهور في الاعلام، ليس من الشرائط أعلاه، فكيف يضيفها من يضيفها؟! بل كيف أضافها من أضافها؟ ولا حسن التعامل ولا التحصيل الدراسي غير الحوزي، ولا القوميّة ولا غيرها من شرائط مرجع التقليد التي يجب أن تكون حتى يجوز للمكلّف الرجوع إليه في التقليد.
فلا يغرنّكم ابليس اذا تزيّا بزي قديس، ولا يسرقكم أبناء الظلم لو ظهروا بمظهر أهل العلم، إنّهم خانوا الله تعالى قبل البشر، وخانو المعصومين (عليهم السلام أجمعين) قبل الناس، فلا تأمنوهم أبداً.
|