إنَّ مما ورد من شعارات هذه النهضة المقدسة ما قام به سيد الشهداء "عليه السلام" في الناس وهو يودِّع (مكة المكرمة) خطيبًا فكان مما قاله فيهم: ((الحمدُ للهِ، وما شاءَ اللهُ، ولا قوةَ إلَّا باللهِ، وصلى اللهُ على رسولِه .... أَلَا مَنْ كانَ فينا باذِلًا مهجَتَهُ، مُوَطِّنًا على لقَاءِ اللهِ نفسَهُ، فليَرْحَلْ معنا فإنِّي راحِلٌ مُصْبِحًا إنْ شاءَ اللهُ)).
لقد وقف الإمام الحسين "عليه السلام" بعد أنْ أتمَّ الحجة على الناس بوجوب رفض بيعة يزيد بن معاوية، والاستعداد للتضحية في سبيل الله عز وجل، قام فيهم خطيبًا قبل وداعهم يدعوهم إلى شرف الشهادة، وما أعظمها من شهادة مع سيدها "عليه السلام"، مرغِّبًا لهم ذلك من جهة، ومختبِرًا صدق عقيدتهم من جهة أخرى، فكانت دعوته في ساعات وداعه الأخيرة مع تلك الثلة من أهل بيته أولى خطواته نحو الخلود الحقيقي.
وقف سيد الشهداء ليعلن أنَّ الشهادة هي طريق الخلود إلى الله، وأنها سبيل الأحرار والمدافعين حقيقة عن المقدسات، ويحتاج هذا الطريق إلى رجاله المخلصين في عقيدتهم، والصادقين في إيمانهم؛ ليقدِّموا أنفسهم قربانًا لذلك المقدَّس.
وقف يعلن في الناس أنَّ هذا المنهج يحتاج إلى العقيدة بأمرين مهمين، وعليهم أنْ يعرفونهما من جهة، وأنْ يختبروا أنفسهم تجاههما من جهة أخرى.
- الأول: الاستعداد للقتل بين يدي آل محمد، والدفاع عنهم بنفسه، فيكون مصداقًا واقعيًّا لعهده (بأبي أنتم وأمي) صادرًا من أعماق قلبه، وليس مجرد كلمات تصدر من اللسان؛ امتثالًا لتعاليم الشريعة الإسلامية المقدسة في بيان مقام الإمامة ومنزلة أهل البيت "عليهم السلام".
- الأخرى: الاستعداد التام للقاء الله تعالى، من خلال المعرفة بمقام ذلك اللقاء، وعظمة ما أعده الله تعالى لأوليائه، حيث الشهادة باب فتحه الله لخاصة أوليائه، وهذا بحاجة إلى تربية النفس، وجهادها، وتوطينها لأجل ذلك، وليس مجرد قول لسان؛ حتى يكون الثبات على ذلك ظاهرًا في أصعب المواقف.
وقد تجلَّى هذان الأمران بأعظم صوره الفريدة في أصحاب الإمام الحسين "عليه السلام" يوم عاشوراء.
🕯️ولكن -للأسف- القوم قد سمعوا منه ذلك النداء، وتلك الدعوة العظيمة نحو الخلود، وأداء الواجب الشرعي، ورأوا تلك القافلة العظيمة برجالها ونسائها وشبابها وصغارها تنطلق مبايعة لله، ولم يكونوا صادقين في مواقفهم تجاه إمام زمانهم، فخسروا ذلك الفوز العظيم!!
إنَّ مدرسة النهضة الحسينية هي مدرسة الفداء والتضحية والشهادة من أجل المقدسات، والشهادة تحتاج إلى توطين النفس لها، والتوطين بحاجة إلى معرفة وعقيدة وشجاعة، وعلينا أنْ نربِّي الأمة على هذه المبادئ العظيمة الثلاثة (المعرفة، والعقيدة، والشجاعة).
|