• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : فروقات قرآنية (بلى، نعم) (ح 4) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

فروقات قرآنية (بلى، نعم) (ح 4)

جاء في في صفحة ملتقى طلاب العلم عن الفرق بين نعم، أجل وبلى: أولا: استخدام أجل: أجل: هو حرف جواب، ويستخدم لتصديق خبر يخبرك به صاحبك، فيقول على سبيل المثال “فعل ذلك ”، فتقوم بتصديقه وتقول له “أجل”. ثانيا: استخدام نعم: نعم: هو حرف جواب المستفهم بكلام لا حد فيه، مثل أن تقول “هل صليت؟”، فيرد متلقي السؤال بكلمة “نعم” وأيضًا في قاموس الكفاف: نَعَمْ:حرف جواب، يفيد الإثبات في الجواب عن السؤال المثبَت، والنفيَ في الجواب عن السؤال المنفي. ففي جواب”الإثبات”: (أسافر خالد؟)، إن قيل: (نعم)، فالمعنى: نعم سافر. وفي جواب “النفي”: (أما سافر خالد؟)، إنْ قيل: (نعم)، فالمعنى: نعم ما سافر. ثالثا استخدام بلى: لا يوجد كتاب في النحو يخلو عند البحث في (بلى) و (نعم) من إيراد المسألة التالية: قال تعالى: "ألست بربكم قالوا بَلَى" (الأعراف 172). فقال ابن عباس معلّقًا، لو قالوا: (نَعَم) لكفروا..ووجه ذلك أنّ (نَعَم) كما ذكرنا آنفًا لا تُغَيِّر من النفي والإثبات شيئًا، فلو أجابوا قائلين: (نَعَم)، لكان تأويل ذلك: (نعم لست ربّنا)، ولكان ذلك كفراً. بَلَى حرفٌ يُجاب به عن سؤال منفيٍّ فيُبْطِل نَفْيَه. نحو أنْ تُسأَل وقد نجحتَ: (أما نجحتَ؟) فتجيب: (بلى)، والمعنى: بلى نجحتُ. ولو قلتَ: (نعم)، لكان المعنى: نعم ما نجحتُ. وذلك أنّ (نعم) لا تُبطِل النفي، بل تُثبِته فيظلّ المنفي منفيّاً. نماذج من استعمال (بلى): ·أليست كل نفس ذائقة الموت؟ بلى. (أي: بلى كل نفس ذائقة). ولو قيل: (نعم) لكان المعنى: نعم، كل نفسٍ ليست تذوقه ·ألم يَنْقَضِ عامُ الفيل؟ بلى. (أي: بلى انقضى). ولو قيل: (نعم) لكان المعنى: نعم، لم ينقضِ عامُ الفيل ·"ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جاءنا نذير" (الملك 8-9) ولو قالوا: (نعم)، لكان المعنى: نعم،لم يأتنا نذير "زعم الذّين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثنّ" (التغابن 7) ولو قال لهم: (نعم)، لكان المعنى: نعم، وربّي لن يُبعثوا "ألستُ بربّكم قالوا بلى" (الأعراف 7) (أي: بلى أنتَ ربّنا). ولو قالوا: (نعم)، لكفروا، إذ يكون المعنى: نعم، لستَ ربّ.

جاء في تفسير الميسر: قوله تعالى عن بلى "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ ۚ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ﴿الأحقاف 33﴾ بلى حرف جواب، بلى: هو قادر على إحياء الموتى. أغَفَلوا ولم يعلموا أنَّ الله الذي خلق السموات والأرض على غير مثال سبق، ولم يعجز عن خلقهن، قادر على إحياء الموتى الذين خلقهم أوّلا؟ بلى، ذلك أمر يسير على الله تعالى الذي لا يعجزه شيء، إنه على كل شيء قدير. قوله سبحانه "وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِالْحَقِّ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَرَبِّنَا ۚ قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ" ﴿الأحقاف 34﴾ ويوم القيامة يُعْرَض الذين كفروا على نار جهنم للعذاب فيقال لهم: أليس هذا العذاب بالحق؟ فيجيبون قائلين: بلى وربنا هو الحق، فيقال لهم: فذوقوا العذاب بما كنتم تجحدون عذاب النار وتنكرونه في الدنيا. قوله جل جلاله "يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ" ﴿الحديد 14﴾ ينادي المنافقون المؤمنين قائلين: ألم نكن معكم في الدنيا، نؤدي شعائر الدين مثلكم؟ قال المؤمنون لهم: بلى قد كنتم معنا في الظاهر، ولكنكم أهلكتم أنفسكم بالنفاق والمعاصي، وتربصتم بالنبي الموت وبالمؤمنين الدوائر، وشككتم في البعث بعد الموت، وخدعتكم أمانيكم الباطلة، وبقيتم على ذلك حتى جاءكم الموت وخدعكم بالله الشيطان. قوله عز وعلا "زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا ۚ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ ۚ وَذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ" ﴿التغابن 7﴾ ادَّعى الذين كفروا بالله باطلا أنهم لن يُخْرَجوا من قبورهم بعد الموت، قل لهم -أيها الرسول-: بلى وربي لتُخْرَجُنَّ من قبوركم أحياء، ثم لتُخْبَرُنَّ بالذي عملتم في الدنيا، وذلك على الله يسير هيِّن. قوله جل كرمه "قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ" ﴿الملك 9﴾ أجابوهم قائلين: بلى قد جاءنا رسول مِن عند الله وحذَّرنا، فكذَّبناه، وقلنا فيما جاء به من الآيات: ما نزَّل الله على أحد من البشر شيئًا، ما أنتم - أيها الرسل- إلا في ذهاب بعيد عن الحق. قوله عز شأنه "بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ" ﴿القيامة 4﴾ بَلَى: نجمعها. أقسم الله سبحانه بيوم الحساب والجزاء، وأقسم بالنفس المؤمنة التقية التي تلوم صاحبها على ترك الطاعات وفِعْل الموبقات، أن الناس يبعثون. أيظنُّ هذا الإنسان الكافر أن لن نقدر على جَمْع عظامه بعد تفرقها؟ بلى سنجمعها، قادرين على أن نجعل أصابعه أو أنامله -بعد جمعها وتأليفها- خَلْقًا سويًّا، كما كانت قبل الموت. قوله جل اسمه "بَلَىٰ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا" ﴿الإنشقاق 15﴾ وأمَّا مَن أُعطي صحيفة أعماله من وراء ظهره، وهو الكافر بالله، فسوف يدعو بالهلاك والثبور، ويدخل النار مقاسيًا حرها. إنه كان في أهله في الدنيا مسرورًا مغرورًا، لا يفكر في العواقب، إنه ظنَّ أن لن يرجع إلى خالقه حيا للحساب. بلى سيعيده الله كما بدأه ويجازيه على أعماله، إن ربه كان به بصيرًا عليمًا بحاله من يوم خلقه إلى أن بعثه.

عن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى عن نعم قوله جل جلاله "قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ" (الشعراء 42) "قال نعم وإنكم إذاً" أي حينئذ "لمن المقربين". قوله جل اسمه "قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ" (الصافات 18) "قل نعم" تبعثون "وأنتم داخرون" أي صاغرون.

جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى عن نعم "وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ۖ قَالُوا نَعَمْ ۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ" ﴿الأعراف 44﴾ هذا في نفسه أخذ اعتراف من أصحاب النار بتوسط أصحاب الجنة وواقع موقع التهكم والسخرية يتهكم ويسخر به أصحاب الجنة من أصحاب النار. و الاستهزاء والسخرية إنما يكون من اللغو الباطل إذا لم يتعلق به غرض حق كالاستهزاء بالحق وأهله أما إذا كان لغرض المقابلة والمجاراة أو لغرض آخر حق من غير محذور فليس من قبيل اللغو الذي لا يصدر عن أهل الجنة قال تعالى حكاية عن نوح عليه السلام: "وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ" (هود 38)، وقال: "إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ" الى أن قال "فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ" (المطففين 29 -34). وأما الفرق بين قولهم: "مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا" (الأعراف 44) وقولهم: "مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ" (الأعراف 44) حيث ذكر المفعول في الوعد الأول دون الثاني فلعل ذلك للدلالة على نوع من التشريف فإن الظاهر أن المراد بما وعد الله جميع ما وعده من الثواب والعقاب لعامة الناس. وهناك وجه آخر وهو أن متعلق اعتراف المؤمنين وإنكار الكفار من أمر المعاد مختلف في الدنيا فإن المؤمنين يثبتون البعث بجميع خصوصياته التي بينها الله لهم ووعدها إياهم، وأما الكفار المنكرون فإنهم ينكرون أصل البعث الذي اشترك في الوعد به المؤمنون والكفار جميعا، ولذلك احتج الله سبحانه ويتم الحجة عليهم بأصله دون خصوصياته كقوله تعالى: "وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا" (الأنعام 30)، وقوله: "وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا" (الأحقاف 34). وعلى هذا فقولهم: "أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا" (الأعراف 44) اعتراف منهم بحقية ما وعدهم الله وكانوا يذعنون به ويشهدون من جميع خصوصيات البعث بما قصهم الله في الدنيا بلسان أنبيائه، وأما الكفار فقد كانوا ينكرون أصل البعث والعذاب، وهو مما يشتركون فيه هم والمؤمنون فلذا قيل: "فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا" (الأعراف 44) ولم يقل ما وعدكم ربكم لأن الوعد بأصل البعث والعذاب لم يكن مختصا بهم. وبذلك يظهر الجواب عما قيل: إن الوفاء بالوعد واجب دون الوفاء بالوعيد على ما ذكره المتكلمون فما معنى أخذ الاعتراف بحقية ما ذكره الله من عقاب الكفار والمجرمين وأنذرهم به في الدنيا، وليس تحققه بلازم. وذلك أن الملاك فيما ذكروه من الفرق أن الثواب حق العامل على ولي الثواب الذي بيده الأمر، والعقاب حق الولي المثيب على العامل، ومن الجائز أن يصرف الشخص نظره عن إعمال حق نفسه لكن لا يجوز إبطال حق الغير فإنجاز الوعد واجب دون إنجاز الوعيد، وهذا إنما يتم في موارد الوعيد الخاصة ومصاديقه في الجملة، وأما عدم إنجاز أصل العقاب على الذنب وإبطال أساس المجازاة على التخلف فليس كذلك إذ في إبطاله إبطال التشريع من أصله وإخلال النظام العام. وربما وجه الفرق في قوليه: ﴿وَعَدَنَا رَبُّنَا﴾ ﴿وَعَدَ رَبُّكُم﴾ بأن المراد بقوله: ﴿وعدنا﴾ ما وعد الله المتقين من خصوصيات ما يعاملهم به يوم القيامة، وبقوله: ﴿وعد ربكم﴾ عموم ما وعد به المؤمنين والكفار من الثواب والعقاب يوم القيامة كالذي في قوله: "فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ" (البقرة 38) إلى آخر الآيتين. ومن المعلوم أن هذا الوعد لا يختص بالكفار حتى يقال: وعدكم ربكم بل التعبير الحق وعد ربكم. وفيه: أن أصل الفرق لا بأس به لكنه لا يقطع السؤال فللسائل أن يعود فيقول ما هو السبب الفارق في أن أصحاب الجنة لما أوردوا اعتراف نفسهم اقتصروا بذكر ما يخصهم من أمور يوم القيامة، وأما إذا سألوا أصحاب النار سألوهم عن جميع ما وعد الله به المؤمنين والكفار؟ وبعبارة أخرى هناك ما يشترك فيه الطائفتان وما يختص به كل منهما فما بالهم إذا اعترفوا هم أنفسهم اعترفوا بما يختص بأنفسهم ويسألون أصحاب النار الاعتراف بما يشترك فيه الجميع؟ وربما وجه الفرق بأن المراد بقوله "مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ" (الأعراف 44) الذي وعده أصحاب الجنة من أنواع الثواب الجزيل فإن أصحاب النار يشاهدون ذلك كما يجدون ما بهم من أليم العقاب. وهو وجه سخيف على سخافته لا يغني طائلا. وقوله: "فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ" (الأعراف 44) تفريع على تحقق الاعتراف من الطائفتين جميعا على حقية ما وعده الله سبحانه، والأذان هو قوله: "لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ" (الأعراف 44) وهو إعلام عام للفريقين والدليل عليه ظاهر قوله: ﴿بينهم﴾ بقضاء اللعنة وهي الإبعاد والطرد من الرحمة الإلهية على الظالمين.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=196253
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 09 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3