أي زمن هذا الذي طغت فيه الأنانيات السمجة والعلاقات المصلحية والتكالب المحموم على الدينار والدولار بطرق مفضوحة , وبأساليب قذرة وخسيسة , وابتزازات متنوعة . ونجد الأغلبية الغالبة من ارفع المستويات إلى أدنى الدرجات يلهثون ويتسابقون من اجل الثراء الفاحش , فلا يشبعون ولا يقتنعون. فالمال عندهم كماء البحر كلما يزدادون منه شربا يزدادون عطشا .. فهؤلاء المهرولون واللاهثون وراء ( الفلوس ) لا يمتلكون الورع ولا المرؤة ولا الإنصاف ولا يكترثون بما يعانيه الفقراء والمساكين والمحتاجين من عوز وبؤس وحرمان . فان أصحاب ( المادة ) قد طلقوا القيم القيمة والشمائل السامية والمثل العليا . فرسالتهم الوحيدة هي الكسب الجنوني والاغتراف المادي بطرق ملتوية وبشتى أنواع المخاتلة والإيقاع والتزوير والخداع , وبدون خشية من الله وبدون رادع من ضمير , فضمائرهم ونفوسهم ( طامسة ) وغاطسة في وحل الطمع والجشع , إنهم مصابون بنهم جنوني لأتحده حدود ولا تصده السدود . وعندهم الثروة اعز وأغلى وأسمى من الوطن المفدى الذي يستغلون خيراته أبشع استغلال . إن طاقم الأثرياء الجدد لم ولا ولن يلتزموا بأوامر الله وأحكامه في تزكية أموالهم المهولة فلم يؤدوا الفرائض التي تخفف من ذنوبهم الشنيعة . فلم يزكوا ولم يتصدقوا ولم يدفعوا الحقوق الشرعية ودفع المظالم , ولم يلتزموا بصلة الرحم حيث أنهم تنكروا حتى لأقاربهم البؤساء والمحتاجين ولم يقدموا لهم شيئا يستحق الذكر بل أنهم يستنكفون من أقاربهم البائسين متناسين أن الله يرفع من يشاء ويخفض من يشاء والدنيا لا تدوم على حال وسبحان مغير الأحوال من حال إلى حال . لقد أكد الباري العظيم في آياته الكريمة على الإحسان والسخاء وعمل الخير اذ قال جل من قائل ( وما تفعلوا من خير يعلمه الله ) ( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ) ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم ) ... كثيرة هي الآيات الرحمانية التي تؤكد على الإنفاق والإحسان والعطاء وبذا تنظف الأموال ويحل أكلها .. وان الله يسأل عن كل جناية او قضية بسؤال واحد لماذا فعلت كذا ... الا انه جلت قدرته , يسال من صاحب الأموال سؤالين : كيف حصلت عليها وثانيا بأي الطرق أنفقتها ... فانتم قد حصلتم على هذه الأموال اللاشرعية من النهب والسلب والاختلاس والرشوة والتزوير ومازلتم تنفقونها على شهواتكم وملذاتكم ومقتنياتكم متنكرين لكل الثوابت الدينية والأحكام الأخلاقية . ياويلكم أين تهربون من حكم الله فتبا لكم واف وتف على نفسياتكم الموغلة بالحطة والخسة والطمع والجشع . وصدقوني إن ما تتركونه من مكتنزات وأموال تظل إلى ذريتكم يتشاجرون ويتعاركون عليها . وأنا واثق إنهم ينسونكم حتما ولن يذكروكم حتى بزيارة قبوركم ولن يتصدقوا من أموالكم المتروكة , فالإنسان يخلد بما يعطي وينفق وقد صدق الله العظيم عندما قال : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )
|