في رحاب مرجع زمانه فريدة دهره وعلّامة عصره السيد أبو القاسم الموسويّ الخوئيّ ( قدّس سرّه):
تقف أمام طود شامخ، وتحط رحالك برحاب هرم رموز زمانه، وانت تتأمّل قوّة العلم وضخامة التراث، امامك مثال العاقل المغتنم لعمره كما ينبغي، والمؤمن الذي لا يبحث إلا عن ثبات إيمانه وزيادته، ترى آثاره فتصاب بالانبهار التام، والانقياد لما يقول بلا تردّد وتلقي له ذهنك كما القت الزعامة الدينيّة له ازمّتها، أستاذ العلوم ومربي النوادر، تتأمّل لمطالبه فتجد نفسك على شاطىء عالم بما للكلمة من معنى.
عندما تقلّب اوراق حياة هذه الشخصيّة الكبيرة تدرك معنى ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "..قَدْرُ الرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ، وَصِدْقُهُ عَلَى قَدْرِ مُرُوءَتِهِ، وَشَجَاعَتُهُ عَلَى قَدْرِ أَنَفَتِهِ، [و]عِفَّتُهُ عَلَى قَدْرِ غَيْرَتِهِ.."نهج البلاغة.
فهمّته التي دامت مدى عمره التسعينيّ الشريف، الحافل بما خرج لأهل العلم زرافات زرافات، يميت بها الجهل والضلالات، وحسبك هذا العامّة الكبيرة.
وموروّته التي كانت ولا زالت دروساً سيارة في مجالس اهل الوعي والبصيرة، يرشفون رحيق ورودها، ويتغذّون من نميرها.
وأمّا شجاعته فهي التي لخّصها بصموده أيّام عنفوان اكبر طاغية في عصره، حيث لم يثنه عن نشاطه قتل ولده وتلامذته وتعذيبه بأنواع العذاب بمتعلّقيه.
وأمّا غيرته فهي التي عرف أمرها وذاع صيتها حيث أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ولزومه التقية التي يعرف شدّتها على النفس من سلّم لأهل البيت (عليهم السّلام) بحفظ معالم الدين بملازمتها.
اكتفت الأمّة به عن واجبها الكفائي، وأورثها علماء صلحاء اتقياؤ ابرار، ولا انسى استاذي (دامت بركاته) عندما يقول بعد الاشكال على شيء من مطالب السيد الخوئي (قدس سره) يقول:" ويشكل عليه ونحن على مائدته العلميّة.." نعم، نحن على مائدته العلميّة وبركاته الثريّة وفوائده النديّة.
موسوعة علمية دقيقة في الفقه و أصوله والتفسير والعقائد ومعجم الرجال وبقات الرواة وغيرها من متفرقات المسائل وأمّهات المطالب.
نعم هذا هو الفقيه العالم الذي يصدق عليه بلا شك ولا ريب ما روي عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: "عَالِمٌ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ وَ أَلْفِ زَاهِدٍ وَ اَلْعَالِمُ يُنْتَفَعُ بِعِلْمِهِ خَيْرٌ وَ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ سَبْعِينَ أَلْفَ عَابِدٍ".
وللعلماء فضل كبير كما روي في معاني الاخبار: خَطَبَنَا رَسُولُ اَللَّهِ يَا أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنَّ فِي اَلْقِيَامَةِ أَهْوَالاً وَ أَفْزَاعاً وَ حَسْرَةً وَ نَدَامَةً حَتَّى يَغْرَقَ اَلرَّجُلُ فِي عَرَقِهِ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنِهِ فَلَوْ شَرِبَ مِنْ عَرَقِهِ سَبْعُونَ بَعِيراً مَا نَقَصَ مِنْهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَا اَلنَّجَاةُ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا اُجْثُوا رُكْبَتَكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اَلْعُلَمَاءِ تَنَحَّوْا مِنْهَا وَ مِنْ أَهْوَالِهَا فَإِنِّي أَفْتَخِرُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ بِعُلَمَاءِ أُمَّتِي عَلَى سَائِرِ اَلْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي أَلاَ لاَ تُكَذِّبُوا عَالِماً وَ لاَ تَرُدُّوا عَلَيْهِ وَ لاَ تُبْغِضُوهُ وَ أَحِبُّوهُ فَإِنَّ حُبَّهُمْ إِخْلاَصٌ وَ بُغْضَهُمْ نِفَاقٌ أَلاَ وَ مَنْ أَهَانَ عَالِماً فَقَدْ أَهَانَنِي وَ مَنْ أَهَانَنِي فَقَدْ أَهَانَ اَللَّهَ فَمَصِيرُهُ إِلَى اَلنَّارِ وَ مَنْ أَكْرَمَ عَالِماً فَقَدْ أَكْرَمَنِي وَ مَنْ أَكْرَمَنِي فَقَدْ أَكْرَمَ اَللَّهَ وَ مَنْ أَكْرَمَ اَللَّهَ فَمَصِيرُهُ إِلَى اَلْجَنَّةِ أَلاَ وَ إِنَّ اَللَّهَ يَغْضَبُ لِلْعَالِمِ كَمَا يَغْضَبُ اَلْأَمِيرُ اَلْمُسَلَّطُ عَلَى مَنْ يعصاه [يَعْصِيهِ] أَلاَ فَاغْتَنِمُوا دُعَاءَ اَلْعَالِمِ فَإِنَّ اَللَّهَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءَهُ فِيمَنْ دَعَاهُ وَ مَنْ صَلَّى صَلاَةً وَاحِدَةً خَلْفَ عَالِمٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى خَلْفِي وَ خَلْفَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اَللَّهِ أَلاَ فَاقْتَدُوا بِالْعُلَمَاءِ خُذُوا مِنْهُمْ مَا صَفَا وَ دَعُوا مِنْهُمْ مَا كَدِرَ أَلاَ وَ إِنَّ اَللَّهَ يَغْفِرُ لِلْعَالِمِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ سَبْعَمِائَةِ ذَنْبٍ مَا لَمْ يَغْفِرْ لِلْجَاهِلِ ذَنْباً وَاحِداً وَ اِعْلَمُوا أَنَّ فَضْلَ اَلْعَالِمِ أَكْثَرُ مِنَ اَلْبِحَارِ وَ اَلرِّمَالِ وَ اَلشَّعْرِ عَلَى اَلْجِمَالِ أَلاَ فَاغْتَنِمُوا مَجْلِسَ اَلْعُلَمَاءِ فَإِنَّهَا رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ اَلْجَنَّةِ تَنْزِلُ عَلَيْهِمُ اَلرَّحْمَةُ وَ اَلْمَغْفِرَةُ كَمَا يُمْطَرُ مِنَ اَلسَّمَاءِ يَجْلِسُونَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مُذْنِبِينَ وَ يَقُومُونَ مَغْفُورِينَ لَهُمْ وَ اَلْمَلاَئِكَةُ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُمْ مَا دَامُوا جُلُوساً عِنْدَهُمْ وَ إِنَّ اَللَّهَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ فَيَغْفِرُ لِلْعَالِمِ وَ اَلْمُتَعَلِّمِ وَ اَلنَّاظِرِ وَ اَلْمُحِبِّ لَهُمْ .
|