الفلسفة تريد ان نعرف حقيقة كل شيء ، وكنهه وأصله وغايته ،ولا نكتفي بالظواهر ، بل تريد النفوذ الى البواطن، تريد ان نعرف ما وراء هذا العالم المحسوس ، وما كان قبله وتريد الفلسفة ان تعرف من الذي خلق العالم ، ومن أي شيء خلقه ؟ وما هو هذا الخالق العظيم ، وما كنه ذاته ،وما حقيقة صفاته ؟ وما حقيقة الانسان ؟ وما هو عقله ؟ وكيف يتم ادراكه وما هو الخير؟وما هو الجمال ؟ أشياء جميلة تسكن الروح قبل القلب ، وهذا يدل على اننا في شبابنا لم نكن ملحدين ، بل كنا نبحث عن الله سبحانه بمدارك عقولنا ، كنا نحاول ان ندرك بعقولنا كنه جميع المبادىء الاولى ، السؤال الذي يشغلنا اليوم ، ماهو الفرق بين العلم والفلسفة ، يقول الشيخ حيران في قصة الايمان للشيخ نديم الجسر ، ان العلم يكتفي بدرس ظواهر هذا الكون ونظمه ونواميسه ، اما الفلسفة تبحث في أصل الكون وعلته ، وحقيقته ، العالم الطبيعي يكتفي بدرس المظاهر الطبيعية للمادة من غير ان يفكر باصلها وعلة وجودها ، الرياضي يبحث في الهندسة والحساب ، من غير ان يتكلف عناء التفكير في معنى المكان والزمان ، أما الفيلسوف يريد ان يعرف كل شيء ، ومن البحث في الكون تكونت فلسفة الوجود ، ومن العقل تكونت فلسفة المعرفة ومن البحث في كنه الخير والجمال والقبح تكونت ( فلسفة القيم ) مثل هذه الدراسة كانت تبعث فينا روح الدهشة ، ، كنا قبل قراءة كتاب قصة الايمان ندعي أو نرى انفسنا بإننا وصلنا مرحلة في العلم ، وقصة الايمان عرفتنا بحقيقة ما نملك من قشور المعرفة ، علمنا الشيخ الموزون ان البحث عن الوجود يتناول طبيعة الوجود ، حقيقته ،أصله وعلته ، أي المخلوق والخالق والبحث عن المعرفة يتناول اراء الفلاسفة في كيفية حصول المعرفة ، صرنا ندرك حجم معرفتنا ،وكأنه يريد ان يقول انكم لاتبحثون في حقيقة الجمال والقبح ، أو الخير والشر ، ولا علاقة لكم بالبحث عن القيم ، أنتم تبحثون يا شباب عن الوجود فقط ، يزداد فينا عمق الدهشة حين يذهب بنا الشيخ الموزون الى كتاب فلاسفة اليونان ، الى أين يريد بنا الشيخ يرحمه الله ، صرنا صغارا في حضرته ، لماذا فلاسفة اليونان ؟ :ـ انه كتاب لمفكرين يبحثون عن الله سبحانه تعالى جوهر الفلسفة هو البحث عن الله سبحانه ، يسأله الشيخ حيران :ـ شيخنا الجليل الذي نعرفه ان فلاسفة اليونان كافرون ؟اجابه الشيخ الموزون ليصحح المعلومة انهم كافرون بالهة اليونان ،أما الله الحق فهم يبحثون عنه ، منهم من أهتدى اليه ومنهم من عجز عقله عن تصوره ومنهم من يقوده العجز الى الضلال، ، ولنقرأ الفيلسوف طاليس يرى ان العالم لا يمكن ان يكون مخلوقا من العدم ، يفترض وجود مادة أزلية نشأت عنها كل الموجودات ، وهذه المادة الازلية هي الماء ، لانها مادة قابلة للتغير التشكيل يكون مائعا ويصير تارة ثلجا وتارة بخارا ثم يرجع ماء ، لهذا يرى انه أصل الموجودات ، ،
والفيلسوف (إنكسيمنس ) يرى ان الهواء أكثر من الماء مرونة وقابلية للتحول ، لأنه يبر فيصير ماء يسخن يصير بخارا ثم يزداد تخلله فيرجع هواء وزعم انه لو زاد تخلله لصار بخارا ، وكون شموسا واقمارا وأن يكثف صار سحابا ثم ماء ، وان زاد تكثفه انقلب اتربة واحجارا ، فهو أصل الكائنات ،مثل هذه المعلومات عندما تقدمها الى شباب لايعرفون سوى أرني الله ، ولوكان الله خالق الكون فمن خلقه ؟ويؤمنون بالطبيعة ويرددون المستورد من الجمل الجاهزة وإذا بالشيخ الموزون يصحي فينا الروح والعلم والمعرفة ، واحتوى دراسة المكونات التي كان الفلاسفة يعتقدون انها أصل الكائنات ، يقول الشيخ الموزون ، اما الفيلسوف ( انكسيمندر ) تنطوي افكاره على تفكير عميق ، رغم ما يبدو في ظاهرها من بساطة ، ان القول بالماء والهواء لايتفق مع صفات الأشياء كلها ، الماء له صفات ، يمتاز بها ، وللهواء صفات وللموجودات الاخرى صفات ، فلا يعقل ان تكون كل الكائنات على تباين صفاتها ناشئة عن أصل يختلف عنها بصفات خاصة به ، ومن هنا اضطره عقله السليم ان يقول بن أصل الكائنات ( مادة لاشكل لها ولا نهاية ولا حدود ) عرفنا حينها ان اغلب فلاسفة العالم كانوا يكفرون باديانهم الوضعية ، ويبحثون عن الله خارج الكنيسة ،لأن عقولهم لم تصدق ان هذا العالم من خلق اولئك الالهة الكذابين المحتالين ، اخذوا يبحثون عن الالهة الحق ، فقال الشيخ الموزون ، ثم جاء ( فيثاغور ) لم يعجبه ذلك الاتجاه ، اتجه في التفسير من وجهة نظررياضية ، فهو يرى ان الماء والهواء وكل مادة مهما كانت لا تصلح ان تكون اصل لهذا العالم المركب من اشياء متباينة ، فاتجه نحو صفة العدد ، ليس في الكون شيئا غير قابل للعدد ، العدد هو الصيغة الوحيدة المشتركة التي تضيف لها كل ما في الكون ، الاعداد عبارة عن تكرار الواحد ، فالواحد أصل الكون وعلته وحقيقته ، وهذه الافكار تدل على السعي للوصول الى فكرة الاله المجرد عن صفات المادة كنا نناقش كل فكرة ، نصل الى معنى ان علماء اليونان كان عندهم اله غير مقنع لايمثل لهم تصورهم عن رب السماوات والارض ، يضيف لنا الشيخ الموزون أسما آخر لم نسمع به هو الفيلسوف ( اكزنوفتس ) نبذ اساطير اليونان القائلة بفكرة التجسيد البشري للاله ، سخر من آلهتهم التي تأكل وتشرب وتلد وتموت ، يقول ان الناس هم اللذين أخترعوا الالهة وتصوروها تميل هيئاتهم ، لايوجد غير اله واحد وهوأرفع الموجودات ليس مركبا على هيئتنا ولا يفكر مثل تفكيرنا بل كله بصر وكله سمع وكله فكر وهوأرحم الراحمين
|