إنَّ هذا الحديث من الأحاديث المشهورة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في كتب الحديث عند المسلمين إما بهذا النص نفسه، أو بلا (من عترتي)، ومسألة الإيمان بالإمام المهدي (عليه السلام) من المسائل الثابتة في العقيدة الإسلامية عند المسلمين بلا خلاف في أصله، إنما هناك اختلاف في حيثيات أخرى.
والحديث فيه دلالات مهمة متعددة يمكن بيانها إيجازًا بالآتي:
1- تأكيده "صلى الله عليه وآله وسلم" على هذه العقيدة الإسلامية، والإخبار بها؛ ليكون كُلُّ مسلم على بينة من دينه في موضوع الإمام المهدي "عليه السلام"، وتأكيده إنما هو مثل تأكيداته المختلفة الأخرى التي تحتاجها الأمة في شؤون أمورها الدينية والدنيوية.
2- إنَّ فيه بيانًا على أهمية الإيمان بالأخبار الغيبية اليقينية الواردة في الشريعة الإسلامية المقدسة، وأنها ستقع جزمًا كما وقعت المغيبات السابقة، وفي ذلك تأكيد على صدق نبوته ودعوته، ووعده ووعيده "صلى الله عليه وآله وسلم"، ويستوجب ذلك تهيئة الإنسان نفسه للتصديق بما ورد في ذلك، إمَّا بالأدلة والنصوص والقرائن، أو بالإيمان بالغيب مطلقًا.
3- في الحديث إشارة صريحة إلى تثبيت اسم الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء "عليها السلام" في الروايات التاريخية العقدية، التي لها علاقة بأسس الإيمان، وليس بالتاريخ الإسلامي العام، وهذه مسألة مهمة بالنسبة للمسلمين في الجانب العقدي، وفي الجانب التاريخي؛ حيث بقاء هذا الاسم وخلوده في هذا التاريخ المشرق، ولا بد للمسلمين من تذكير أنفسهم بها وبمقامها، والتشرُّف بأنَّ المهدي الذي ينتظرونه هو منها حصرًا، لا من غيرها.
4- إنَّ وجود الصديقة الطاهرة فاطمة "عليها السلام" هو ثابت وخالد على مرِّ التاريخ الإسلامي لا يمكن زواله، من أوله وبيان القرآن الكريم والسنة الشريفة مقامهما ومنزلتها الدينية والدنيوية، إلى آخر التاريخ، حيث أنَّ المصلح الإسلامي العالمي اسمه مقترن باسمها، وأنه ابنها الذي يتشرف بانتسابه إليها، وفي ذلك دلالات على أهمية هذه العلاقة.
5- في الحديث بيان صريح ودقيق على أنَّ نسله الشريف الباقي والمنتشر في الوجود إنما هو عن طريق هذه البنت الوحيدة التي هي (شِجنة أبيها)، و (بضعة أبيها)، و (قلب أبيها)، و (روح أبيها)، بل هي (أم أبيها)، فأي مقام عظيم لها عند الله تعالى حيث هذه منزلته الشريفة من خاتم أنبياء الله تعالى ورسله، بل منزلته من الله تعالى كما أشار إلى ذلك في كتابه الكريم.
ختامًا ..
فالزهراء فاطمة "صلوات الله عليها" هي ليست ابنة النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" النسبية فقط، بل هي من أهم مفردات العقيدة في الشريعة الإسلامية المقدسة ونظامها التشريعي، الذي يحقق للمسلمين إيمانه وسعادتهم في الدنيا والآخرة.
ذكرى وفاة الزهراء عليها السلام
الجمعة ٤ جمادى الآخرة ١٤٤٦هج
٦ تشرين الثاني ٢٠٢٤م
|