السيدة ام البنين (ع) هي فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر بن كلاب، آباؤها وأجدادها من فرسان العرب وشجعانهم، يعرفون بالجود والوفاء والشرف والمآثر الكريمة والخصال الحميدة، و نشأت السيدة أم البنين على هذه الخصال الرفيعة، فهي مؤمنة تقية زكية ورعة عفيفة النفس كريمة الخلائق عالمة معلمة فاضلة فصيحة، عارفة بفضل أهل البيت (ع) فأخلصت الولاء والوفاء لهم، وتجلى ذلك واضحا في حسن تبعلها لسيدها أمير المؤمنين(عليه السلام) وتفانيها في خدمة أبناء فاطمة الزهراء(ع) وفضلتهم على نفسها وأولادها، وصبرها على شهادة كل أولادها دفاعا عن الإمام الحسين(ع) فكانت قمة الوفاء والتضحية لأهل البيت (ع)
تجسد الوفاء والتضحية في الشخصية العظيمة أم البنين (عليها السلام) منذو اول يوم لها فطلبت عدم الدخول الى بيت امير المؤمنين (ع) حتى يأذن لها اولاد رسول الله بأن تكون خادمة لهم، وطلبت من أمير المؤمنين (ع) ان لا يناديها باسمها (فاطمة) فكانت تخشى على أولاد رسول الله، أن يتذكروا امهم الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام) ويصيبهم الحزن فضحت باسمها وفاء للسيدة الزهراء (ع) و ازرت الإمام علي (ع) في المحن والشدائد، ولم تدخر جهدا في خدمة أولاد رسول الله (ص) وتربية أولادها على الحب والطاعة والتضحية لريحانتي رسول الله (ص) وأحسنت الكفالة وأديت الأمانة الكبرى في حفظ وديعتي الزهراء البتول الحسن والحسين، وبلغت وأثرت ورعيت حجج الله الميامين ورغبت في صلة أبناء رسول رب العالمين.
كانت السيدة العظيمة تفضل وتقدم أولاد الزهراء (ع) على أولادها وكانت تعلم قمر العشيرة ابا الفضل العباس (عليه السلام) أن ينادي الحسين (عليه) بسيدي وقطعا هي اعلى مراتب نكران الذات، وما ذلك إلا وفاء للزهراء (ع) وتكريما لذرية رسول الله (ص) وحرصت على تربية أولادها الأربعة على الوفاء والولاء وحب العترة الطاهرة فكانوا كما أرادت ليوث الوغى وفرسان الهيجاء، و قمة الوفاء والتضحية يوم عاشوراء حيث دافعوا عن الامام الحسين (ع) حتى الشهادة وسطر ابا الفضل العباس (ع) اروع معاني الوفاء عندما وصل الى الفرات وكشف القوم عنه ظهيرة عاشوراء و امتنع عن شرب الماء وفاء لأخيه الحسين العطشان (ع) فكل ذلك كان من المدرسة العظيمة للوفاء السيدة ام البنين (ع)
ربت السيدة الفاضلة أولادها الأربعة على الشجاعة والتضحية في سبيل الله تعالى وفداء امام زمانهم ابي عبدالله (ع) واعدتهم ليوم عاشوراء اعدادا تجلت فيه قمة التضحية والفداء، واحتسبت ذلك عند رب العالمين فعندما جاء الناعي من كربلاء ينعى أولادها كانت غير آبهة بذلك وتطلب منه ان يخبرها عن الحسين (ع) وقالت: لقد أخبرتني بقتل أربعة من أولادي، ولكن إعلم أن جميع أولادي ومن تحت السماء فداء لأبي عبد الله الحسين حتى اذا علمت باستشهاد الحسين (ع) ظهر الأنكسار والألم عليها، وشاركت بنات الرسالة في إقامة العزاء على سيد الشهداء (ع) واستمرت على ذلك الحال، فوصلت هذه السيدة الفاضلة الى أعلى مراتب الوفاء والتضحية لاهل البيت (ع)
وصلت السيدة الجليلة ام البنين (ع) بحبها للسيدة الزهراء (ع) وطاعتها لله ولسيد الاوصياء (ع) وفداها باولادها الاربعة سيد الشهداء، الى اعلى المراتب واعطاها الله الكرامات الباهرات وجعلها بابا لقضاء الحوائج فصارت قدوة للمؤمنات الصالحات، ومدرسة نتعلم منها اعظم دروس الوفاء والتضحية والفداء، ومنهاجا قويما لمن يريد ان ان ينتهج الحب والطاعة والتضحية والوفاء والفداء لاهل البيت (ع) فهي العارفة بحقهم والمؤمنة بصدقهم والمضحية من اجلهم.
|