عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله عز وعلا "وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا" (مريم 33) تسليم منه على نفسه في المواطن الثلاثة الكلية التي تستقبله في كونه ووجوده، وقد تقدم توضيحه في آخر قصة يحيى المتقدمة. نعم بين التسليمتين فرق، فالسلام في قصة يحيى نكرة يدل على النوع، وفي هذه القصة محلى بلام الجنس يفيد بإطلاقه الاستغراق، وفرق آخر وهو أن المسلم على يحيى هو الله سبحانه وعلى عيسى هو نفسه. و عن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله عز وعلا "وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا" (مريم 33) سبق نظيره قريبا في الآية 15.
جاء في كتاب لاهوت المسيح في المسيحية والإسلام دراسة مقارنة للكاتب علي الشيخ: وختم قصة ولادته وكلامه للناس بقوله سبحانه: "ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ * مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَد سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ" (مريم 34-35). وفيه نفي وإبطال لما قالت به النصارى من بنوة المسيح، وقوله: "إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ" (مريم 35) حجة أقيمت على ذلك وقد عبّر بلفظ القضاء للدلالة على ملاك الاستحالة أن يكون لله ولد.
قال الله عز وجل "وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا" (مريم 33) ثلاثة ايام مفصلية تمر على الانسان وهي الولادة والموت والبعث. ذكر عدد من المفسرين ان القسم شكك في ولادة عيس عليه السلام في الحياة الدنيا ويوم موته سيكون بعد نزوله من السماء او المطلع حيث يقتل الدجال ويوم البعث او القيامة او الآخرون اي بعد خروجه من قبره بعد نزوله وموته. بسم الله الرحمن الرحيم "ومن اهل الكتاب الا ليؤمنن به يوم موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا" وقال عدد من المفسرين ان اهل الكتب السماوية سيؤمنون بعيسى عليه السلام بعد نزوله من السماء ويقال هي من أشراط الساعة حيث ينزل عيسى عليه السلام من السماء.
لما حضرت الامام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام الوفاة بكى فقيل له: يا ابن رسول الله أتبكي ومكانك من رسول الله صلى الله عليه وآله الذي أنت به؟ وقد قال فيك رسول الله صلى الله عليه وآله ما قال؟ فقال عليه السلام: إنما أبكي لخصلتين: لهول المطلع وفراق الأحبة. قال الإمام علي زين العابدين عليه السلام: أشدّ ساعات بني آدم ثلاث ساعات: الساعة الّتي يعاين فيها ملك الموت، والساعة الّتي يقوم فيها من قبره، والساعة الّتي يقف فيها بين يدي اللّه تبارك وتعالى. وعن عيسى عليه السلام كما ورد في قوله تعالى "وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا" (مريم 33).
جاء في موقع اليوم السابع عن احتفال المسلمين برأس السنة الميلادية من دار الافتاء المصرية: أعادت دار الإفتاء المصرية نشر فتوى لها بشأن حكم احتفال المسلمين بالسنة الميلادية الجديدة وتهنئة غيرهم بها، حيث قالت الدار، إن المسلمون يؤمنون بأنبياء الله تعالى ورسله كلهم، ولا يفرقون بين أحد منهم، ويفرحون بأيام ولادتهم، وهم حين يحتفلون بها يفعلون ذلك شكرًا لله تعالى على نعمة إرسالهم هداية للبشرية ونورًا ورحمة، فإنها من أكبر نعم الله تعالى على البشر، والأيام التى ولد فيها الأنبياء والرسل أيام سلام على العالمين، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك، فقال عن سيدنا يحيى: "وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا"، وقال عن سيدنا عيسى: "والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا" (مريم 33)، وقال تعالى: "سلام على نوح فى العالمين"، وقال تعالى: "سلام على إبراهيم"، ثم قال تعالى: "سلام على موسى وهارون"، إلى أن قال تعالى: "وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين". وبناء عليه: فاحتفال المسلمين بميلاد السيد المسيح من حيث هو: أمر مشروع لا حرمة فيه، لأنه تعبير عن الفرح به، كما أن فيه تأسيا بالنبى صلى الله عليه وآله وسلم القائل فى حقه: "أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم فى الدنيا والآخرة، ليس بينى وبينه نبى" رواه البخارى. هذا عن احتفال المسلمين بهذه الذكرى، أما تهنئة غير المسلمين من المواطنين الذين يعايشهم المسلم بما يحتفلون به، سواء فى هذه المناسبة أو فى غيرها، فلا مانع منها شرعا، خاصة إذا كان بينهم وبين المسلمين صلة رحم أو قرابة أو جوار أو زمالة أو غير ذلك من العلاقات الإنسانية، وخاصة إذا كانوا يبادلونهم التهنئة فى أعيادهم الإسلامية، حيث يقول الله تعالى: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها"، وليس فى ذلك إقرار لهم على شيء من عقائدهم التى يخالفون فيها عقيدة الإسلام، بل هى من البر والإقساط الذى يحبه الله، قال تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين"، فالآية تقرر مبدأ التعايش، وتبين أن صلة غير المسلمين، وبرهم، وصلتهم، وإهداءهم، وقبول الهدية منهم، والإحسان إليهم بوجه عام، كل هذا مستحب شرعا، يقول الإمام القرطبى فى "أحكام القرآن" "18/ 59، ط. دار الكتب المصرية": قوله تعالى: "أن تبروهم".. أى لا ينهاكم الله عن أن تبروا الذين لم يقاتلوكم. "وتقسطوا إليهم" أى تعطوهم قسطا من أموالكم على وجه الصلة.
|