• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وانتصرت المقاومة في غزّة .
                          • الكاتب : محمد الرصافي المقداد .

وانتصرت المقاومة في غزّة

 المفاوضات الغير مباشرة بين الكيان الغاصب المحتل وحماس، أخذ وقتا ليس بالقليل، محاولة من الكيان تحقيق نصر ما على غرمائه، أصحاب الأرض والتاريخ، ولكنّه انتهى اليوم بإبرام اتفاق وقف إطلاق النار مضطرّا، ونزوله عند شروط المقاومين، ولا خيار له في ذلك بعد تظافر عدة عوامل أجبرته على الرضوخ إليه، فالشارع الإسرائيلي ضغط بقوّة من أجل استعادة أسراه المرهونين منذ 7/10/2023، الذين قضى أغلبهم نحبهم نتيجة القصف الصهيوني الأعمى.

اتفاق أمضت عليه المقاومة ممثلة بحماس، كان بحجم انتصار هؤلاء الرجال الأفذاذ الذين سطّروا أمثلة عديدة في الصبر والجهاد، وشكلوا بإصرارهم على الصمود الأسطوري، الذي أظهروه أمام أعتى الأسلحة الأمريكية والأوروبية، وأكثر القوات في العالم تجهيزا وتدريبا، جبهة مقاومة بلغت من النضج والتضحية والوعي مبلغا أتاح لها أن تصيب عدوّها الصهيوني بعجز لم يتمكن من تغييره، رغم كل ما بذله من أجل ذلك من قصف عشوائي طال المدارس  والمستشفيات، ولم تسلم من عدوانه حتى المناطق التي كان يحددها آمنة، مثل المدارس التي تشرف عليها منظمة الأنوروا.

صمود المقاومة الفلسطينية وبلاؤها البلاء الحسن كان له دور أساسي في رضوخ الكيان الصهيوني، وجلوسه للمفاوضات وتوقيعه اتفاق وقف إطلاق النار، على الرّغم من أن قوّاته العسكرية بكافة اختصاصاتها وامكاناتها عجزت عن تحقيق أهداف قادتها السياسيين وعلى رأسهم رئيس الحكومة ناتنياهو هذا الصهيوني الذي لم يستجب لأي نداء انساني أطلقته المنظمات الدولية والدوّل الحرّة، وأصرّعلى مواصلة جرائمه بحق المدنيين في القطاع المظلوم.

نعم لقد خرج ناتنياهو من غزّة بخفّي الشهيد (يحي السنوار)، بمعنى أنّه فشل في جميع ما خطط له، تاركا في رصيده جرائم بحق الإنسانية، وهي جرائم حرب ستكلّفه حياته السياسية، لقد أجبرته المقاومة بجناحيها الأساسيين حماس والجهاد على النزول من عياء وهْمِه الى واقع فرضته عليه، يقول لا مجال لمحو المقاومة في غزّة ولا في الضفة، لأنّها حركة طبيعية أصيلة في جميع الشعوب الحرّة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الحرّ الأبيّ الذي ما فتئ يُظهر لنا في كل مرّة أصنافا من شجاعته وبطولاته على قلّة ما في أيدي مقاوميه من أسلحة فردية وبسيطة.

لم تحقق القوات الصهيونية شيئا يمكنها أن تفخر به فلا شيء يستحقّ أن تتباهى به سوى أنّها وقفت عاجزة أمام هؤلاء الفلسطينيين الأحرار الذين سطّروا ملاحم من العزة والفخر، اثناء مواجهاتهم ومن نقاط الصفر، برهنوا على أنهم من أوفوا بما عاهدوا الله عليه من جهاد عدوّه، والأرقام المعلنة من الشهداء الفلسطينيين المدنيين، والتي افقت الخمسين ألف شهيد وأضعافهم من الجرحى، وهي أرقام ليست نهائية، باعتبار الهدم الذي بقي الشهداء تحته بلا انتشال لضراوة القصف وقلّة الآليات، وعشرات آلاف المنازل والبناءات والمؤسسات التعليمية والاستشفائية والخدمية، في قوائم عار على الكيان المحتلّ.

الاتفاق الذي وقعت عليه المقاومة ينص في مرحلته الأولى على إطلاق سراح الرهائن والسجناء، وضمنه ستطلق حماس سراح 33 رهينة من النساء بما فيهن المجنّدات وكبار السن والجرحى والمرضى، سيقع تبادلهم مقابل سجناء فلسطينيين، خلال هذه المرحلة سوف تبدأ القوات الصهيونية بالانسحاب من المناطق المأهولة بالسكان في غزّة، ويمكن للنازحين بالتزامن مع ذلك البدء في عودتهم إلى شمال القطاع.

وفي المرحلة الثانية يمكن أن تستكمل عملية تبادل الرهائن والتي يمكن أن ترتبط زمنيا بالمرحلة الأولى من أجل التسريع في إطلاق سراح الأسرى لدى الطرفين، مع مواصلة المفاوضات حول أرضية ممكنة لوقف دائم لإطلاق النار وهذا ما يأمله بايدن المنتهية رئاسته، وترامب المتولّي من بعده الرئاسة والذي يدعي أنّه كان وراء انهاء القتال في القطاع وهو بنظري مجرّد دعاية كاذبة أراد بها أن يستبق الاتفاق كأحد رعاته من وراء بايدن، وهذا من معايب السياسات الغربية في ادّعاءاتها الكاذبة، وقد صرّح بايدن: "عندما تبدأ المرحلة الثانية، سيكون هناك تبادل لإطلاق سراح الرهائن المتبقين على قيد الحياة، بما في ذلك الجنود الذكور، وستنسحب كل القوات الإسرائيلية المتبقية من غزة. وعندها سيصبح وقف إطلاق النار المؤقت دائماً." وأكد الرئيس الأمريكي أن وقف إطلاق النار يجب أن يستمر، طالما استمرت المناقشات بشأن الانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية، حتى لو استمرت أكثر من ستة أسابيع،(1) هذا وستطلق الحكومة الصهيونية سراح مئات من السجناء الفلسطينيين، قد يتجاوزون الألف 1000معتقل وسجين.

أمّا المرحلة الثالثة فتتمثل في إعادة إعمار غزّة، وهو عمل سيستمر لعدة سنوات، نظرا لفداحة الخراب والدّمار الذي سببتهما الطائرات الصهيونية على مدى خمسة عشر شهرا. مقارنة بما مضى من اعتداءات صهيونية على القطاع المظلوم، فإنّ ما وقع خلال هذه الحرب يصعب وصفه، وسببه الرئيسي أمريكا التي تحمي الكيان وتدعمه بلا حدود بالأموال والأسلحة المتطوّرة، ومن وقاحة الغرب بمنظوماته أن تُعْتَبر أمريكا راعية اتفاق وقف إطلاق النار مع مصر وقطر.

وعليه فإنّ ما تحقق يعتبر انتصارا لمنظومة كاملة من المقاومة تظافرت جهودها من أجل رفع المحنة على قطاع غزة، ولولا تلك الجهود التي بدأها حزب الله، ثم أنصار الله اليمنيين، ثم الحشد الشعبي في العراق، وراعية هؤلاء جميع إيران بحرسها الثوري، لاستفرد الكيان بغزّة ومحقوها بناءات وأهالي، خسارة الكيان الصهيوني كبيرة جدا في الأرواح العسكريين والمواقع الحساسة والمنشآت العسكرية والاقتصادية، وتعطيل وشل قطاعاته الاقتصادية، وارباك مستوطنيه النازحين عن مستوطناتهم، وادخالهم في أوضاع حرجة لم يعرفوها من قبل.

السؤال المطروح ماذا حقق الكيان الصهيوني بعد هذا؟

في نظر كل متابع منصف لم يحقق هذا الكيان شيئا يذكر، بل لقد اثبت أنه كيان لا يمكنه أن يستمر في البقاء على أرض فلسطين، أكثر من الزمن الذي قضاه جاثما عليها منتهكا، مستبيحا خارقا لجميع الاتفاقات الدولية، في الأخير أقول هنيئا للأحرار المقاومين بانتصارهم، ما زمن الاتفاق سوى استراحة محارب، وغدا بإذن الله سيكون النصر المؤزر، حيث سيبقى اسم فلسطين العزيزة، وينمحي اسم إسرائيل من الخارطة، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.

المصادر

1 – اتفاق وقف إطلاق النار في غزة: أسئلة لم تتم الإجابة عليها

https://www.bbc.com/arabic/articles/c70qe1jxnxko

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=199363
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 01 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 2