• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : (تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد احمد الصافي) 50  .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

(تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد احمد الصافي) 50 

  يتضمن أدب الدعاء فن الأخلاق وفن الفكر والمعرفة الربانية التي تتجلى في الصحيفة السجادية. 

كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي ذهب إلى إحياء هذا التراث والتركيز على القيم الإسلامية وطرق التواصل مع إبراز جمالية هذه الأدعية بأمثلتها الروحية والنفسية ويقظة التقاء ما هو معنوي يعتمد الوسيلة ويعكس مفهوم الموازنة 
ووجود أكثر من اتجاه تأثيري بين (الغنى - البطر) - (العزة - الكبر) 
 الموازنة أن يطلب من الله سعة الرزق ويطلب منه ألا يختمه بالبطر، يطلب من الله أن يعزه ويطلب منه ألا يبتليه بالكبر، هذا الأمر يعتبر عن أن البطر والكبر ابتلاءات يطلب من الله الاستعانة للتخلص منهما. 
البحث في المساحة الفكرية وعلاقة التجربة الإنسانية بمفهوم الطلب والخوف، الإمام السجاد عليه السلام في احتواء نفسي للإنسان يعلمه أن يطلب الفضيلة ويخشى المثلبة، ومثل هذه الموازنة النفسية بين الرغبة والرهبة، وبهذا الفهم يمكن معالجة أي خلل نفسي بوعي المعصوم عليه السلام. 
(اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلا تَرْفَعْنِي فِي النَّاسِ دَرَجَةً إِلاَّ حَطَطْتَنِي عِنْدَ نَفْسِي مِثْلَهَا) 
إن معرفة الإمام عليه السلام بعلم النفس قبل المدارس النفسية بمئات السنوات، جعلنا نحسب حساب التضاد ليعبر عن صحو الإنسان وعلمه ومعرفته، والحضور الضمير داخل النفس، ومن مثل هذه التضادات 
 (الرفعة – الحط، العزة - الذلة) 
على أن الوعي بهذه التضادات سبب الصحوة المصيرية للإنسان، يطلب حط القيمة كي تصفو الرفعة لله، ويطلب ذلة الذات كي تسمو عزة الله فيه. 
 بعبارات مكثفة يمنحنا الإمام السجاد عليه السلام رؤية واسعة تختزن الكثير من الدلالات بقوة صياغتها البلاغية، لخصت لنا المعرفة المدركة لقيمة الصلاة على محمد وال محمد، سعة الرؤية واضحة في هذا المفهوم كونها مضمونة الإجابة، فصل بين الطلب والصلاة. 
نحن نبحث عن جوهر الفكرة، نقف عند جماليتها، عندما يحمل أحد طرفي الحاجة هي الصلاة على النبي محمد وأهل بيته، فقد ورد إن الله سبحانه وتعالى يستحي أن يقبل الصلاة ويرد الباقي وهذه من مميزات سعة الرؤية. 
 هي المفاهيم التي يرتكز عليها الدعاء، فيه تركيز على شخصية الإنسان وهذا محتوى تربوي (الموازنة)، مفهوم فكري دقيق جعله السيد أحمد الصافي يمثل الجانب التربوي، رفعة الإنسان تجعل له منزلة في قلوب الناس ولهذا يصبح التضاد طوع المفهوم الفكري في منظور الإمام عليه السلام. 
(حاله ظاهرية - أمام الناس) - (حالة باطنية - أمام النفس). 
يقدم لنا الدعاء حالة من حالات اليقظة الشعورية الواعية، الله سبحانه وتعالى يعلم ما في النفس، علينا أن نناقش فكرة الصورة الظاهرية كرامة الإنسان تجعله يطلب أن تكون له منزلة عند الناس، طلبٌ مشروعٌ له اليات ومقدمات، والمنزلة تصور ذهني وعملية فكرية لكيفية الحصول على المنزلة، قيمة جوهرية في عدم ظلم الناس، والأمانة وصيانة العرض، والنفس التي جبلت على محبة من أحسن اليها. 
القضية تحتاج للتأمل، الإمام عليه السلام يعبر عن المنزلة بأنها طموح واحترام الناس بلطف من الله، هناك معنى آخر يركز عليه سماحة السيد أحمد الصافي قد تتحول هذه المنزلة إلى خطر، تصبح بابا من أبواب الفخر والعجب بالنفس والتكبر، شيء مهم أن يستخرج لنا المضمون الجوهري بأصله المعرفي وبقراءته القادرة على إدراك المعنى ويطلب الإمام عليه السلام المنزلة العظيمة بين الناس، أن يمنح النفس انحطاطا داخليا، هنا مفهوم الانحطاط يختلف عن المعنى السائد، هذا الانحطاط ليس فيه ذلة، تذليل النفس في معنى أقرب، إن تلك الرفعة والمنزلة هي لله سبحانه وتعالى، هو من رفع ليس هناك رفعة بجهد شخصي، إنما الرفعة من الله سبحانه تعالى. 
البحث عن المعنى من أجل أن تتم عمليه التلقي بفهم ينفع بتهذيب السلوك الإنساني، كون النص هو نص معصوم مرتبط بالتكوين الإنساني نفسه ويخضع أيضا لأسلوب صياغة المعنى الدعائي بما يوافق ومخاطبة الإرادة المطلقة، كي لا يصل الإنسان إلى مرحلة ألا يرى شيئا أفضل منه. 
نجد أن التضاد الموجود بين دلالة الرفعة ودلالة المثلبة يصل إلى قضية توافقية، تضاد ينتج التوافق النفسي الرحمة، ومثل هذا المضمون لا يتحقق إلا عبر معونة النفس ولذلك الإمام عليه السلام يطلب الإعانة على النفس (وَأَعِنِّي عَلى نَفْسِي بِما تُعِينُ بِهِ الصَّالِحِينَ عَلى أّنْفُسِهِمْ) كي لا تتحول تلك الرفعة إلى مرض. 
الجذر الانساني الذي قدمه الإمام عليه السلام هو مشهد فكري وثقافي في ذم الدنيا مخافة الانزلاق في مهاويها، مخافة أن يتحول العز الظاهري إلى ذنب.
قراءة الذم على أنه يقظة تحصن الإنسان من الزلل، يعرفنا سماحة السيد أحمد الصافي على بعض الإشكالات الواردة في المجتمع اليوم، إن البعض يمن على الله سبحانه وتعالى بالصلاة وبالعبادة كأنه متفضل على الله تبارك وتعالى، ويعتبر هذه الحالة حالة قصور في الفهم الانساني العام ويحذر منها لكي يدرك الإنسان أن
لا قيمة له دون معزة الله سبحانه تعالى




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=199709
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 02 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 2