• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : أفياء على حافة التيه / للشاعر محمد طاهر الصفار .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

أفياء على حافة التيه / للشاعر محمد طاهر الصفار


 (  الصور الذهنية ) 
 قبل الإفصاح أين يكون الشعر ؟  سؤال يأخذني  إلى مديات ربما هي أوسع من تجربتي  ، هل هو تعبير عن الذات أو ما تتحسسه  وما تتأثر به من مشاعر وانفعالات تكون أكبر من الذات نفسها ، اذا تحدثنا عن الوعي يعني بقينا  في أسلوبية  ، الشكل والمضمون  ومدارك  الجمال والفن وأعراف  الكتابة ، وأطر  الرؤية وحتى في حالة  التمرد على الأعراف النصية التي تنقل لنا الصورة الشعرية نبقى في حيثيات المنطق  ومعقولية  النص الذي ينسجم  مع الواقع ، أنا لا اقصد  المنهج الرمزي أو السريالي إنما أذهب الى ما ذهب اليه  الشاعر محمد طاهر   الصفار  في مجموعته الشعرية ( أفياء  على حافة التيه  ) قبل الإفصاح  تكون هناك  فسحة من التصورات  الذهنية ، تكثف لنا  المعنى  باتجاه التجربة  الشعورية لكل شاعر  والشاعر الصفار  قدم عوالمه الشعرية  عبر مكامن دلالية  مكتنزة بأفق  مقدرته على  التحكم  بصياغات  ذهنية تستند  على تجليات  التناص ،  ان يتنفس النص  برئة تلك التناصات  ومنها القرآنية   والتي هي أهم  مصادر  استلهام  الصورة الذهنية عنده ،لأهمية ما في القرآن من دلالات عميقة ، ومضامين  سامية  تنوع  التناص  بين أشاري  ولفظي وإيحائي ودلالي،
( منفىً خطانا /  إليه  هاجرت مدن / بها ارتدتنا سهادا /  وأنتفى الوسن / منذ أنتقتنا  على  سبع عجافٍ  رؤى سنابلا  مات في أزمانها  الزمن ) ص163 
 يمنح  التناص  النص ثراءً  وروعة  فهو من أبرز  التقنيات  الفنية التي  يهتم  بها الشعراء  لصياغة الوهج  الذهني في القصيدة على مستوى  الدلالة  والرؤية  فهو لا يستخدم الآية  بشكلها الكلي  وإنما  يستلهم من القرآن ، جزء غير مكتمل قائم على تناص  بعض المفردات  أو الكلمات  أو ربما  الأسماء  وبعض متعلقات  الأسم من موروث قرآني ، 
(أنا.. نقيضُ أنا ..  قابيل  يقرع لي كأسا عليها غبار غراب الموت / نادمنا  / لئن بسطت اليّ الغدرَ / فديته دمي ...فغادتنا الحسناء تنكرنا ) ص135 
 النص الذهني  نتاج عملية  مولدة في أفكار ورؤى  أبداعية  يشكل لها عالم  الجمال الذهني في أنتاج  الصورة في رؤى  تأويلية  يستقيها من التناص القرآني  لكونه يستطيع  أن يرسم ملامح  الموقف  الحدث  وبناء التصور  ألقصدي والتناص  يحقق  أمور كثيرة  للشاعر وللقصيدة  منها التكثيف  والمعنى ألمضموني  وإثارة ذهنية المتلقي  ، اعتقد  ان التناص يعتبر من أقوى  وأفضل  الأفكار  المستفزة لذهنية  المتلقي ،  تثمر فيه  تصورات تبحث عن توافقات  التناص  مع الفكرة  باعتباره  مركز  استقطاب دلالي صورة مستوحاة من واقع تأويل  لحدث وشخصية  قرآنية  فهو يبحث  عبرها عن  الرؤية المعبرة كإيحاء  شعري  تجاوز  به الاسلوب   النمطي ( وفز في التابوت وهم الطين  من أنفاس كهف / كم يرتقه المدى  ؟ / لازال يقعي كلبهم بدم الوصيد / ولا تزال سفينة محروقة في القاع في منأى / وتمخر في سنين الماء / ترسم للمدى بدم الغلام مرافئا / تتلو رقى  الأبوين  في صمت  الغياب المر / أغفى حوله المجهول ) ص99  
أولا  نبحث عن تأويل  التناص وبواطنه  وتصوراته  الذهنية  المثيرة للدهشة ،  وللواقع القرآني  بهذا الشكل صورة التأويل  الذهني ما قبل التناص  وصورة  التأويل الذهني  ما بعد تغيير الشكل  ومعنى  انتقاء  المفردة  المعززة بالمعنى  ليجمع  المتلقي  تلك المفردات  ويكون  منها التصور ،
التابوت /  الكهف / كلبهم الذي يقعي / دم الوصيد / السفينة  المخروقة / دم الغلام ) مفردات لها مرجعية في ذهنية  المتلقي ، لكنه  يعمل  لتجاوز  سكون تلك المرجعيات في رأس المتلقي  ، قدرة إبداعية  تحول تلك  المحتويات  إلى مجاز  إبداعي  يتجاوز تلك البنى  المرصوصة  في ذهنيته الى مضمون  آخر  يعبر  عن حيثيات  المتخيل  الشعري  ومثل هذه   الخصوبة  الفكرية في ايجاد  مضمون آخر  يعبر  عن حيثيات  المتخيل  الشعري  وفي استثمار  الصورة  تعني  وجود ثراء مخيلة  ، لاستثمارها  في غواية المعنى  ، بمعنى إنشاء الفكرة  والمعنى  في صيغ التناص  ، إعادة  قراءة  من مرجعية  قرآنية  منقاة  الأسماء والأحداث  لاستخدامات  مجدية  لغاية  خلق  التؤم المضموني ،  
(فتحرقُ زيتوناً بظلِّ حمامةٍ فعاد من الطوفان / ما استوقدت  سبأ /  وصخرة قابيل  برأسي غرابها  إلى الرقصة الأولى  يراوده الخطأ / سألقي عصاي  الآن  /تلقف رغبة على كأس سم  الليل خمرٌ بها رقأ) ص96 والتناص يبعد الشاعر  عن المباشرة  ، مرتبطة بمدلول  ذهني  يحقق لها التفرد من خلال حسن تركيبه واستجلاءه  للمعاني وطريقة اعدادها ، بالشكل الجمالي  والإبداعي  الذي يجعل  التناص مبتكرا  في نسيج  جديد ، وكأنه يقدم خلطة سحرية  من مفردات  التناص  لو تأملنا في  مفردات هذا الاستشهاد ( طوفان / سبأ / قابيل / غراب / الق عصاي /  تلقف ) وهذا خروج من منطق  الفكرة إلى  مخزونه المعرفي يبني تصورات  تتجسد  عبر توظيفها  بمعنى اقرب الشاعر هو قارئ ظل يختزن  في ذاكرته  الأفكار  التي تتوافق  مع ثقافته والتي يستحضرها  في كل قراءة  محاولا  تسخيرها  في انفتاح  الدلالة  ينقل متلقيه من زمن  لآخر  ومن مكان  لآخر  سعيا لاستثمار  لهفته  عبر تلك  الروافد الدلالية ، 
( فأودع فيها الله / جودي  نوحه / وقال  بأن الأرض  تبدأ من هنا ) ص67  واستثمر  الشاعر الصفار التناص للانفتاح على التأريخ  والمعروف ان إنتاج  الأفكار  المرسخة  في ذهنية المتلقي  في ارتباطات  جديدة  هو جهد  وفكر إبداعي ، وكانه  عبر  التناص  يتمحص ذهنية  متلقيه  أو ليفّعل  المعرفي  لصالح  القصيدة  فيستحضر  التناص  الذي  استعمله  الشاعر لبث رؤيته  وقد يكون  التناص  الشعري  مع شخصيات  ورموز دينية  وخاصة نجد  ذكر أهل  البيت عليهم السلام  ، وذكر واقعة  الطفوف  لها تناصات كثيرة ومتنوعة  وهذا يقربنا لمفهوم  القصد التعبير  والجمالي  والفكري  والمحور الذهني ( محمد معنى  الله صفوة  أرضه  /  بسمت تجلى في ذرى  أنبيائه ..... لقد جاءَ من أنقى الأديم بمكة فجاد عليها من أديم سمائه ) ص9  نجد الشاعر  الصفار مشبع بالتراث  وخاصة الموروث  الديني والروحي ليعيد التأريخ بمحمولاته... كسيرة ذاتية  لمسيرة الحدث  التأريخي  ولا يمكن  الاستشهاد  عبر مقطع  أو مقطعين  ففيها  
( يقين / نبوءة / أية قرآنية / صفوة / نبوة / دعاء / مكة / دماء  فعل أمر (أنذر ) / الرسالة / الكساء)  تلك دفقات شعورية  أكثر مما  هي مفردات  تشكلت في وعي  الشاعر ، موضوع  الرموز التأريخية  المقدسة   لشخصية الحسين عليه السلام  أكسبته القدرة على التماهي مع روح  الواقعة  مع جوهرها  الفكري لتتحول  المواقف وبهاء الرموز عنده الى قراءة ذهنية ،(  وبها أختزلت  الأرض  في يوم سماوي /  وميزت الحياة  من الردى / أسرجت بوصلة الطفوف إلى طقوس العشقِ 
تبذرُ في المآقيْ مَرقَدا ) ص30  وهذه هي القدرة  الفنية في التعبير  / عن مكنونات  النفس  وفهمها  للتأريخ ، حتى صار  الشاعر ضمير  التأريخ  عبر طاقته  الإبداعية  ذخيرة  الإيمان  (تتوارث الأجيالُ صوت طفوفك الظمأى ( الا من ناصر )؟ وعت الندا / يا سيد الشهداء / ايآت  نمتك  دعت صلاتي  فيك ان تتهجدا /ص (31رأس يطوف على البلاد  منارة  وتلى بها ذكرا  فكان محمدا) ص32  والطفوف بما تحمل من جواذب شعورية  ومعاني متوهجة  تكسب  التناص  قوة  تمثل صور التحرر والمقاومة  ورفض  العبودية  وسلطات الجور  لتحمل  إشعاع  الثورة  في كل جيل  ، واقعة الطف  مثال حي من امثلة  الرفض ونصرة الحق ، والحسين رمز تاريخي  قدم معنى  جديد للعالم انه كان يفهم الاستشهاد  انكسارا والتضحية خسارة  وهزيمة  يقول احد النقاد  الحسين رمز  يتقد من كل الجهات ، وهذا معنى  الخلق والابداع  ومعنى التصوير  الذهني ان كان حسي أو وجداني ،بما يثيره من دلالات  تحول التعبير  التقريري  المباشر  الى تعبير إيحائي ، أرى  تميز  الشاعر  الصفار  بانه استطاع  أن يرسخ  ذهنية الصورة دون ان  يغلفها بغموض  وإنما بدلالات  الى الجمال  أقرب ، عبر تو سيع  متعلقات   النص ورسم الصورة بانزياحات ، متصلة  فيما بعضها مما يسبب  لي معاناة  الاستشهاد  بجملة  وانما لابد ان استشهد بوحدات فاعلة من كل نص ، مثلا في  قصيدة  سيد القلب ( تمخضت ، سور الاملاك / عن رجل / بوجهه حل وجه الله واكتملا ( ص48(بقلبِه رتلت  آيات غربته وكل  نبضة وحي أنسلت رسلا )  49 (  نحتاج  وجهك شمسا  في غياهبنا / نحتاج سيفك  آمنا يقتل الوجلا ) ص50  وتكثر   الاستشهادات لاستحكامها  بمداليل  الصورة الكلية ، يمتلك  الشاعر  الصفار  ثقافة  الصورة  الذهنية ، والتي  يجد بعض مساراتها  عبر  التناص التاريخي والانزياحات  الجمالية ـ الى دلالات  ورموز  وايحاءات  عديدة  مختلفة ،   يصوغ منها  الرؤية والابصار  المدرك ، وقبل  ان تمنح الصورة  الحياة  هي تبقى في الذهن  تتنامى  مع  الحالة   النفسية ، لذلك  تتشكل قدرته  الشعرية  بقوة  عالم  الرمز  الحسيني يسعى ليصل  الى الصورة  المثالية  وليرتقي  بها الى المعنى  الانتماء الهوية ( تلونا على جوع  الرغيف  / اصطبارنا / فاوقد فينا الكربلاءات ديدنا )63 التركيز على الهوية تعني ان الشاعر  يكتب قصيدته بروحه ، يكون دافع  الكتابة هو تمثيل  وتماثل  لكون انزياحات  الصورة تتناسب  وحجم التأثير  القائم على الإيمان  على الاستجابة لخواطره  ومشاعره وعواطفه ،أي هناك  مطابقة بين عوالم الروح عبر الايمان  والعوالم  الذهنية عبر المدركات  مثلا الحديث  عن الزهراء عليها السلام لم يكن هو يشبه  الحديث عن أي امرأة( تراتيل / قناديل / مقامات / قداسة / روح / قرآن / الطف  / الفرات / الظمأ / كربلاء ) تلك متعلقات الحزن العاشورائي ( هي أبنة  من صلى الاله   بوجهه / ومن بإسمه جبريل في العرش أذنا / هي ابنة من كفّاه قمح ومزنة  / أمير المدى  / والقلب / والشمس ... والسنا ) ص67 يقدم التصورات من مواضيع متعددة منها ما يعني التأريخ  المحكي ، لكونه قادر على إثارة  ذهنية المتلقي عبر الصورة التي تجد استجابة   انفعالية لطبيعة وجود  ذلك الموروث  في حياة  الإنسان وعيا وعاطفة ،
&&
( الإنزياح)
ليس هناك وجود  لصورة ذهنية  دون  الانزياح  القادر على إيجاد مساحة جمالية مؤثرة ، وقادر على تجاوز حاجز  اللفظ  لتشتغل في عمق المعنى ،  والصورة الذهنية لا تأتي الا  عبر لغة  المماحكات  لما تحتويه  من مثير  جمالي ، أي بمعنى   مدرك من قبل  جميع النقاد أن القيمة  الانزياحية  التي تولدها القصيدة  قيمة ابداعية ،أحد النقاد  لديه مقولة  جميلة إذ يعتبر  مخاض الصورة الذهنية هو الفطنة  التي يتعامل بها  الشاعر مع اللغة ،  وليس بمعناها العقلاني  بل يتجاوز  العقلانية  إلى  غرائبية مدهشة ، الجملة تتكون  من متعلقات  وكلما  تغربت هذه المتعلقات  ابهجت متلقيها  وتركت مجال تأويلي  مثلا علاقة القرطاسية بالحقيبة المدرسية علاقة هادئة كونها من متعلقات  الحقيبة المدرسية لكن العلاقة بين السكين والحقيبة  و التي تعثر عليها أم في حقيبة ابنها تعني  انفجار في موازيين التأويل ،  الشاعر محمد طاهر الصفار  تلاعب بقوة  في تلك المتعلقات بدءا من العتبة  النصية الاولى  ( العنوان ) استخدم شعرية عالية  في بناء   العناوين  المزاحة  التي تمنح  المنجز  إثارة  وتشاكس   متلقيها  بقوة ،  وهذه  الجدحات  تعني  وعي  الشاعر بأهمية  العنونة ، باعتبار العنوان لافتة   بعضها جاء على شكل  مفردة   مثل كان  أحد عناوين  ( وحدها ) ص105  وعندما  يكون العنوان عبارة عن مفردة  سيكون لها وقع  خاص  ودرجة اقناع  خاصة  تتناغم لوحدها تمنحنا المغزى  القصدي  والمعنى المكمل لذاته  في البنية العامة  للنص  معتمدا على  قدرة التوظيف والتمعن  في عنوان  أحدى قصائده ( رؤى )ص177  هذا العنوان وحده قادر على  تفجير المشهد كونه يستدرج المتلقي   لفضاء النص و لا يمكن   تحديد غايتها ومضمونها إلا عن طريق تكملة  القراءة أي تكون جاذبة  تعبر عن مكنونها  بما يمتلك  من دلالات  ، وهذا المفهوم يجذبنا الى عملية  الإبداع  بالتمايز  الاسلوبي  الذي  يخص جمالها  الفني  والايقاعي ،  ولهذا نجد ان  نسيج  تلك المفردات يظهر لنا  ثقافة  الشاعر  ومقدرته  على الاستحواذ على ذائقة المتلقي ، لهذا  يتميز بعض الشعراء  بامتلاك مفردة تتكرر عنده ويعرف بها تصبح بمثابة هوية يتفرد بها ، إذا انتقى الشاعر مفردته بعناية تجعل المتلقي  في توثب  رؤيوي  لتلقي كل ما مكتوب بحثا  عن  الرؤية  وعمق الدلالة  فهي تباغت  بانزياحاته  و تثيره منذ الصدمة الاولى للعنوان ،|وتشتغل  بعض العناوين  على الاضافة والمضاف  اليه 
( نبوءة الثريا ) ص7 
( طواف الماء )ص45 
 والمضاف اليه يمنح  الشعر القيم الدلالية  في توصيل المعنى ونقل الأفكار  والأحاسيس من خلال الانزياح
 ( سيد القلب )  ص48
(  صلاة الضياء  )ص71 
  وتكون الألفة  رغم غرابة  المتعلقات  بين  النبوءة والثريا   وقربها في  طواف الماء  وشفافيتها  في صلاة الضياء  اعطى للضياء هالة  وللصلاة  الوقار 
( طقوس جثة ) ص155 
 ولمزاوجات  الاضافة  دورا اساسيا في بناء  النص ودلالاته  الايحائية  والجمالية  ، فهي  من يبرز الجمال  ويوسع الدلالة ، ويقربها الى ذهنية  المتلقي  ، وبعض المزاوجات الدلالية  ، تأتي على سبيل  المثال  المجاورة بسمة الصفة 
( المطر الخجول ) ص157 
 ومجاورة  تأتي على سمة التضاد 
( العبد الحر ) ص173
 لشعرية العنوان  تأثير على القصيدة  لأنه أول من يواجه  المتلقي ، عندي  العنوان مراهنة  للتوريط ، فيها  التوهج والتطور  والسعي لاقتحام  الافق الجمالي  وقد أصر الكثير  من النقاد  على ان العنوان يعتبر معادلا موضوعيا  يبعده عن  التقريرية والمباشرة  في  التعبير ، كان سابقا  يقال  الكتاب يقرأ من عنوانه  ، وفي المصطلح  المعاصر  ثريا النص ، نجد  الشاعر يعمل بوعي  لأيجاد  ملائمة تمثل مستواه الفني ، بعض تلك العناوين تمتلك انزياحا  شعريا ، يكشف في دلالاته  عن قصدية  المضمون  الكلي  
( قنديل على خطى التأويل ) ص17
&&
(الإستفهام) 
 ما الذي نحتاجه  لدراسة  المدرك في خصوبة السؤال ؟، هل  هو  البحث عن الاستكشاف عبر التفاصيل  التي  ستمنح جمالية المقدرة لصياغة خطاب شعري تنوع عبر تجاوز اللفظ الى ما يمكن  ان يقدمه  السؤال ؟ ، ما دام كل اشتغالات  الشاعر انزياحية   ، لهذا  يمكن  ان يقدم  لنا الدلالات العميقة ، نحو توهجات  المعنى  سوى ان يكون  استفهامي واستنكاري  ، ما الذي  يمكن ان يقدمه  الاستفهام  وهو الذي  ورد صريحا  في عنوان  أحدى  القصائد ( أسئلة  تطرق رأس الحلم ) ص38 ، الأثر  الممتد  في أهم حاجات  الإنسان ، السؤال  هو مساحة  الوجود أوله  كان السؤال  ،( أتجعل ) ابتداءا بالهمزة  وكان الرد ( أنبئوني )، وكان  السؤال  الرباني  التوكيد ( ألم أقل  لكم  ؟)، الشاعر  هو الوريث  الشرعي  لكل  الاسئلة ، يرى الشاعر  محمد طاهر  الصفار ، أن يقف أمام( كيف ؟  هو السؤال  ، وكان في إثم الظلام معمدا  بدم  القصائد ) ص55  يحتضن الأسئلة كلها  ليتحقق من مساحة  ما يثيره من تساؤل ، وليحرك في متلقيه  ملكات  تلك الأسئلة ، السؤال  بطبيعته  مثير  لكونه مغزى  كوني ، منطلقا من تساؤلات  التراب 
( تسائلني  نفسي لدى الشعر  
 من أنا  ؟ ومن أنت ؟ إنا تائهان فدلنا) ص 61
وهذا يعني  أنه ينطلق  من الذات الى  الكون حاملا معه  أسئلته  باحثا عن  يقظة ،  ليكرر نفس السؤال  في قصيدة ( إنحناءة على  مرفأ  الكبرياء ) من أنا ؟ ومن أنت ؟يرى أهل النقد بان هناك أسئلة مباشرة وأسئلة غير مباشرة  في الشعر ، المباشر  يمثل  رحلة الوجع  ونهاية  الصبر عند الشاعر  واللا مباشر يشكل ذروة  الفن  ولا يهم  ما دام السؤال يأتي  عبر أدوات  الاستفهام ، يقول  الشاعر محمد طاهر الصفار  ليمنحنا سر اكتناز  السؤال أو بالاحرى  ما الذي  يحمله  من نبوءة  الشعر  ، يختصر  لي المسافة 
(أتراك تغفو الآن في عينين  لم تعرف سوى أرق بساقية السؤال / يجوب اطراف المدينة لهفة / يقتات من صمت المسافات الصدى ، ويذوب روحا  عند دمعة كربلاء ) ص118 
أتسعت  مساحة  السؤال  وملأت التجربة  بدلالات  جمالية ، الاستفهام  عند الشاعر الصفار  أسلوب  من الأساليب  المحفزة  على الفرادة ، أجدني أفكر  بطريقة أخرى  ،أرى فيها  أن  السؤال سلم لفلسفة الشعر ، 
 لأن  السؤال المهم  هو عن ماذا نسأل ؟ وما الغاية من السؤال ؟  مهمة السؤال هو إيقاظ  مدارك الوعي ، ولأني أبحث عن مدارك السؤال سوف لن أميز العلامات لأن  كلها قادرة  على إثارة الوعي  وكوامن  الجمال  ، وتمكن الشاعر الصفار  يجعلني أبتعد عن احصائية  العلامة ، وأبحث عن مكامن  السؤال ، نبدأ  من أول السلم  ( الحكمة )  في بصيرة أعمى ، يبدأ حكمته ( أعمى يقود بصيرا لا أبا لكم 
/ من لم يقده ضمير صادق كفرا / أحكمة ؟ أم جنى الأقدار ؟ أم عظة ؟ أم رب  نافعة قد خلفت ضررا ) ص21
فاعلية الشعر  هي البحث عن الدلالات  الفكرية المنتجة ماذا لو كان المعري بصيرا ؟ هل كان يدرك  معنى وجدان  المكفوفين ؟  السؤال لايقف  عند حدود  اللفظ وأنما  هناك تواريخ  جبارة وأحداث وبنى مثيرة  من الوجع الانساني  وعي السؤال  عندما ينهض  فكرا ، ودم ، ويجمع شتات الأزمنة  بسؤال ( تتوارث الأجيال صوت طفوك الظمأى ( الا من ناصر ) ؟ وعت الندا / يا سيد الشهداء / / آيات نمتك دعت صلاتي  فيك أن تتهجدا ) ص31 
فهذا السؤال يحيلنا الى المستوى الأعمق من الدلالة  ، سؤال يستوعب  الكون ، وهو الذي  اثار مكامن  الوجع  ، لايعبر  السؤال  عن ماضي التواريخ بل عن الحاضر وعن  الغد لكونه حاور  السؤال بوثبة  الوعي الشاعر بصفته نموذج وعي يربط  هذا السؤال  بالفكر  باستنهاض  هم الإمامة ليكون الحسين عليه السلام هو النبي صلى الله عليه واله وسلم ،، وهذا المعنى ليس مستحدثا  لكنه يختصر السؤال  ثراء التفاصيل  عبر الدلالة ، وهذا  هو الشعر ، معناه أن السؤال يثير الكثير من الأسئلة يستقطب فاعلية  التجربة ،  ففي قصيدة ( السندباد في رحلته الأخيرة ) كأن السؤال  يهندم اللغة /  التجربة / الإنسان ، أحمد آدم  رحمه الله شاعر عراقي استشهد في عام 2005م هو يسأل أحمد آدم  هل نسي أحمد آدم ( ( جمع  التسكع  وهي تلبس  بالهروب  ملامح  المتنبي  في المقهى  القديم / نسيتها ؟؟؟) ص35

علي الخباز, [02/02/2025 12:05 ص]
جميع أدوات السؤال  المتنوعة  في مجموعة  الشاعر الصفار  ممكن ان نجدها  عند الجميع حتى في تعاملنا  اليومي  لكن الذي  يجذبنا  هو انزياحاتها  عن معناها ، ونتائج  الاستفهام  / الوظيفة الشعرية  لأدب السؤال  ، هل السؤال  له غايات  معرفية  أم جمالية ؟ في قصيدة ( أسئلة تطرق  رأس الحلم ) ( ايها القلب  خطاب ثم يمطرنا بسيل الاسئلة / ما الغرام؟ الغز ؟/ أم جنون ؟/ أم لعنة ؟/ أم قضاء ؟/  تقرع القلب نظرة/ ثم موت / ثم ماذا ؟/ أنبوة ؟/ أم لقاء ؟/ ) سألت النفس  وأنا اتامل  علامات الاستفهام  لماذا توزعت بهذا الشكل  المذهل كان من الممكن  مثلا معاملة  تلك الاسئلة بعلامة واحدة ، هذا يعني انه خص كل حالة  بعالم له قيمته  ،  وكأنه يريد أن يظهر تلك الدلالات الاستفهامية  المكنونة ، ليجعلنا نتوقع  ان القضية  ستنتج لنا معنى مميز / قد لا يحتاج  هذا المعنى الى سؤال ليكون جوابا  عن كل هذه الأسئلة والاستفهامات وقد يجدد لنا بنية  السؤال  ، هو الشاعر المثقف الواعي أيعقل  أنه لايعرف معنى الغرام ليسأل عنه ، وما هو الجنون؟  حدد لنا  ابو هلال العسكري  معنى الاستفهام طلب الفهم  والسؤال  في عوالم  المعرفة وبلا معرفة  والسؤال قد لا يحتاج الى جواب وانما يكفيه الإيحاء 
( وحده الحب / ضاحك / في الضحايا ) ص39
أدوات  السؤال قد تكون  دلالات معنى مغاير  ، والسؤال لدى الشاعر الصفار أداة تحريض ، تأخذنا  الى السؤال ، وجود السؤال  يعني وجود حراك  نفسي  أي بمعنى  يثير   الداخل الشعري ، التوكيد ( اتراه  يستر  في الضلوع  عقارب  الساعات / كي يسقي  براءة  بسمتي من كأس سقراط /أنتقتها  سوأة  التأريخ  / )
تعود الى  سؤال الذات  وسؤال الموضوع  وأقتران  بعضها  لتولد الحكمة  والثناء  وليس نعم أو لا ( تسائلني نفسي لدى الحلم من أنا ؟ ومن أنت ؟ لم نعرف  الى الان أينا ؟؟/ لننتبه  على شعرية السؤال  على انسانيته   السؤال على معناه ، بعواطفه ومشاعره والانين  على الخسارات التي ابعدتنا عن أفق مسارات الهوية ، السؤال المثير للدهشة (أعدنا لكي نمحو من  الطف طفنا ) ص66 رغم انه من الشعراء  المقلين في  الاستفهام  لكنه يركز في  الاسئلة  يمحور صيرورة المعنى ،أن يأخذ  السؤال  فضاءه  الاكبر شعريا ( ( أ امحوك ؟/ هل تمحى من الروح  روحها ؟/) 76
 يقرأ افكار  العالم كله  في شخص  الشاعر ( كل الدروب  ازورار  حفها القلق / تعوي بأي خطى  في ليلها أثق / )ص83 أيمكن ان يتمتع الشاعر بضيمه وأساه ؟ هل يمكن  أن يحتفي الشاعر بسقمه ( فكم وكم سرت حتى مات في قدمي أفق/ ومات مدى كم ماتت  الطرق ؟ ، ) 84 
 صرت  أؤمن لايمكن أن يكون للعالم طعم دون  السؤال ،




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=199760
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 02 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3