• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : قراءة في كتاب الشيب والشباب في الأدب العربي .
                          • الكاتب : عبد عون النصراوي .

قراءة في كتاب الشيب والشباب في الأدب العربي

لا يخفى على أحد أن الأنسان يمر بمرحلتين عمريتين الا وهما ( الشباب والمشيب ) ولكل مرحلة منهما خصائها التي وهبها الله ، ومن الكتب النادرة والفريدة من نوعها هو هذا الكتاب ( الشيب والشباب في الأدب العربي ) الذي أصدرته مكتبة الكتبي العامة في الهندية وطبع في مطبعة الآداب في النجف الأشرف عام 1972 م لمؤلفه الحاج محمد حسن الشيخ علي الكتبي .
 
وقد قسم الكتاب الى قسمين الأول في الشيب واللحى والخضاب والقسم الثاني الشباب والعذار . وتناول عرضاً بسيطاً لآي من الذكر الحكيم ولمحات قصيرة لبعض الأحاديث الشريفة بمناسبة تعرضهما لذكر الشيب وتبعاته وما يجب أن يعامل به صاحب الشيبة في الأسلام من قبل المجتمع الأسلامي ، ثم لمحة الى ما في القرآن الكريم والسنة الشريفة من أسرار ناطقة وأهداف نابضة بالحياة والدروس والعبر ، وكل ذلك من منبع الأسلام الثر ومعدنه السخي وأفاقه الواسعة ، مستعرضا الكثير من الآيات والروايات المتعرضة للشيب والشباب وما يمت لموضوعهما بأدنى صلة .
 
وأخر ما وضع المؤلف توطئة لموضوع الكتاب وهو بحث كلمتي الشيب والشباب ومشتقاتهما من الوجهة اللغوية وقد أخذ النصوص من أمهات كتب اللغة المعروفة .
 
وفي بداية الكتاب توج المؤلف عطاءه بمقدمة رائعة حمد الله فيها وصلى على رسول الله وآل بيته الأطهار، وغاص في حديثه ليبحر بنا في عوالم الشيب والشباب معززاً كلامه بروايات وأحاديث للنبي المختار ( ص ) وأهل بيته ( عليهم السلام ) والصحابة والتابعين. ووصايا وحكم كثيرة ضمنها مقدمته ، وشيء من التاريخ فيما لم يكن منحازاً لأي الجهتين .
 
وما أن أكمل مقدمته حتى جاء باب الشيب في القرآن وذكر نصوصاً قرآنية بلغت ( 7 ) نصوص منها في سورة مريم (آية /3) (( قال ربي أني وهن العظم مني وأشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك ربي شقياً )) .وفي سورة المزمل ( آية / 17 ) (( فكيف تتقون ، أن كفرتم يوماً سيجعل الولدان شيباً )).
 
وفي باب أخر الشيب في الحديث الشريف الذي ذكر فيه بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي ذكر الشيب فيها ، قال : رسول الله ( ص ) : ( أن الله ينظر في وجه الشيخ المؤمن صباحاً ومساءاً فيقول : يا عبدي كبر سنك ودق عظمك ورق جلدك وقرب أجلك وحان قدومك علي فأني أستحي شيبتك أن أعذبك بالنار ).
 
وفي حديث شريف أخر قال رسول الله ( ص ) : عن الله جل جلاله : ( الشيب نوري فلا أحرق نوري بناري ) .
 
بعدها تناول المؤلف لمحات من القرآن الكريم حول الشيب والشباب ، قال فيها المؤلف أن هناك مرحلتان في حياة الأنسان : أحداهما أتسمت بطابع القوة والأخرى بطابع الضعف ـ على الأغلب ـ ذاكراً خصائص مرحلة الشباب وهي : أولا: القوة الجسدية والتي عبر عنها في قصة موسى ( ع ) حينما أستسقى للبنيتين : ( أن خير من أستأجرت القوي الأمين ) سورة القصص ( آية / 26 ) الذي أستطاع بحيويته وشبابه أن يجذب الدلو الثقيل .
 
ثانياً: قوة الشهوة : وهذه الصفة تكون أقوى ما تكون في مطلع عهد الشباب وهو سن المراهقة . ذاكراً أن هاتان القوتان تحتاجان الجو النظيف والمواكبة الحسنة حتى لا تنحرفا عن أصل وضعهما الغريزي . معززاً رأيه بقصة النبي يوسف ( ع ) حين راودته أمرأة العزيز فأعرض عنها وعن المغريات الأخرى القصر والخدم والسلطة وقال كلمتين خالدتين هما (( معاذ الله )) حتى بعد الترغيب والترهيب وأختار دخول السجن على أن لا يفضل هواه على دينه فينطلق داعياً ( قال رب السجن أحب ألي مما يدعونني أليه ) سورة يوسف آية / 33 .
 
ثالثاً : الأمل بالحياة والبقاء : حيث يظن الأنسان أن حاله هذه ستبقى الى الأبد مع علمه بأنها تزول بدافع الغرور . وهنا يذكر قصة فرعون حين حشر الناس ليوم الزينة وخروا له سجدا فأصابه الغرور والخيلاء فظن أنه أكبر بكثير مما هو عليه في الحقيقة ( فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى ، فأخذه الله نكال الأخرة والأولى ) سورة النازعات آية / 23 / 24 . ثم ذكر المؤلف خصائص المشيب وهي :
 
أولاً : الحكمة وهي أول صفة نلمحها في الغالب فيمن دخلوا هذه المرحلة، ولذا نلاحظ أن جل الأنبياء عليهم السلام بعثوا في هذه المرحلة أو قبلها بقليل .
 
ثانياً : الضعف الجسدي : وسببه توقف الأنقسامات الخلوية وهي الصفة التي تدفع الكثير لتمني الشباب كما يقول الشاعر :
 
الا ليت الشباب يعود يوماً فأخبره بما فعل المشيب
 
والقرآن يشير الى هذه الصفة ، في آيات كريمة منها (( قال رب أني وهن العظم مني وأشتعل الرأس شيباً )) سورة مريم آية / 4 .
 
ثالثاً : ضعف الأمل : بعد أن أذن العمر بالخلاص طبعاً تختلف متعلقات الأمل ، حيث يضعف الأمل في الأمور الدنيوية كما نلمح في قصة أبراهيم وزوجه : ( قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً ) سورة هود آية 72 .
 
وفي باب العلاقة بين الجيلين السابق واللاحق ذكر المؤلف أنه ليس هناك روابط تربوية وعاطفية وتوجيهية بينهما ، ويمكن أرجاع هذا الأمر الى أن الطفل سابقاً حينما كان يبصر النور يجد امامه أمه تنسى كل لذات النوم وأباه ينسى كل لذات الراحة في سبيل توفير السعادة لأبنهما فيتعلق بهما تعلقاً يستحيل عادة أنفصامه ، بينما يولد الطفل اليوم وهو لا يجد أمامه الا العمل في مقابل الأجرة : المربية والممرضة والحليب مع ذلك تبقى الروابط الطبيعية الفطرية التي أودعها الله سبحانه وتعالى لتشد بين الآباء والأبناء .
 
ثم يتناول المؤلف تأثير تربية الآباء في الأبناء : فيذكر أن السبيل الطبيعي هو أن يقوم الأبوان بطبع الطفل بطابع العائلة الخاص ، بعد أن يغذياه بالمفاهيم العقائدية التي يعتقدونها عن قصد أو غير قصد ، والأسلام يجعل الأبناء أمانة في أيدي أباءهم عليهم أن ينشؤهم جيلاً واعياً لمركزه مدركاً لمسؤوليته صائناً لنفسه حافظاً لواجباته ( قو أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ) سورة التحريم آية 6 .
 
وفي العواطف والعقيدة يذكر المؤلف أن من صميم العقائد التي يميزها الأسلام دون ما عداه بأنها تنبع من ذاته في حين تستعيرها المشارب الأخرى من غيرها .
 
وجاء في باب الشيب والشباب في اللغة ذكر العديد من التفسيرات لهذين الكلمتين حيث جاء في ( مجمع البحرين للطريحي بمادة شاب ) : تكرر في الحديث ذكر الشباب وهو _ كسحاب _ جمع شاب ( بالتشديد ) وكذلك الشبان _ كفرسان _ وفي الحديث ( أبن ثلاثين سنة يسمى شاباً ) .
 
وجاء في _ بمادة شيب _ : الشيب والمشيب واحد وعن الأصمعي الشيب بياض الشعر والمشيب دخول الرجل في حد الشيب .
 
أما القسم الأول في الكتاب ( الشيب .. اللحى والخضاب ) .. الباب الأول ( الشيب ) وضمنها هذين البيتين الشعريين :
 
وكل من نام بليل الشباب يوقضه الدهر بصبح المشيب
 
............................
 
ويزجرني الأسلام والشيب والتقى وفي الشيب والأسلام للمرء زاجر
 
وجاء في هذا الباب قصص جميلة ونادرة وطرائف منها : جاء عبد الله بن المعتز ينكر على صاحبته كون الذي بدأ في رأسه شيباً ولذلك جحد دعواها لينفي عليها رأيها ويسد طريق أزدرائها به ، بخلاف غيره الذين أعترفوا بالشيب ، ثم أخذ يحاول منع العائب : أنه يعيبه ويروح يعلل وجود هذه الشعرات البيض بأسباب لا تزيل أثره القائم من عيون الغواني ، وصاحبة أبن المعتز ، فقال هذين البيتين :
 
سدت سريري وأزمعت هجري وصغت ضمائرها الى الغدر
 
قالت : كبرت وشبت قلت لها هذا غبار وقائع الدهر
 
ثم قال :
 
لما رأت وضح المشيب بعارضي صدت صدود مجانب متحمل
 
فجعلت أطلب وصلها بتلطف والشيب يغمزها بأن لا تفعلي
 
وقال أخر ، ولعله أبو نؤاس الشاعر العباسي المشهور مدافعاً عن شيخوخته بما أوتي من سعة البيان ورهافة الحس وترف الخيال :
 
عيرتني بالشيب وهو وقار ليتها عيرت بما هو عار
 
أن تكن شابت الذوائب مني فالليالي تزينها الأقمار
 
وهذه أبيات من قصيدة مشهور نظمها دعبل بن علي الخزاعي ( رحمه الله ) وهي التي فتحت له أفاق الشهرة الأدبية ، حتى يقال أن الرشيد قد أعجب بهذه القصيدة التي أنشدها أحد ندمائه أمامه ، ولما سئل من ناظمها قيل له دعبل ، فدعاه وأجزل له العطاء واليك الأبيات :
 
أين الشباب وأية سلكا لا أين يطلب ضل من هلكا
 
لا تعجبي يا سلم من رجل ضحك المشيب برأسه فبكى
 
قد كان يضحك في شبيبته فأتى المشيب فقلما ضحكا
 
يا سلم ما في الشيب منقصة لا سوقة يبقى ولا ملكا
 
ما أروع وأبدع الجناس الأدبي في البيت الثاني : فالمشيب يضحك برأسه ويسخر به ، وهو بدوره على شبابه المنصرم ، ولذاته التي جرفها المشيب بطوارقه .
 
وفي حادثة أخرى كان أحد الشعراء يرتاد ( حانوت ) وراق ، ويسمع منه شعره ويتمتع بأدبه ، وأسمه ( الحسين ) فحضر يوماً وقد لبس ثياباً بيضاء فاخرة وكان الوراق قد أشعل النار لتوقي البرد ، فظهر أثر الدخان في ثيابه ، وأنقطع على أثر ذلك عن زيارته ، فكتب له الوراق مداعباً :
 
منحت الى ( حسين ) صميم ودي فداعبني بألفاظ عذاب
 
أتى وثيابه كالشيب لونه فعدن له كريعان الشباب
 
وبغضي للمشيب أعد عندي سواداً لونه لون الخضاب
 
وقال الشاعر أبو الفتح محمود المعروف بكشاجم من أهل الرملة بفلسطين ، وهو فارسي الأصل وهو يخاطب من يريد ويحمله تبعات ما أصابه من الشيب بقطيعة وجفاء .
 
لا تنكرن الشيب أنت جنيته بقطيعة وجناية وعتاب
 
لو لم ترعني بالصدود وناره بالشيب طال تمتعي بشبابي
 
وأخر ما نأخذه من باب المشيب هذه الحادثة التاريخية : قيل أنه لما وصل المأمون إلى بغداد وأستقر به المقام ، قال ليحيى بن أكتم وددت لو أني وجدت رجلاً مثل الأصمعي ممن عرف أخبار العرب وأيامها وأشعارها فيصحبني كما صحب الأصمعي الرشيد ، فأحضر له عتاب أبن ورقاء من بني شيبان ، فقال له يحيى : أن المأمون يرغب في حضورك مجلسه وفي محادثته ، فقال : أنا شيخ كبير ولا طاقة لي ، لأنه ذهب مني الأطيبان ، فقال له المأمون لابد من ذلك ، فقال الشيخ : فأسمع ما حضرني ، فقال أقتضاباً .
 
أبعد ستين أصبو والشيب للمرء حرب
 
شيب وسن وأثم أمر لعمرك صعب
 
يا بن الأمام فمهلاً أيام عودي رطب
 
وإذ مشيبي قليل ومنهل العيش عذب
 
فالآن لما رأى بي عواذلي ما أحبوا
 
آليت أشرب راحاً ما حج لله ركب
 
فقال المأمون : ينبغي أن تكتب بالذهب وأعفى الشيخ وأمر له بجائزة .
 
وفي باب أقوال في ذم الشيب ذكر المؤلف عدد من الأبيات والنوادر الشعرية وقد أجاد حقاً في تفرده .
 
جاء في الحديث الشريف ( فاليوم عمل بلا حساب ، وغداً حساب بلا عمل )
 
وقال شاعر :
 
ما رعى ذمتي المشيب ولكن من ترعه الأيام يلقى المشيبا
 
هل أراك الزمان بالشيب مرداً وأراني الزمان بالمرد شيبا
 
قال أبو الخطاب أبن عون الحريري النحوي الشاعر ، أنه دخل على أبي العباس النامي ، قال : فوجدته جالساً ورأسه كالثغامة بياضاً ، وفيه شعرة واحدة سوداء ، فقلت له : يا سيدي في رأسك شعرة سوداء ؟ فقال نعم هذه بقية شبابي وأنا أفرح بها ولي فيها شعر فقلت : أنشدنيه ، فأنشدني :
 
رأيت في الرأس شعرةً بقيت سوداء تهدى العيون رؤيتها
 
فقلت للبيض إذ تروعها بالله الا رحمت غربتها
 
فقلت : ليت السواد في وطن تكون فيه البيضاء ضرتها
 
ثم قال أبو الخطاب : بيضاء واحدة تروع الف سوداء ، فكيف حال سوداء بين الف بيضاء ؟.
 
وللشريف الرضي قصيدة منها :
 
ما لقائي من عدوي كلقائي من مشيبي
 
وبياض هو عند البيض من شر ذنوبي
 
ومما ذكره المؤلف الكتبي من نوادر الشعر في هذا المجال للسيد الشريف الرضي :
 
ليس المشيب بذنب فلا تعديه ذنبا
 
غصب شرخ شبابي بالليل والصبح غصبا
 
وشب شيب عذارى كما أشتهى الدهر شبا
 
أن كنت بدلت لوناً فما تبدلت حبا
 
أو كنت بوعدت جسماً فما تباعدت قلبا
 
وكلما شاب رأسي نما غرامي وشبا
 
أنه كأي شاعر حي ممتلئ بالواقع لا تشيب روحه وأن شاب رأسه وجسمه ، لا بل كلما شاب رأسه وجسمه نما حبه وشب غرامه وأنتهضت أريحيته للحياة .
 
وطرز المرحوم الكتبي هذا الباب من نوادر الشعر لأعظم الشعراء ومنه شعر للشيخ تاج الدين وقد طعن في السن قوله :
 
أرى المرء يهوى أن تطول حياته وفي طولها إرهاق ذل وأزهاق
 
تمنيت في عصر الشبيبة أنثى أعمر ، والأعمار لا شك أرزاق
 
فلما أتاني ما تمنيت ساءني من العمر ما قد كنت أهوى وأشتاق
 
وكان عاقبة ما تمناه : السوء والحزن والأنهيار ، الأمر الذي عكس منيته الى العدم ، وود أنه لم يتمن طول العمر ، حيث تخيل أن ذلك من الخير وكانت عاقبته النزول الى حضيض الضعف والخور وأنغلاق الحياة في وجهه ، ويناسبه الأستشهاد بقول الشاعر :
 
ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
 
وأخر ما أخترناه من هذا الباب لبهاء الدين زهير بعد أن دب الشيب بحاجبيه وصدره يتعشق بفتاة عمياء فيقول وهو يبرر عشقه وهيامه بها بعد لوم وعتاب :
 
قالوا : تعشقها عمياء قلت لهم ما شأنها ذاك في عيني ولا قدحا
 
بل زاد وجدي فيها أنها أبداً لا تبصر الشيب في فودي أذ وضحا
 
أن يجرح السيف مسلولاً فلا عجب وأنما عجبي من مغمد جرحا
 
كأنما هي بستان خلوت به ونام ناطوره سكران قد طفحا
 
تفتح الورد فيه من كمائمه والنرجس الغض فيه بعد ما أنفتحا
 
تتابع في الأبداع ودقة في الوصف في كل من هذه التصويرات الأربعة في الأبيات الأربعة ، فهو يبرر حبه بتلك الفتاة العمياء بذلك الخيال المجنح فقد تفتح ورد الخدود ، ولكن العيون النرجسيات بعد لا تزال براعم غير متفتحة ، وأخذ الشاعر المنهمك يخلو بذلك البستان المتفتح حيث نامت عين ناطوره فيشم ويقبل ويمتص ما شاء له المجال وما وسعه الهوى الحر ، يا لها من نعمة بلا رقيب . ثم تأمل مغزى تعجبه في البيت الثالث ولطف تشبيه عيني الفتاة العمياء بالسيف المغمد ، وكيف يجرح قلوب العشاق وهو في غمده .
 
بعدها ينتقل الى باب الخضاب واللحى ... وقد أورد فيه عدد من الأحاديث النبوية الشريفة وأقوال أهل البيت ( ع ) وفيما جاء فيه من طريق العامة ما رواه مسلم في صحيحه بأسناده ، أن النبي ( ص ) جيء اليه بأبي قحافة يوم فتح مكة وقد أخذ البياض في لحيته وشعر رأسه مأخذه ، فقال النبي ( ص ) : غيروا هذا بشيء من السواد .
 
وللشاعر الأندلسي يحيى بن الحكم البكري الملقب ( بالغزال ) لجماله ، ما حكاه أبو الخطاب أبن دحية في كتاب الطرب :
 
أن الغزال أرسل الى بلاد المجوس وقد قارب الخمسين من عمره وقد وخطه الشيب ، ولكنه كان مجتمع الأشد ، فسألته زوجة الملك يوماً عن سنه ، فقال : ما تنكرين من هذا ؟ ألم تري قط مهراً ينتج وهو أشهب ؟ فأعجبت بقوله ، فقال في ذلك شعراً . وكان أسم الملكة تود :
 
كلفت يا قلبي هوىً متعباً غالبت فيه الضيغم الأغلبا
 
أني تعلقت بمجوسية تأبى لشمس الحسن أن تغربا
 
أقصى بلاد الله من حيث لا يلقى اليه ذاهب مذهبا
 
_ يا تود _ يا ورد الشباب التي يطلع من أزرارها الكوكبا
 
يأبا بي الشخص الذي لا أرى أحلى على قلبي ، ولا أعذبا
 
إن قلت يوماً : أن عيني رأت مشبهه لم أعد أن أكذبا
 
قالت : أرى فوديه قد نورا دعاية توجب أن أدعبا
 
قلت لها : ما باله ؟ أنه قد ينتج المهر كذا أشهبا
 
فأستضحكت عجباً بقولي لها وإنما قلت لكي تعجبا
 
قال : ولما فهمها الترجمان شعر ( الغزال ) ضحكت وأمرته بالخضاب فغدا عليها وقد أختضب وقال :
 
بكرت تحسن لي سواد خضابي فكأن ذاك يعيدني لشبابي
 
ما الشيب عندي والخضاب لواصف الا كشمس جللت بضباب
 
تخفى قليلاً ثم يقشعها الصبا فيصير ما سترت به لذهاب
 
لا تنكري وضح المشيب فأنما هو زهرة الأفهام والألباب
 
فلدي ما تهوين من زهو الصبا وطلاوة الأخلاق والآداب
 
وللحسن بن أحمد الفارسي شعر في الخضاب قال فيه :
 
خضبت الشيب لما كان عيباً وخضب الشيب أولى أن يعابا
 
ولم أخضب مخافة هجر خل ولا عيباً خشيت ولا عتابا
 
ولكن الشباب بدا ذميماً فصيرت الخضاب له عقابا
 
خيال يتكلفه الشاعر بالرغم من الطبيعة ، فحق له أن يقول _ بمقتضى الأسلوب الطبيعي _ ولكن المشيب بدا ذميماً .. ولكنه يريد أن يبرر خضابه المستعجل ، فصور نفسه أنه لا يزال في مرحلة الشباب وأنما خضب عقاباً لشبابه الذميم .
 
فيما قال شاعر أخر لم يذكر له المؤلف أسماً :
 
ما عذر من فقد الشباب وغيرت منه مفارق رأسه بخضاب
 
يرجو عمارة وجهه بخضابه ومصير كل عمارة لخراب
 
ما أشبه هذه الصورة السرابية بتلك العجوز الشمطاء التي يقول فيها الشاعر :
 
عجوز تمنت أن تكون فتيةً وقد يبس المتنان وأحدودب الظهر
 
وجاءت الى العطار تبغي شبابها وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر
 
والحقيقة أن المؤلف المرحوم الحاج محمد حسن الكتبي قد أورد وضمن كتابه النفائس والنوادر من الأشعار حتى أنه في بعض الموارد لا يعرف أسم الشاعر وفي هذا الباب ذكر شعراً لشاعر لم يذكر أسمه في ذم اللحى الطويلة :
 
أذا عظمت للفتى لحية فطالت وجازت الى سرته
 
فنقصان عقل الفتى عندنا بمقدار ما طال من لحيته
 
ولا ندري على أي قاعدة مدروسة هذه التي بنى عليها الشاعر رأيه وأي علاقة للحى بالعقل الا أن يكون في ذلك تحد للعرف المتأمل من حيث الأفراط في الطول ، والأفراط في كل شيء لا يصدر الا عن ضعف الأرادة وعدم التريث العقلي .
 
ولأبي العتاهية وهو يعظ بالشيب وطروقه من ينفعه الوعظ والأرشاد :
 
سبحان ربك ما أراك تتوب والرأس منك بشيبة مخضوب
 
سبحان ربك ذي الجلال أما ترى نوب الزمان عليك كيف تنوب
 
ولأخر مضمناً الأية الكريمة :
 
أنظر الى وجه صديق لنا كيف محا الشوك به البقشا
 
قد كتب الدهر على خده بالشعر :( والليل أذا يغشى )
 
وحق الشباب أن يحزن على فقد شبابهم بلبس الحداد فأنه مفارق بلا رجعة وأياب ، وذلك هو الفقد الممض كما في قول أبو سهل النوبختي :
 
لم أخضب الشيب للغواني أبغي عندهن ودادا
 
لكن خضابي على شبابي لبست من بعده حدادا
 
أخر ما نختاره من هذا الباب الخضاب في الأدب العربي لطانيوس عبده قائلاً :
 
وقالت قد كبرت كما علمنا وأنت اليوم في سن الشباب
 
وقد صارت شعور الناس بيضاً وشعورك مثل أجنحة الغراب
 
ولم تخضب فأين الشيب ولى ألم يك ذا من العجب العجاب
 
فأخبرني بربك كيف هذا فقلت جعلت من حظي خضابي
 
وبعد أن أنهى المؤلف القسم الأول من كتابه ( الشيب والشباب في الأدب العربي ) وضمنه مقتطفات من حقول الأدب العربي وجنائن الفكر الأسلامي التي تعج وتضج بالزخم الهادر من نوادر وقصص وشعر ونثر مع ما هنالك من آيات قرآنية وأحاديث نبوية أنتقل الى القسم الثاني من الكتاب وعنونه ( الشباب .. العذار ) هذه المرحلة التي تعتبر مرحلة واسعة من مراحل الحياة وأفق مترامي الأطراف من أفاق الأدب العربي وأفكاره الحية النابضة ، ونهضة شامخة من نهضات بني الأنسان المتحضر .
 
وقد أفتتح هذا القسم بحكمة للأمام علي ( ع ) وهي : أذا أحتجت الى المشورة في أمر قد طرأ عليك فاستبد ببداية الشباب فأنهم أحد أذهاناً وأسرع حدساً ، ثم رده بعد ذلك الى رأي الكهول والشيوخ ليتعقبوه ويحسنوا الأختيار له فأن تجربتهم أكثر .
 
وحكمة أخرى للأمام الصادق ( ع ) : لست أحب أن أرى الشباب منكم الا غادياً في حالتين : أما عالماً أو متعلماً .
 
وكما هو في قول الشاعر :
 
أن التجارب للشيوخ وإنما أمل البلاد يكون في شبانها
 
وفي باب الشباب تطرق المؤلف الى عدد من المواضيع المهمة في هذه المرحلة العمرية منها ( الفراغ والشباب ) فمن الحكمة والتعقل أن تستخدم ساعات الفراغ وأنت من شباب القرن العشرين كما ذكر في الكتاب .
 
وقد سئل أبو العتاهية مرة : أي شعر أحكم عندك وأعجب اليك ؟
 
قال : قولي الى مجاشع بن مسعدة .
 
علمت يا مجاشع بن مسعدة أن الشباب والفراغ والجدة
 
مفسدة للمرء أي مفسدة
 
وكذلك ( أحفظ شبابك ) وقد تطرق الى هذا الجانب بحكم وأشعار غاية في الروعة حث فيها الشباب على الحفاظ على شبابها وعدم الأنجرار وراء ملذات الحياة مذكراً كما في قول الأمام أحمد بن حنبل :
 
أثنان لو بكت السماء عليهما عينان حتى يؤذنا بذهاب
 
لم يبلغا المعشار من حقبهما فقد الشباب ، وفرقة الأحباب
 
( من نصائح الآباء للأبناء ) باب جميل أبتدأه بالآية الكريمة التي يعض فيها لقمان أبنه وكذلك وصية الأمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( ع ) الى ولده الحسن ( ع ) والتي يوصيه فيها بوصايا ومنها قوله :
 
( يا بني أجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك ، فأحب لغيرك ما تحب لنفسك ، وأكره له ما تكره لها ، ولا تظلم كما لا تحب أن تظلم وأحسن كما تحب أن يحسن اليك وأستقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك ....) .
 
( المرء بأصغريه : قلبه ولسانه ) أحد الأبواب التي تناولها المؤلف في هذه المرحلة العمرية وقد أعطانا فيها وصفاً رائعاً في قصة الغلام وعمر بن عبد العزيز ، حيث قال : دخل على عمر بن عبد العزيز في أول ولايته وفود المهنئين من كل جهة ، فتقدم من وفد الحجاز للكلام غلام صغير لم تبلغ سنه إحدى عشرة سنة ، فقال له عمر : أرجع أنت ، وليقدم من هو أسن منك ، فقال الغلام : أيد الله أمير المؤمنين ، المرء بأصغريه : قلبه ولسانه ، فأذا منح الله العبد لساناً لافظاً وقلباً حافظاً ، فقد أستحق الكلام ، ولو أن الأمر يا أمير المؤمنين بالسن لكان في الأمة من هو أحق منك بمجلسك هذا ، فتعجب عمر من كلامه وأنشد :
 
تعلم فليس المرء يولد عالماً وليس أخو علم كمن هو جاهل
 
وأن كبير القوم لا علم عنده صغير أذا التفت عليه المحافل
 
ولأبي الأسود الدؤلي شعر قال فيه :
 
يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم
 
تصف الدواء لذي سقام وذي الضنى كيما يصح به وأنت سقيم
 
ونراك تصلح بالرشاد عقولنا أبداً وأنت من الرشاد عديم
 
فابدأ بنفسك وأنهها عن غيها فأذا أنتهت عنه فأنت حكيم
 
فهناك يقبل ما تقول ويقتدى بالقول منك وينفع التعليم
 
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك أذا فعلت عظيم
 
وبأبيات شعرية لأمير الشعراء أحمد شوقي بك نختم به هذا الباب قال فيها :
 
خلق الشباب ولا أزال أصونه وأنا الوفي مودتي لا تخلق
 
صاحبته عشرين غير ذميمة حالي به حال وعيشي مونق
 
قلبي ادكرت اليوم غير موفق أيام أنت مع الشباب موفق
 
فخفقت من ذكرى الشباب وعهده لهفي عليك :لكل ذكرى تخفق
 
كم ذبت من حرق الجوى واليوم من أسف عليه وحسرة تتحرق
 
كنت الشباك وكان صيداً في الصبا ما تسترق من الضباء وتعتق
 
خدعت حبائلك الملاح هنيئة واليوم كل حباله لا تعلق
 
هل دون أيام الشبيبة للفتى صفو يحيط به وأنس يحدق
 
كلا وألف كلا _ أيها الشاعر العملاق _ فلا يطيب عيش الأنسان بعد عنفوان شبابه وفتوة لهوه وصباه ، بل هو يتدرج من سيء الى أسوأ حتى يودع نفسه الأخير رهين مرض وهوان وضجيج حجارة ورخام والعاقبة للمتقين .
 
وهنا ننتقل الى باب ( العذار ) وفيه كما في سابقه قد أبدع المؤلف الكتبي الراحل في أختيار القصص والنصوص الأدبية والشعرية الجميلة والنادرة ومن طريف ما طرز به هذا الباب : أن سريةً من الجند جهزها معز الدولة لقتال بعض بني حمدان ، وناط قيادتها بفتى مملوك تركي جميل . فلم يثر إهتمام الوزير الشاعر _ يوم ذاك _ أبو محمد الحسن المعروف بالمهلبي من كل ذلك الا جمال القائد ، فقال فيه :
 
طفل يرق الماء في وجناته ويرق عوده
 
ويكاد من شبه العذارى فيه أن تبدو نهوده
 
ناطوا بمعقد خصره سيفاً ومنطقةً تؤوده
 
جعلوه قائد عسكر ضاع الرعيل ومن يقوده
 
وقد صح ما تنبأ به الوزير الشاعر فكانت الهزيمة نصيب القائد الجميل وهكذا قيل قديماً :
 
شيئان عجيبان هما أبرد من ( يخ )
 
شيخ يتصبى وصبي يتمشيخ
 
وللسيد الشريف الرضي _قدس_ شعر جميل قال فيه :
 
حيرني روض على خده ويلي من ذاك وويلي عليه
 
أي جني يقطف من حسنه وكل ما فيه حبيب اليه
 
نرجسي عينيه أم وردتي خديه أم ريحانتي عارضيه
 
إذا أمكن التمتع _ أيها السيد الجليل _ بمحض النظر الشهي ، فلا حاجة للقطف بتجن وتحد . وغالباً ما يكون الشاعر المرهف الحس نظرياً لا ينزل الى مرحلة المادة والمستوى العملي .
 
ومن أعجب هذا النوع : قول أبن زيلاق في شاب قد خط العذار في وجهه ومعه خادم يحرسه فيقول :
 
ومن عجب أن يحرسوك بخادم وخدام هذا الحسن من ذاك أكثر
 
عذارك ريحان وثغرك جوهر وخالك ياقوت وخدك عنبر
 
وقال أبو تمام حبيب أبن أوس الطائي :
 
راحت غواني الحي عنك غوانياً يلبس نأياً تارةً وصدودا
 
من كل سابغة الشباب إذا بدت تركت عميد القريتين عميدا
 
أحلى الرجال من النساء مواقعاً من كان أشبههم بهن خدودا
 
ما أروع هذه الصورة الشعرية في البيت الثاني أذ أن القوم تركوا عميدهم ( رئيسهم أو أكبرهم سناً ) وتبعوا العميد الثاني الذي هده العشق وبراه .
 
وبنفس المعنى يقول عنترة مخاطباً حبيبته ( عبلة ) :
 
ولقد ذكرتك والسيوف نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي
 
فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم
 
ثم أن الشاعر يرمي الى دقة من الخيال فيغار عليه من شوقه اليه ، وما أشبه هذا المعنى بقول الشاعر القديم :
 
أغار عليه من نظري اليه ومن مر النسيم بعارضيه
 
ثم أن الشاعر يشفق على فم محبوبته الدري أن يدنو من فيه كأس الخمرة النضاري من فرط الحمرة ، فيتلقى الدر بالنضار هنالك : أبتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً والعاقبة للمتقين .
 
وللشيخ حسن العذاري :
 
ويدر ريقه عذب فرات غدا كالشهد أو ماء الحياة
 
أحاط عذاره بفرات فيه وما أحلى ( العذار ) على الفرات
 
ومن ظريف ما ذكره المؤلف الكتبي أن أحد الشعراء أقتبس من مسائل الفقه حيث قال :
 
أقول لشادن في الحسن أضحى يصيد بلحظه قلب الكمي
 
ملكت الحسن أجمع في نصاب فأد زكاة منظرك البهي
 
فقال : ( أبو حنيفة ) لي أمام يرى أن لا زكاة على الصبي
 
وأن تك مالكي الرأي أو من يرى رأي الأمام الشافعي
 
فلا تك طالباً مني زكاة فأخراج الزكاة على الولي
 
تلك معان ومضامين فقهية مطعمة بطرافة الأدب الرفيع تنهض بالشعر الى أوج مراقيه وتدل على سيطرة الشاعر على أخضاع الأسلوب الأدبي أن يتسم أهدافاً علمية فيبدع فيها من حيث الصورة والأطار .
 
وفي خاتمة كتابه أدرج المؤلف الراحل الحاج محمد حسن الكتبي بيتين من الشعر ختم بها :
 
فرغنا من كتابته عشياً وكان الله في عوني وليا
 
وقد أدرجته نكتاً حساناً ومعنى يشبه الرطب الجنيا
 
وقد وضع في نهاية الكتاب تقاريظ الذين أطلعوا على الكتاب قبل طبعه ومنهم السيد حسين بحر العلوم فقال فيه أبيات من الشعر نذكر بعضها :
 
وتطلعت في الكتاب ، وفي العنوان نوراً على جبين الكتاب
 
ثم حدقت في أسم من لملم النور بحسن التأليف والأقتضاب
 
ثم بعثرتها صحائف ماجت بفنون العلوم والآداب
 
صفحات كأنها كؤس الخمر تشظت حروفها كالحباب
 
صورت لي أقلامها كل شيخ في الحجى ينتخي بروح الشباب
 
وشباب تمشيخت فيه أحلام فتاه ، فعاد واهي الرغاب
 
وحصيل الأثنين كهل الأماني مرن الرأي ، مرهف الأعصاب
 
وكذلك تقريظ للعلامة الجليل السيد هادي كمال الدين من الحلة :
 
محمد حسن الكتبي جاء لنا بخير سفير يروق الناس أسلوبا
 
قد أنبرى لصفات الشيخ يفضحها لكنه أعجب الشبان والشيبا
 
لقد أتى كأسمه تأليفه ( حسناً ) يرى به طالب التهذيب تهذيبا
 
لله در يراع صاغه درراً أو الأزاهير وافت تنضح الطيبا
 
أتى الكتاب دليلاً في فطانته فقد أجاد به بحثاً وتنقيبا
 
وهنالك تقريظ للأستاذ الجليل السيد أحمد القزويني من الهندية :
 
تمثلته والسفر بين أناملي أقلب أوراقاً تسامت على البتر
 
حوى كل منظوم من الشعر رائق الى جنب ما يزهو به السفر من نثر
 
فجاء كما أرجوه سفراً تكاملت مقاصده حتى تحدى حلى الدهر
 
به سلوة للنفس طوراً وتارة به عبر تأنيك من حيث لا تدري
 
له نهد ( الكتبي ) وهو مؤهل لجمع تراث زانه محكم الذكر
 
أخو أدب حلو الحديث وقد ترى حلاوته تبدو على أسطر السفر
 
وأخر التقاريظ كان للأستاذ الجليل عبد الهادي الشرقي من قضاء الحي نذكر بعضه :
 
أخا القلب يا خافقاً يحدب ويا طلعة البشر أذ تقرب
 
ويا ساحر الساهرين الصحاب ويا نفخة العود أذ يلهب
 
سهرت الليالي ببذل الجهود وكأس الحياة لمن يتعب
 
وأنجبت سفرك وهو الجليل ثرياً وأبحاثه تطرب
 
فيالك من جامع مبدع لضدين في حومة ترهب
 
ربيع الشباب وفجر المشيب بسفر هو الثمر الطيب
 
أتمنى أن أكون قد وفقت في أعداد ما أستطعت من خلال قراءتي لهذا الكتاب الرائع والذي يعد مصدراً للباحثين والدارسين ، وأن أكون قد أديت بعض الذي علي تجاه هذا الرجل العظيم المرحوم الحاج محمد حسن الشيخ علي الكتبي وولده المفضال الحاج علاء الكتبي راجياً من الله التوفيق .
 
(( الكتبي في سطور ))
 
الحاج محمد حسن الشيخ علي الفتلاوي ، وقد غلب عليه لقب الكتبي لأنه أسس مكتبة لبيع الكتب والصحف في أوائل شبابه في مدينة الهندية تعرف بأسم ( مكتبة الفخار ) ، وقد ولد في قضاء الهندية ( طويريج ) عام 1912م _ 1331هـ ، نشأ وترعرع في كنف والده في هذه المدينة وصقل مواهبه في المنتدى الأدبي الذي كان يقيمه والده ويحضره العلماء والشعراء والأدباء ...الخ .أكمل دراسته الأبتدائية والمتوسطة في مدارس الحلة والثانوية في مدرسة شماس ببغداد والتحق بكلية الحقوق وسرعان ما فصل منها لأنضمامه الى أحد الأحزاب الوطنية .
 
له علاقات واسعة مع علماء النجف وكربلاء وبابل وبغداد ، وأنشأ جامع كبير في الهندية وساهم بأنشاء جوامع أخرى ومشاريع خيرية ، كما وأسس مجلساً أسبوعياً أطلق عليه ( مربد الكتبي ) . أما مؤلفاته فهي كتاب ( من حكم وأحكام أهل البيت (ع ) ، وكتاب ( الشيب والشباب في الأدب العربي ) وكتاب ( ذكرى أفتتاح مسجد ومكتبة الكتبي العامة ) ومخطوطات أخرى عديدة ، توفي رحمه الله في عام 1978 م في مدينة الهندية .
 
* مدير تحرير جريدة أنوار كربلاء 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=20047
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 07 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29